خالد أخازي: خرجة " عوجة" أخرى ل " برادة: الزحف نحو المدارس الرائدة.. وإعدام للمدرسة العمومية....وجهل موجع

خالد أخازي: خرجة " عوجة" أخرى ل " برادة: الزحف نحو المدارس الرائدة.. وإعدام للمدرسة العمومية....وجهل موجع خالد أخازي
خويا... برادة... مالك عوتاني على هذ الخرجة العوجة...
ها العار بقى دير الوساخ وتعطيه لشي مدير مركزي يصحح لك المعطيات...
مدير... مركزي ولد الحرفة... ما شي" طبال ولا مداح ولا متخصص في زرع الألغام"
واش عرفت آش قلت...
ريبتي كل شي بدعوة لا منطق فيها ولا " مهنية"... كأنك تتحدث عن الدواء الجنيس مقابل الدواء الأصلي..
كأنك في سلسلة انتاج الحلوى، حيث يغيب البعد الإنساني في تقييم الجودة...
دابا عوتاني... غادي تقول لنا" ما قلت والو"... بحال خبيرة معادلة 80= 1
ونحن الذين لا نفهم ما في عقولكم...
واش عرفت أش قلت؟
قلت :
أيتها الأسر الفقيرة..
 حضروا أولادكم وزادكم ،  الوزير برادة أطل علينا أخيرا  بحله العجيب، حاملا وصفة سحرية لحل كل مشاكل التعليم في المغرب. الحل عنده بسيط جدا، ولا يحتاج لا تخطيط، ولا دراسة، ولا خريطة مدرسية، ولا حتى النظر إلى الواقع على الأرض:
"انقلوا أولادكم من المدارس العادية إلى المدارس الرائدة… ولو كانت تبعد نصف ساعة أو ساعة أو أكثر… دبروا النقل المدرسي… أفرغوا المؤسسات… وازحفوا زحفًا نحو مدارس الريادة.."
الله يا ودي... واش الخريطة المدرسية...  تتعرفها ولا لا...
والرافد.... وخدمة المصالح... من التوقع إلى التعديل والإعداد وفق مؤشرات بنيوية... بشرية....ديموغرافية...
في الميكروفون، يبدو الأمر وكأنه جهد لإنقاذ المستقبل التربوي، لكن الحقيقة تكشف عن فوضى  لن يتوقعها الوزير..، أو بالأحرى فوضى مُدبرة بالجهل. فوفق هذا المنطق العجيب، لم تعد الجودة قريبة من البيت، بل في طول الطريق وكثرة المشقة اليومية. الرسالة المبطنة واضحة للأسر الفقيرة: "تتحملوا التعب أو ودّعوا أحلام التعليم الجيد لأبنائكم!"
لنقف قليلا ...عند الحقيقة: هذا النداء ليس مجرد اقتراح عشوائي، بل صاعقة على كل منظومة التعليم. يبدو أن الوزير لم يسمع يوما عن الخريطة المدرسية، تلك الأداة الأساسية التي تحمي التوازن بين المؤسسات التعليمية، وتبدأ من التوقع المبكر للموسم الدراسي، مرورا بجمع البيانات حول أعداد التلاميذ والأساتذة والطاقة الاستيعابية، تحليل الكثافات والفائض والخصاص، التخطيط لتوزيع التلاميذ والأساتذة، تنظيم الجداول، تهيئة موسم دراسي وفق معطيات تحين كل لحظة..، ثم تعديلات دقيقة قبل وأثناء الموسم الدراسي.
كل مرحلة من هذه المراحل الدقيقة تستغرق شهورا من العمل والخبرة،  فهي لا تنجز بكبسة زر أو تصريح وزاري سريع. الخريطة المدرسية ليست مجرد نداء سريالي.. بل هو خطة علمية تحفظ توازن المؤسسات، وتضمن استغلال الموارد البشرية والمادية بطريقة عادلة وفعالة، وتستشرف الاحتياجات المستقبلية، سواء فتح أقسام جديدة، توسيع مدارس، أو دمج بعض المؤسسات عند الضرورة. إنها الصمام الذي يمنع الفوضى ويضمن الانسجام بين البنية التحتية والأساتذة والتلاميذ.
لكن وزيرنا يختزل كل هذا في عبارة واحدة: "سافروا نصف المغرب لتلحقوا بأفضل مدرسة..." النتيجة الطبيعية ستكون كارثية: مدارس عادية تفرغ من تلاميذها: أقسام فارغة، أساتذة يشعرون بالغبن والإهانة بعد سنوات من العمل الشاق، موارد مادية وبشرية تهدر، وربما تُغلق بعض المؤسسات في المناطق النائية بشكل رمزي أو فعلي.
مدارس رائدة تغرق بالاكتظاظ: الأعداد الهائلة من التلاميذ تفوق الطاقة الاستيعابية، المعلم الجيد يُرهق، العملية التعليمية تتراجع، والجودة تتحول إلى مجرد شعار بلا مضمون.
فقدان التوازن التربوي: جميع الخطط التي بُنيت بعناية، من توقع الاحتياجات إلى التعديل النهائي للموسم الدراسي، تُلقى عرض الحائط. كل معايير توزيع التلاميذ والأساتذة تُلغى، ويصبح التعليم لعبة عشوائية بلا قواعد.
الأخطر من ذلك أن الخطاب يحمل إهانة صريحة لرجال ونساء التعليم، وكأن بعض الأساتذة من مدارس الريادة "أفضل" والبقية "ضعفاء"، متجاهلا سنوات الخبرة والصمود في القرى والأحياء الشعبية. آلاف الأساتذة الذين يكافحون يوميًا في ظروف صعبة يهمشون، ويُترك الأطفال الفقراء أمام معادلة مستحيلة: السفر الطويل يوميًا أو القبول بتعليم أقل قيمة لأبنائهم.
وإذا أضفنا إلى ذلك الجوانب النفسية والاجتماعية، ستصبح كارثة مزدوجة: أطفال صغار يجبرون على السفر لمسافات طويلة، يفقدون الراحة والاستقرار، ويعيشون ضغطًا نفسيًا إضافيًا قبل أن يبدأوا التعلم. المدرسة، التي يفترض أن تكون فضاء للحق في التعلم والحياة الكريمة، تتحول إلى محطة استنزاف جسدي ونفسي، خصوصًا لمن ينتمون إلى الأسر الفقيرة.
أما على صعيد الفوارق الاجتماعية، فالنتيجة واضحة: التعليم يتحول إلى امتياز إضافي لمن يستطيع تمويل النقل وتحمل أعباء السفر اليومي، بينما تترك الأسر الفقيرة أمام مستحيل مزدوج: لا المدرسة القريبة محترمة، ولا المدرسة البعيدة في المتناول. التعليم، الذي يفترض أن يكون أداة لكسر حلقات الفقر وتعزيز العدالة الاجتماعية، يتحول إلى وسيلة لتكريس التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية.
والأدهى أن جهل الوزير يمتد إلى أدق تفاصيل تهيئة الموسم الدراسي: لا توجد متابعة دقيقة للأقسام الجديدة، لا تنظيم فعلي للجدولة، ولا تقييم مستمر للموارد البشرية، ولا تعديلات تراعي الواقع الميداني. كل شيء يبدو وكأنه يترك للصدفة، بينما كل خطوة في إعداد الموسم الدراسي تحتاج إلى تنسيق محكم بين المصالح، الأساتذة، ومختلف الفاعلين..
نداء الوزير برادة لا يصلح التعليم، بل يدمره: يفرغ المدارس العادية، يغرق المدارس الرائدة بالاكتظاظ، يهدر الموارد، يهمش الأساتذة، ويترك الأسر الفقيرة أمام معادلة مستحيلة. هو خطاب جهل مطلق بكل مراحل التخطيط التربوي، من التوقع إلى التعديل والتنزيل، يضرب الخبرة العلمية والفنية التي بني عليها الموسم الدراسي على مدى سنوات.
الرسالة بين سطور الوزير واضحة، لكنها كارثية: "لا تراهنوا على إصلاح المدرسة العمومية، لا تدعموا الأستاذ في الدوار، لا تهمنا الخريطة المدرسية…  راهنوا على الفوضى...
فقط سافروا نصف البلاد يوميا لتسجلوا طفلكم في المدرسة الرائدة!"
بهذه العبقرية المذهلة في التوصيات، يدمر التعليم المغربي، تضاعف الفوارق الاجتماعية، ويهدر كل عمل دؤوب استمر لعقود، يترك الأطفال والأساتذة ضحايا عبثية سياسية تفتقر إلى أدنى مقومات التخطيط المعقلن.
الله يهديك... راك لو كنت ولد الدار غادي تعرف... أن ما قلته مستحيل.... وتخربيقة...
خالد أخازي، كاتب وإعلامي