محمد شتاتو: التوجّه الأمريكي نحو تصنيف الإخوان المسلمين "إرهابيين" يهدّد حضور الأحزاب الإسلامية ويغيّر قواعد اللعبة الإقليمية

محمد شتاتو: التوجّه الأمريكي نحو تصنيف الإخوان المسلمين "إرهابيين" يهدّد حضور الأحزاب الإسلامية ويغيّر قواعد اللعبة الإقليمية محمد شتاتو
يقدم محمد شتاتو، الأستاذ الجامعي والمحلل السياسي المتخصص في الشؤون الدولية والحركات الإسلامية، قراءة لتوجه الإدارة الأمريكية نحو تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كتنظيمات إرهابية.
ويوضح شتاتو خلفيات التحول الغربي تجاه الإسلام السياسي وانعكاساته المحتملة على الدول العربية، وعلى حضور الحركات الإسلامية في المجالين السياسي والدعوي، إضافة إلى السيناريوهات المحتملة في حال تطبيق القرار فعلياً.
 
 
+ كيف يمكن قراءة توجه الإدارة الأمريكية نحو تصنيف بعض فروع جماعة الإخوان المسلمين كتنظيمات إرهابية؟ وهل يعكس ذلك تحولاً في المقاربة الأمريكية تجاه الإسلام السياسي أم مجرد توظيف ظرفي للملف في سياق تشريعي وانتخابي؟
-يمكن القول إن الحرب التي شنتها إسرائيل وأمريكا والدول الغربية على غزة وعلى حماس، جعلت الولايات المتحدة الأمريكية والغرب بصفة عامة ينظرون إلى الإخوان المسلمين والأجنحة الإسلامية والأحزاب الإسلامية، كخطر على الثقافة وعلى الحضارة الغربية. أظن أن هناك تغيّراً الآن في الإدارة الأمريكية، بحيث إن هذه الإدارة ترى أن الإخوان المسلمين في مصر وفي كل جهات العالم الإسلامي، يعدّون خطراً سياسياً واقتصادياً وثقافياً وحضارياً على الدول الغربية بصفة عامة.
هذا المعطى هو الذي دفع الولايات المتحدة الأمريكية إلى سنّ قوانين جديدة بخصوص هذه التنظيمات، وخاصة تنظيم الإخوان المسلمين في مصر وحماس وكل من يدين بفكر الإخوان المسلمين في مختلف مناطق العالم. وهناك بعض الأحزاب الإسلامية التي تُعرف بأنها أحزاب تقبل الهيمنة الأمريكية والغربية، وهذه الأحزاب ربما لن تُقوّضها أمريكا بهذا القانون، وربما ستتعامل معها بصفة خاصة أو كأحزاب ذات مرجعية إسلامية تقبل الثقافة والحضارة الغربية.
 
+ ما هي أبرز الانعكاسات المحتملة لهذا القرار على العلاقات الأمريكية مع الدول العربية، خصوصاً تلك التي تحتضن أجنحة سياسية أو جمعيات مرتبطة بفكر الإخوان المسلمين؟ وهل يمكن أن يؤدي القرار إلى إعادة اصطفافات إقليمية؟
-هذه القوانين الجديدة بخصوص الأحزاب الإسلامية طبعاً لن تؤثر كثيراً على الدول الإسلامية والدول العربية بصفة عامة، لأن الكثير من الدول العربية ربما تريد هذا القانون، وربما تريد أن تقوم أمريكا بتقويض الأحزاب السياسية والحركات السياسية في العالم الإسلامي والعالم العربي، لأنها حركات في حد ذاتها تعدّ خطراً على الأنظمة العربية، وخاصة بعد الربيع العربي، لأنها ظهرت كقوة خلال الربيع العربي وربما حاولت الوصول إلى الحكم كما وقع في تونس وكما وقع في دول أخرى في المنطقة العربية.
وهذا في حد ذاته يعدّ مشكلاً كبيراً بالنسبة لأمريكا وبالنسبة للغرب. فإذن الغرب يتبرّأ بصفة عامة من هذه القوى السياسية الإسلامية والإسلاموية التي يمكن أن تلحق به أضراراً. ونحن نرى أن حماس ألحقت أضراراً كبيرة بإسرائيل خلال حرب دامت سنتين ولم تتوصل إسرائيل إلى أي نتيجة خلال هذه الحرب. وما زالت قضية حماس موضوعة في النقاش بما يخص الوضع في فلسطين.
 
+ هل سيقتصر التصنيف على العقوبات المالية وتجفيف مصادر التمويل، أم يمكن أن يؤدي إلى ملاحقات قضائية وتنقلات سرية للقيادات؟ وكيف سيؤثر ذلك على شبكات التنظيم الدولي خارج الشرق الأوسط؟
-غالباً ما أظن أن ما تريد أمريكا هو تجفيف الموارد المالية والأمور التي تؤدي إلى تمويل الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي، لأن تجفيف هذه الأموال أو منابعها هو في حد ذاته القضاء على الحركة الإسلامية، ولن تتمكن مستقبلاً من القيام بأي عمل سياسي في الدول العربية أو في الدول الإسلامية.
وأنا لا أظن أن تكون هناك ملاحقات قضائية في المستقبل، إلا إذا رأت أمريكا أن هذه الملاحقات ضرورية للقضاء على الحركات الإسلامية في العالم الإسلامي. وربما في هذه الحالة ستكون هناك ملاحقات قضائية في العالم بخصوص الحركات الإسلامية.
 
+ إذا تم تطبيق التصنيف الأمريكي بشكل شامل، هل يمكن أن يؤدي ذلك إلى تهميش القوى السياسية ذات المرجعية الإسلامية داخل بلدان مثل المغرب وتونس؟ أم أنه سيخلق فجوة جديدة بين العمل السياسي والدعوي؟
-طبعاً إذا طبّقت أمريكا هذه القوانين وطبّقتها كذلك الدول الغربية وخاصة الدول الأوروبية، فإن هذا سيؤدي لا محالة إلى القضاء، في الجانب السياسي، على القوى الإسلامية في العالم العربي وفي العالم الإسلامي. وهذه القوى الإسلامية قد وصلت في السنوات الأخيرة، خاصة بعد الربيع العربي، إلى الحكم ووصلت إلى أهمية كبرى في العالم الإسلامي، وذلك في شمال إفريقيا وكذلك في المشرق العربي وفي دول أخرى كتركيا وإيران وغيرهما.
ولكن الآن نرى أن هذه القوى الإسلامية تعدّ خطراً كبيراً على الغرب، ويريد الغرب القضاء عليها، وطبعاً يريد القضاء على إيران كقوة إسلامية وكذلك على تركيا، علماً أن هذه الأخيرة وصلت إلى درجة من التقدم العسكري والاقتصادي تجعل منها قوة كبيرة في المنطقة، ونفس الشأن ينطبق على إيران.
 
+ في حال تم التصنيف فعلاً، هل تتوقعون ظهور مسارات جديدة مثل إعادة التموضع، تغيير الخطاب السياسي، أو التحول نحو العمل المدني غير المؤطر تنظيمياً؟ وكيف ستتعامل الأنظمة السياسية مع هذه التحولات؟
-أظن أنه سيكون هناك تغيير في الخطاب السياسي الغربي بالنسبة للأنظمة العربية والإسلامية، وكذلك بالنسبة للأحزاب الإسلامية والحركات الإسلامية. وهذا التغيير في الخطاب سيؤدي لا محالة إلى تقويض قوة هذه المنظمات وهذه الحركات وهذه الأحزاب، اللهم إذا كانت هذه الأحزاب تبقى في إطار ما يسميه الغرب بالديمقراطية وما تسميه أمريكا بالديمقراطية الغربية والعولمة الغربية. في هذه الحالة ستتعامل مع هذه القوى في المجال السياسي وفي المجال الحضاري.