محمد عزيز الوكيلي: ربما قد آن أوان تغيير الجزائر لانتمائها الشمال إفريقي بغيره!!

محمد عزيز الوكيلي: ربما قد آن أوان تغيير الجزائر لانتمائها الشمال إفريقي بغيره!! محمد عزيز الوكيلي
يعجز المرء فعلا عن وصف سلوك النظام الجزائري ليس قبل صدور القرار 2797 عن مجلس الأمن الدولي، الذي أفقده توازنَه العقلي والانفعالي في إبانه، بل بُعَيْدَ صدور هذا القرار، وحتى بعد نشر منظمة الأمم المتحدة في موقعها الرسمي لصيغتِه الرسمية، المترجَمة إلى اللغة العربية، حائلةً بذلك دونما دَرَجَ عليه ذلك النظام من تفسيرات وتأويلات تلوي أذرع اللغة، وتَكْسِر عنق الأدبيات السياسية والقانونية، لتُنتج من ذلك ما يَطِيبُ له خاطِرُها، و"طزّ" في عقول جهابذة القانون الدستوري والسياسة الدولية، وكل المحللين والباحثين والمتتبعين في كل بقاع المعمور!!
 
الجزائر يا حضرات، ولا أقول نظامها فحسب، اعتبرت مسألة الوحدة الترابية المغربية خنجراً مسموماً منغرساً في كرامتها وسيادتها الوطنية، بعد أن جعلت من البوليساريو وجمهوريته الفضائية بكارتَها، وعنوانَ عُذريتِها، وشعارَ سياساتِها وأنشطتِها الخارجية، ولأجل ذلك ظلّ النوم يهجر عيونها مختلفة الألوان، من جراء اختلاف الأجناس والأعراق المتشاكسة داخل لحمتها الوطنية غير المتجانسة، بين بربر وعرب وفينيقيين ورومانيين وفيكينغ، ثم بين أتراك قوقازيين وكرغوليين، وبين فرنسيين من أحفاد "أستريكس وأوزيريكس" (مع الاعتذار لمبدع هذه الأسطورة الساخرة والمسلية !!!)، ولماذا كل ذلك؟.. لأن المغرب يستعمل خريطته الوطنية كاملة من طنجة إلى الغويرة، وإن كانت في حقيقتها منقوصة، في انتظار استرجاع صحرائه الشرقية ومدنتيه المحتلتين من لدن الجارة الصديقة اللذوذة المخلصة إسبانيا، ومعها باقي الجزر والثغور، بما فيها جزر الكناري نفسها، والتي لم تستطع إسبانيا أن تروّض أهاليها وتُدخِلَهم تحت تاجها الملكي فمنحتهم صاغرةً صفةَ "الحكم الذاتي"، كما نعلم جميعاً، وقد قرأتُ بالأمس فقط، عن خبر استعداد المغرب للمطالبة رسميا بجزر الكناري، وقرأتُ بالمناسبة ذاتها عن تخوّف إسباني رهيب من تفعيل هذه الفكرة، أكثر من تخوف جارتنا الإيبيرية من المطالبة باسترجاع سبتة ومليلية بذاتَيْهِما... وبطبيعة الحال، فالرَّحِم الإسبانيُّ لا صلة له بهاتين المدينتين، ولا بالجزر المذكورة، وإنما هو الطمع الاستعماري القديم والدفين في استنزاف خيرات المنطقة لحساب الخزينة الإسبانية !!
 
كنت أقول إن الجزائر استفاقت من جديد بعد ضربة قرار مجلس الأمن 2797 القاضية، على هوس "السيادة الوطنية" التي من الأغرب والأعجب أنْ يطالها الضرر بسبب الاستعمال المغربي المشروع لخريطته الوطنية الشاملة لأقاليمه الجنوبية، وكأنّ مجلس الأمن بإقراره لواجب التفاوض في إطار "الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية" كان يعني سيادةً أخرى لا أثر فيها لتلك الخريطة... ياااا الله، كم هو عظيمٌ وفظيعٌ هذا الغباء!!
 
الأغرب من مكامن ومظاهر هذا المرض العضال، الذي استحكم من "السيادة الوطنية للجزائر" إلى درجة تجعلها تلتصق بجغرافيا جيرانها، أن هذا الوباء العقلي والنفسي والمفاهيمي لم يقف عن حدود بهلوانات السياسة والبلوماسيا والإعلام "الراشدين" في ذلك البلد، إن كان فيه "راشدون" بالفعل، بل شاهدناه، بالأمس فقط، ينتقل بعدواه إلى لاعبات كرة القدم بالفريق الجزائري للبراعم، أو لأقل من 17 سنة، حيث كان مسطّرا أن يقابل هذا المنتخب نظيرَه المغربي، وأنه شرع بالفعل في بدايات المباراة، قبل أن يتوقف فجأة عن اللعب، لتُعلن لاعبةٌ جزائريةٌ في عمر الزهور والفراشات عن تلقّي فريقها لأوامر عبر الهاتف من جهات جزائرية عليا ونافذة، تأمرهنّ فيها بالتوقف عن اللعب، إلى أن تغيّر عضوات الفريق الوطني المغربي قمصانهن الحاملة في صدرياتها لخريطة المغرب، "الكاملة مؤقتاً"، من طنجة إلى الغويرة، في انتظار المزيد من الاكتمال والاتساع المشروع للخريطة ذاتها... وأضافت الصغيرة المسكينة معلقةً: "نحن هنا في بلادنا ولن نقبل بأي مساس بكرامتنا" (!!!).
 
بالله عليكم، كيف يدفع "مزاليطُ السياسة" هؤلاء فتياتٍ لا يفقهن في السياسة، ولا في مكائد النظام العجوز والكسيح وعدوانيته وعدائه غير المبرّرَيْن، ليَقُلْنَ كلاماً ثقيلاً مثل هذا لا يُدركن دلالاتِه ولا أبعادَه، وقد جِئْنَ إلى ساحة الملعب ليمارسْنَ نشاطاً رياضياً، شريفاً، يُفترَضُ بالعقل والمنطق أنه بعيد كل البعد عن مفاهيم الجغرافيا السياسية والسيادة الوطنية؟!
 
في نظري المتواضع، فهؤلاء العجزة بلغ بهم وباء "الماروكوفوبيا" درجةً فوق طاقة البشر، ولذلك رضَوْا بأن يحوّلوا ذواتهم إلى كائنات وأشياء أخرى غير بشرية، حتى يتسنى لهم حمل ذلك الوزر والتباهي به بين الدول، رغم أنه قمين بأن تختفي الرؤوس من جرّائه في الوحل وتحت التراب، وليس بالاعتزاز به في صورةِ "نيفٍ" تحركه عجرفةٌ زائدةٌ وفارغةٌ من الأكيد أنها تُشكّل الآنَ، وقبلَ الآن وبَعدَه، مادةً للتفكُّه والاستهزاء قارياً وجهوياً وعالمياً!!
 
ويبقى السؤال حائراً وحرجاً في الآن ذاته:
 
"هل ينبغي على هذه الجزائر بهذه الحالة الوبائية المستعصية، أن تبحث لها عن انتماء آخر، غير فضائنا المغاربي والعربي والمتوسطي والإفريقي، وحتى العالمي... الذي صار أكثر إيمانا بعدالة قضيتنا الوطنية، وبكون تذليل العوائق والصعاب القائمة - افتعالاً - دون تكريسها الفعلي على أرض الواقع، لا يمكن أن يتم إلا في ظل سيادتنا الوطنية نحن أصحاب الأرض، والتي لا علاقة لها من قريب ولا من بعيد بالسيادة الوطنية للجزائر كما يدعي نظامها الغريب"؟!
 
"ألا يكفيها أنها تعيش خارج التاريخ، وخارج الجغرافيا الأرضية والسياسية، وخارج الواقع القاري والجهوي والدولي، وأنها فعلاً تتعامل معنا، جميعُنا، من فضاءات وبمعاييرَ تنتمي إلى عالَم آخر"؟.. عجبي!!!
 
إطار تربوي متقاعد، إطار تربوي متقاعد