اعتبر محمد أوجار، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، أن لحظة تشكيل الحكومة تكشف “التحدي الحقيقي”، إذ تجد الأحزاب نفسها عاجزة عن تنفيذ الأولويات والبرامج لأنها ترث بيروقراطية ثقيلة تتحكم فيها “الدولة العميقة”.
وأوضح أوجار، في ندوة وطنية بعنوان “تحولات الحقل الحزبي المغربي”، أن الكُتّاب العامين والمديرين “لا يتبعون الوزير بشكل فعلي”، وهو وضع يرى أنه ليس جديدًا، قائلاً: “هذا شيء ورثناه منذ كان وزير الداخلية الأسبق الراحل إدريس البصري يعرقل عمل حكومة التناوب”.
وأشار أوجار إلى أن الأمر يشمل أيضًا الجماعات ومجالس الجهات المنتخبة، حيث “تكون سلطاتها محدودة”، وتدار “فعليًا” من طرف العمال والولاة، رغم أن المنتخبين هم الذين يُفترض أن يتحملوا مسؤولية التدبير.
تصريح أثار جدلاً كبيرًا وسط الرأي العام الذي يتساءل عن مراميه وخلفياته، وما إذا كان معزولًا أم لدواعٍ انتخابية ولإعادة خلط الأوراق، لأن تبرير تحكم الولاة والعمال في الميزانيات المخصصة للتدبير والتسيير لا ينفي مسؤولية منتخبين قبلوا بشروط اللعبة، ولا يبرر إطلاقًا هدرهم للمال العام ونهبه، كما كشفت ذلك العديد من تقارير المجلس الأعلى للحسابات ومفتشيات وزارة الداخلية والمالية التي رصدت خروقات كبيرة في تدبير مالية الجماعات الترابية.
كما لا ينفي تصريحه شبهات العديد من المنتخبين الذين اغتنوا حدّ التخمة بفعل صفقات مشبوهة وقعوا عليها أو لعبوا دور الوساطة فيها. وما أغفله كذلك أوجار في تصريحه هو ما يمكن اعتباره تضاربًا في المصالح أو ما قد يشكل عرقلة للسير العادي لهذه المؤسسات الترابية. فكيف يمكن لأخنوش أن يكون رئيسًا لجماعة أكادير ورئيسًا للحكومة؟ وكذلك الشأن بالنسبة للمنصوري، وزيرة السكنى والتعمير وعمدة مراكش، ووهبي وزير العدل ورئيس مجلس جماعة تارودانت.
بمعنى أن المشهد السياسي والحزبي في المغرب فقد معناه، لأن الأحزاب تحولت من مؤسسات للتأطير والتعبئة إلى مقاولات ودكاكين توزع التزكيات الانتخابية في كثير من الأحيان لمن يدفع أكثر، ولا تأبه لماضي هؤلاء ولا لسيرتهم وسلوكهم، وكل ما يهم هو عدد الأصوات المحصل عليها، أياً كانت الطريقة.
وقد كان عمر بن الخطاب أصدق القائلين حين قال: “حاسِبوا أنفسكم قبل أن تُحاسَبوا”، بمعنى أنه يمكن توجيه اللوم للولاة والعمال فقط إذا كانت الأحزاب مستقيمة.