الأنتربول فـي مراكش.. اعتراف عالمي بالدور المغربي

الأنتربول فـي مراكش.. اعتراف عالمي بالدور المغربي عبد اللطيف حموشي المدير العام للأمن الوطني والمديرية‭ ‬العامة‭ ‬لمراقبة‭ ‬التراب‭ ‬الوطني
يشكل‭ ‬احتضان‭ ‬مدينة‭ ‬مراكش‭ ‬للدورة‭ ‬93‭ ‬للجمعية‭ ‬العامة‭ ‬للإنتربول‭ ‬(التي‭ ‬تضم‭ ‬في‭ ‬عضويتها‭ ‬196‭ ‬دولة)‭  ‬تتويجا‭ ‬لمسار‭ ‬طويل‭ ‬من‭ ‬العمل‭ ‬الأمني‭ ‬والدبلوماسي‭ ‬الذي‭ ‬رسخه‭ ‬المغرب،‭ ‬وهو‭ ‬مسار‭ ‬تعزز‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬منذ‭ ‬تولي‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬حموشي‭  ‬الإدارة‭ ‬العامة‭ ‬للأمن‭ ‬الوطني‭ ‬والمديرية‭ ‬العامة‭ ‬لمراقبة‭ ‬التراب‭ ‬الوطني‭ ‬(15‭ ‬ماي 2015)،‭ ‬حيث‭ ‬أعاد‭ ‬صياغة‭ ‬مفهوم‭ ‬الأمن‭ ‬في‭ ‬المغرب‭ ‬بمنهج‭ ‬معاصر‭ ‬يقوم‭ ‬على‭  ‬التكوين‭ ‬والانضباط‭ ‬والتطوير‭  ‬والانفتاح‭ ‬والشراكة‭ ‬الدولية‭. ‬
 
فمنذ‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬10‭ ‬سنوات،‭ ‬بدأ‭ ‬المغرب‭ ‬يبني‭ ‬بهدوء‭ ‬وبثبات‭ ‬نموذجا‭ ‬أمنيا‭ ‬جعل‭ ‬منه‭ ‬اليوم‭ ‬فاعلا‭ ‬دوليا‭ ‬لا‭ ‬غنى‭ ‬عنه‭ ‬في‭ ‬معادلة‭ ‬مكافحة‭ ‬التحديات‭ ‬التي‭ ‬باتت‭ ‬تهدد‭ ‬العالم،‭ ‬وهو‭ ‬ما‭ ‬تعكسه‭ ‬بوضوح‭ ‬الثقة‭ ‬التي‭ ‬وضعتها‭ ‬«الإنتربول»‭ ‬فيه،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬اختيار‭ ‬مراكش‭ ‬لاحتضان‭ ‬هذا‭ ‬الحدث‭ ‬العالمي‭ ‬البارز‭.‬
 
لقد‭ ‬أدخلت‭ ‬المرحلة‭ ‬التي‭ ‬يقودها‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬حموشي‭ ‬مفهوما‭ ‬جديدا‭ ‬للدبلوماسية‭ ‬الأمنية،‭ ‬قائما‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مجرد‭ ‬مكافحة‭ ‬للجريمة‭ ‬داخل‭ ‬الوطن‭ ‬أو‭ ‬الإقليم،‭ ‬بل‭ ‬أصبح‭ ‬بنية‭ ‬دولية‭ ‬مترابطة‭ ‬عابرة‭ ‬للقارات‭ ‬والحدود،‭ ‬وتحتاج‭ ‬إلى‭ ‬يقظة‭ ‬دائمة‭ ‬وتعاون‭ ‬لا‭ ‬يتوقف‭. ‬وبهذا‭ ‬التصور،‭ ‬أسس‭ ‬المغرب‭ ‬سياسة‭ ‬أمنية‭ ‬خارجية‭ ‬تعتمد‭ ‬على‭ ‬الانخراط‭ ‬الفاعل‭ ‬في‭ ‬هياكل‭ ‬التعاون‭ ‬الشرطي،‭ ‬وتعزيز‭ ‬جسور‭ ‬التواصل‭ ‬مع‭ ‬الأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬عبر‭ ‬العالم،‭ ‬وتبادل‭ ‬المعلومات‭ ‬الاستخباراتية‭ ‬وخبرات‭ ‬التكوين‭ ‬الشرطي‭ ‬الحديث،‭ ‬وفق‭ ‬آليات‭ ‬شفافة‭ ‬ومتطورة،‭ ‬مما‭ ‬منحه‭ ‬صورة‭ ‬جديدة‭ ‬بوصفه‭ ‬شريكا‭ ‬موثوقا‭ ‬يحظى‭ ‬باحترام‭ ‬دولي‭ ‬واسع‭.  ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬للأمن‭ ‬المغربي‭ ‬تمثل،‭ ‬اليوم،‭ ‬شبكة‭ ‬واسعة‭ ‬تمتد‭ ‬من‭ ‬أوروبا‭ ‬إلى‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة،‭ ‬ومن‭ ‬الخليج‭ ‬إلى‭ ‬إفريقيا،‭ ‬مرورا‭ ‬بالمنظمات‭ ‬العالمية،‭ ‬بل‭ ‬وصل‭ ‬صداها‭ ‬إلى‭ ‬الصين‭ ‬والهند‭ ‬وسيريلانكا‭ ‬وباكستان‭ ‬والبرازيل‭ ‬وتركيا؛‭ ‬وهي‭ ‬علاقات‭ ‬تعكس‭ ‬نجاح‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمنية‭ ‬في‭ ‬تحويل‭ ‬«الأجهزة‭ ‬المغربية»‭ ‬إلى‭ ‬مؤسسة‭ ‬ذات‭ ‬إشعاع‭ ‬عالمي،‭ ‬لها‭ ‬مكانتها‭ ‬ومصداقيتها‭ ‬واحترامها‭ ‬عبر‭ ‬القارات‭.‬
 
ويمكن‭ ‬تقديم‭ ‬صورة‭ ‬شاملة‭ ‬لهذه‭ ‬العلاقات‭ ‬على‭ ‬النحو‭ ‬التالي:
 
أولا،‭ ‬علاقات‭ ‬استراتيجية‭ ‬راسخة‭ ‬مع‭ ‬أوروبا،‭ ‬إذ‭ ‬تحتل‭ ‬الشراكات‭ ‬الأمنية‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬ودول‭ ‬أوروبا‭ ‬موقعا‭ ‬مركزيا‭ ‬في‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الأمنية‭ ‬المغربية‭. ‬فبفضل‭ ‬الجوار‭ ‬الجغرافي‭ ‬والمخاطر‭ ‬المشتركة،‭ ‬يقوم‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬فرنسا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وبلجيكا‭ ‬وهولندا‭ ‬وألمانيا‭ ‬والبرتغال‭ ‬وبريطانيا‭ ‬على‭ ‬تبادل‭ ‬معلومات‭ ‬استخباراتية‭ ‬دقيقة‭ ‬ومستمرة،‭ ‬والمشاركة‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬مشتركة،‭ ‬والتنسيق‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والهجرة‭ ‬السرية‭ ‬وشبكات‭ ‬الإتجار‭ ‬بالبشر‭ ‬والمخدرات‭. ‬
 
وقد‭ ‬لعب‭ ‬المغرب‭ ‬دورا‭ ‬حاسما‭ ‬في‭ ‬إفشال‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬المخططات‭ ‬الإرهابية‭ ‬داخل‭ ‬دول‭ ‬أوروبية،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬فرنسا‭ ‬وإسبانيا‭ ‬وهولندا،‭ ‬مما‭ ‬عزز‭ ‬مكانته‭ ‬كشريك‭ ‬موثوق‭ ‬ومؤثر،‭ ‬وجعل‭ ‬عدد‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدول‭ ‬توشح‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬حموشي‭ ‬بأرفع‭ ‬الأوسمة‭ ‬من‭ ‬قبيل‭ ‬(وسام‭ ‬الصليب‭ ‬الأكبر‭ ‬للاستحقاق‭ ‬للحرس‭ ‬المدني‭ ‬الإسباني؛‭ ‬وسام‭ ‬الصليب‭ ‬الشرفي‭ ‬للاستحقاق‭ ‬الأمني‭ ‬بتميز‭ ‬أحمر‭ ‬(إسبانيا)؛‭ ‬ميدالية‭ ‬الشرف‭ ‬الذهبية‭ ‬للشرطة‭ ‬الوطنية‭ ‬الفرنسية؛‭ ‬وسام‭ ‬جوقة‭ ‬الشرف‭ ‬من‭ ‬درجة‭ ‬ضابط‭ ‬(فرنسا)..)‭.  ‬
 
ثانيا،‭  ‬تعاون‭ ‬وثيق‭ ‬مع‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة؛‭ ‬ويتجسد‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭ ‬في‭ ‬تبادل‭ ‬المعلومات،‭ ‬والدعم‭ ‬التقني،‭ ‬والتنسيق‭ ‬في‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬العابر‭ ‬للحدود،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬التعاون‭ ‬القائم‭ ‬في‭ ‬مجالات‭ ‬التكوين‭  ‬الأمني‭ ‬الاستخباراتي،‭ ‬وتبادل‭ ‬الخبرات،‭ ‬والتنسيق‭ ‬العملياتي‭ ‬من‭ ‬منظور‭ ‬مشترك،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التصدي‭ ‬للتهديدات‭ ‬التي‭ ‬تطرحها‭ ‬الجماعات‭ ‬الإرهابية‭ ‬وشبكات‭ ‬الإجرام‭ ‬المنظم‭ ‬في‭ ‬العديد‭ ‬من‭ ‬مناطق‭ ‬العالم،‭ ‬بما‭ ‬فيها‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء‭ ‬والشرق‭ ‬الأوسط‭ ‬وأوروبا‭. ‬وهذا‭ ‬ما‭ ‬تترجمه‭ ‬لقاءات‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬حموشي‭ ‬مع‭ ‬مختلف‭ ‬رؤساء‭ ‬المصالح‭ ‬الأمنية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬وخاصة‭ ‬مع‭ ‬أفريل‭ ‬هاينز‭ ‬مديرة‭ ‬أجهزة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬الوطنية،‭ ‬ومع‭ ‬مدير‭ ‬وكالة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬المركزية‭ ‬ويليام‭ ‬بيرنز،‭ ‬ومدير‭ ‬مكتب‭ ‬التحقيقات‭ ‬الفيدرالي‭ ‬كريستوفر‭ ‬راي،‭ ‬كما‭ ‬تترجمه‭ ‬التقارير‭ ‬التي‭ ‬تصدرها‭ ‬الخارجية‭ ‬الأمريكية،‭ ‬فضلا‭ ‬عن‭ ‬مختلف‭ ‬التصريحات‭ ‬التي‭ ‬يقدمها‭ ‬مسؤولو‭ ‬الإدارة‭ ‬الأمريكية،‭ ‬إذ‭ ‬دأبوا‭ ‬على‭ ‬الإشادة‭ ‬بمصداقية‭ ‬ومكانة‭ ‬الاستخبارات‭ ‬والأجهزة‭ ‬الأمنية‭ ‬المغربية‭.‬
 
ثالثا،‭ ‬حضور‭ ‬متنامٍ‭ ‬في‭ ‬إفريقيا،‭ ‬إذ‭ ‬أصبح‭ ‬المغرب،‭ ‬بفضل‭ ‬الدبلوماسية‭ ‬الملكية،‭ ‬لاعبا‭ ‬محورياً‭ ‬داخل‭ ‬إفريقيا‭. ‬ذلك‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬دأب‭ ‬على‭ ‬تقديم‭ ‬برامج‭ ‬تكوين‭ ‬وتدريب‭ ‬لعدد‭ ‬كبير‭ ‬من‭ ‬الدول‭ ‬الإفريقية،‭ ‬وتشارك‭ ‬في‭ ‬عمليات‭ ‬مكافحة‭ ‬الإرهاب‭ ‬والجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬في‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء،‭ ‬كما‭ ‬توفر‭ ‬دعماً‭ ‬لوجستيا‭ ‬ومعلوماتياً‭ ‬لبلدان‭ ‬تحتاج‭ ‬إلى‭ ‬بناء‭ ‬قدراتها‭.‬
هذا‭ ‬الحضور‭ ‬جعل‭ ‬المغرب‭ ‬من‭ ‬بين‭ ‬الدول‭ ‬الأكثر‭ ‬تأثيرا‭ ‬داخل‭ ‬الهياكل‭ ‬الأمنية‭ ‬الإفريقية،‭ ‬ومنحته‭ ‬مكانة‭ ‬قيادية‭ ‬داخل‭ ‬الإنتربول‭ ‬على‭ ‬مستوى‭ ‬القارة‭.‬
 
رابعا،‭ ‬شراكات‭ ‬قوية‭ ‬مع‭ ‬دول‭ ‬الخليج‭ ‬والعالم‭ ‬العربي،‭ ‬إذ‭ ‬تعتمد‭ ‬العلاقات‭ ‬الأمنية‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬ودول‭ ‬الخليج‭ ‬على‭ ‬التنسيق‭ ‬في‭ ‬محاربة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وحماية‭ ‬المنشآت‭ ‬الحيوية،‭ ‬ومواجهة‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭. ‬كما‭ ‬تشكل‭ ‬الروابط‭ ‬التاريخية‭ ‬والسياسية‭ ‬بين‭ ‬المغرب‭ ‬وبلدان‭ ‬الخليج‭ ‬أساسا‭ ‬لتعزيز‭ ‬هذا‭ ‬التعاون‭. ‬إذ‭ ‬يحظى‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬حموشي‭ ‬بعضوية‭ ‬المجلس‭ ‬الأعلى‭ ‬لجامعة‭ ‬نايف‭ ‬العربية‭ ‬للعلوم‭ ‬الأمنية،‭ ‬الذي‭ ‬يرأسه‭ ‬وزير‭ ‬الداخلية‭ ‬السعودي،‭ ‬علما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المنصب‭ ‬الأكاديمي‭ ‬محصور‭ ‬في‭ ‬نخبة‭ ‬ضيقة‭ ‬من‭ ‬المفكرين‭ ‬والمسؤولين‭ ‬السامين‭ ‬والخبراء‭ ‬الأمنيين،‭ ‬الذين‭ ‬يعهد‭ ‬إليهم‭ ‬بمهمة‭ ‬التفكير‭ ‬في‭ ‬تطوير‭ ‬مناهج‭ ‬التكوين‭ ‬والتدريب‭ ‬الشرطي،‭ ‬وتحديث‭ ‬برامج‭ ‬التعليم‭ ‬الأكاديمي‭ ‬الجامعي‭ ‬في‭ ‬سلك‭ ‬الدكتوراه‭ ‬والماجستير‭ ‬في‭ ‬مختلف‭ ‬التخصصات‭ ‬القانونية‭ ‬والتقنية‭ ‬والأمنية‭.‬
 
أما‭ ‬عربيا،‭ ‬فالمغرب‭ ‬يشارك‭ ‬بانتظام‭ ‬في‭ ‬اجتماعات‭ ‬وزراء‭ ‬الداخلية‭ ‬العرب،‭ ‬ويحظى‭ ‬باحترام‭ ‬خاص‭ ‬لما‭ ‬يقدمه‭ ‬من‭ ‬خبرة‭ ‬وتكوين‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التطرف‭. ‬وقد‭ ‬حظي‭ ‬حموشي‭ ‬بوسام‭ ‬الأمير‭ ‬نايف‭ ‬للأمن‭ ‬العربي‭ ‬«الدرجة‭ ‬الأولى»‭ ‬الذي‭ ‬يمنحه‭  ‬مجلس‭ ‬وزراء‭ ‬الداخلية‭ ‬العرب‭.‬
 
خامسا،‭ ‬انخراط‭ ‬مؤسساتي‭ ‬واسع‭ ‬داخل‭ ‬الهياكل‭ ‬الأمنية‭ ‬متعددة‭ ‬الأطراف:‭ ‬أصبح‭ ‬المغرب‭ ‬فاعلا‭ ‬دائما‭ ‬في‭ ‬المنظمات‭ ‬الأمنية‭ ‬الدولية،‭ ‬وعلى‭ ‬رأسها‭ ‬«الإنتربول؛‭ ‬اليوروبول؛‭ ‬المراكز‭ ‬الدولية‭ ‬لمحاربة‭ ‬الإرهاب؛‭ ‬التحالفات‭ ‬الإقليمية‭ ‬ضد‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة»‭. ‬كما‭ ‬يشارك‭ ‬بفعالية‭ ‬في‭ ‬صياغة‭ ‬السياسات‭ ‬الدولية‭ ‬لتحصين‭ ‬الأمن‭ ‬العالمي،‭ ‬ويعتبر‭ ‬من‭ ‬أكثر‭ ‬الدول‭ ‬حضورا‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬المشتركة‭ ‬التي‭ ‬تشرف‭ ‬عليها‭ ‬هذه‭ ‬المؤسسات‭.‬
سادسا،‭ ‬التعامل‭ ‬مع‭ ‬الطلب‭ ‬الدولي:‭  ‬يظل‭ ‬المغرب‭ ‬منفتحا‭ ‬على‭ ‬العلاقات‭ ‬الدولية‭ ‬المبنية‭ ‬على‭ ‬الثقة‭ ‬المتبادلة‭. ‬فالدول‭ ‬الشريكة‭ ‬تعرف‭ ‬أن‭ ‬المغرب‭ ‬يقدم‭ ‬معلومات‭ ‬دقيقة‭ ‬وموثوقة،‭ ‬وأن‭ ‬مؤسساته‭ ‬تعمل‭ ‬بمهنية‭ ‬عالية‭. ‬وقد‭ ‬أدى‭ ‬هذا‭ ‬إلى‭ ‬تزايد‭ ‬الطلب‭ ‬الدولي‭ ‬على‭ ‬التعاون‭ ‬مع‭ ‬المغرب،‭ ‬سواء‭ ‬في‭ ‬مجال‭ ‬التحليل‭ ‬الاستخباراتي‭ ‬أو‭ ‬تطوير‭ ‬القدرات‭ ‬أو‭ ‬الاستجابة‭ ‬للتهديدات‭ ‬المتطورة‭. ‬إذ‭ ‬أصبح‭ ‬المغرب،‭ ‬مع‭ ‬التغيرات‭ ‬العالمية‭ ‬الكبرى‭ ‬وظهور‭ ‬التهديدات‭ ‬الإلكترونية‭ ‬العابرة‭ ‬للدول،‭ ‬لاعبا‭ ‬مركزيا‭ ‬في‭ ‬المواجهة‭ ‬الدولية‭ ‬لهذه‭ ‬التحديات‭.‬
 
وانطلاقا‭ ‬من‭ ‬هذه‭ ‬الدينامية،‭ ‬أصبح‭ ‬المغرب‭ ‬اليوم‭ ‬بلدا‭ ‬قادرا‭ ‬على‭ ‬استضافة‭ ‬التظاهرات‭ ‬الدولية‭ ‬الكبرى‭ ‬المرتبطة‭ ‬بالأمن،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لاعتبارات‭ ‬لوجستية‭ ‬أو‭ ‬تنظيمية،‭ ‬بل‭ ‬لأن‭ ‬صورته‭ ‬كبلد‭ ‬آمن‭ ‬ومستقر‭ ‬صارت‭ ‬ثابتة‭ ‬وموثوقة‭. ‬وما‭ ‬تنظيم‭ ‬كأس‭ ‬إفريقيا‭ ‬2025،‭ ‬والاستعداد‭ ‬المشترك‭ ‬لتنظيم‭ ‬كأس‭ ‬العالم‭ ‬2030،‭ ‬إلا‭ ‬تأكيد‭ ‬إضافي‭ ‬على‭ ‬قدرة‭ ‬المملكة‭ ‬على‭ ‬الجمع‭ ‬بين‭ ‬الاستقرار‭ ‬الأمني‭ ‬والفعالية‭ ‬التنظيمية،‭ ‬وهي‭ ‬عناصر‭ ‬تمنحها‭ ‬مكانة‭ ‬خاصة‭ ‬لدى‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬هذا‭ ‬المناخ‭ ‬الأمني‭ ‬الإيجابي‭ ‬لم‭ ‬يكن‭ ‬نتاج‭ ‬الصدفة،‭ ‬بل‭ ‬هو‭ ‬ثمرة‭ ‬سياسة‭ ‬واعية‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬الأمن‭ ‬دعامة‭ ‬أساسية‭ ‬للتنمية‭ ‬وجاذبية‭ ‬الاستثمار‭.‬
 
لقد‭ ‬أصبح‭ ‬المغرب،‭ ‬تبعا‭ ‬لكل‭ ‬هذه‭ ‬التراكمات‭ ‬والنجاحات،‭ ‬نقطة‭ ‬ارتكاز‭ ‬أساسية‭ ‬في‭ ‬الشراكات‭ ‬الأمنية‭  ‬والتعاون‭ ‬الدولي‭. ‬كما‭ ‬برز‭ ‬بشكل‭ ‬واضح‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأمنية‭ ‬العالمية‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬حضوره‭ ‬داخل‭ ‬الإنتربول،‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬مشاركته‭ ‬النشطة‭ ‬في‭ ‬العمليات‭ ‬الدولية‭ ‬أو‭ ‬توليه‭ ‬مناصب‭ ‬قيادية‭ ‬إقليمية‭ ‬داخل‭ ‬المنظمة‭. ‬كما‭ ‬أصبح‭ ‬الفاعلون‭ ‬الأمنيون‭ ‬الدوليون‭ ‬ينظرون‭ ‬إليه‭ ‬باعتباره‭ ‬قوة‭ ‬استقرار‭ ‬في‭ ‬محيطه‭ ‬الإقليمي،‭ ‬ودولة‭ ‬ذات‭ ‬تأثير‭ ‬واسع‭ ‬في‭ ‬نشر‭ ‬الممارسات‭ ‬الجيدة‭ ‬في‭ ‬التكوين،‭ ‬والتدريب،‭ ‬وتعزيز‭ ‬القدرات‭ ‬الأمنية‭ ‬داخل‭ ‬القارة‭ ‬الإفريقية‭. ‬
 
وتبعا‭ ‬لذلك،‭ ‬يشكل‭ ‬حضور‭ ‬الإنتربول‭ ‬في‭ ‬مراكش‭ ‬تتويجا‭ ‬لمسار‭ ‬من‭ ‬«النجاحات‭ ‬الأمنية»‭ ‬التي‭ ‬صاغها‭ ‬المغرب‭ ‬بعناية‭ ‬وحكمة،‭ ‬وهو‭ ‬مسار‭ ‬تجسدت‭ ‬معالمه‭ ‬في‭ ‬الرؤية‭ ‬التي‭ ‬قادها‭ ‬عبد‭ ‬اللطيف‭ ‬حموشي،‭ ‬والتي‭ ‬جعلت‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬اليوم‭ ‬فاعلا‭ ‬مؤثرا‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬الأمن‭ ‬الإقليمي‭ ‬والدولي،‭ ‬ومركزا‭ ‬رئيسيا‭ ‬للتنسيق،‭ ‬ومنصة‭ ‬للتعاون‭ ‬بين‭ ‬القارات‭. ‬كما‭ ‬يأتي‭ ‬تنظيم‭ ‬هذا‭ ‬المؤتمر‭ ‬اعترافا‭ ‬بأن‭ ‬المغرب‭ ‬صار‭ ‬شريكا‭ ‬مركزيا‭ ‬داخل‭ ‬الشبكة‭ ‬العالمية‭ ‬للأمن،‭ ‬وبأن‭ ‬تجربته‭ ‬أصبحت‭ ‬مرجعا‭ ‬يمكن‭ ‬البناء‭ ‬عليه‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬محاربة‭ ‬الإرهاب،‭ ‬وملاحقة‭ ‬شبكات‭ ‬الهجرة‭ ‬السرية‭ ‬والاتجار‭ ‬في‭ ‬البشر‭ ‬والاتجار‭ ‬بالمخدرات،‭ ‬وإعلان‭ ‬الحرب‭ ‬على‭ ‬الجريمة‭ ‬المنظمة‭ ‬التي‭ ‬أصبحت‭ ‬عابرة‭ ‬للقارات،‭ ‬مما‭ ‬يؤكد‭ ‬أن‭ ‬الأمن‭ ‬المغربي‭ ‬أصبح‭ ‬جزءا‭ ‬مؤثرا‭ ‬في‭ ‬البنية‭ ‬الأمنية‭ ‬العالمية،‭ ‬وشريكا‭ ‬رئيسيا‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬التحديات‭ ‬العابرة‭ ‬للقارات‭..‬
 
تفاصيل أوفر تجدونها في العدد الجديد من أسبوعية  " الوطن الآن
رابط العدد هنا