أحمد الحطاب: آخِرُ كذبة مُدوِّية للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون

أحمد الحطاب: آخِرُ كذبة مُدوِّية للرئيس الجزائري عبد المجيد تبون أحمد الحطاب
ما هو معروفٌ عن الرئيس الجزائري أنه كذابٌ مُُحترِف. ولاحِظوا أنني استعملتُ كلمةَ "كذَّاب" وليس "كاذب". فهل هناك فرق بين هاتين الكلمتين؟
هناك فرقُ شاسِعٌ بينهما! الكاذب هو الشخص الذي يكذب، وبحُسن نيَّة، في موقفٍ من المواقف. بمعنى أن هذا الشخصً قد يكون مُضطرّاً للكذب تجنُّباً لالحاق ضررٍ بشخصٍ آخرَ أو تجنُّباً لخلقِ مشكلة تكون مُضرَّةً لطرَفٍ من الأطراف. وهو ما يّسمَّى في اللغة المتداولة ب"الكذبة البيضاء".
أما الكذَّاب، فهو الشخص الذي تعوَّد على الكذب. بمعنى أن هذا الشخصَ مُتمرِّسٌ في الكذب، وله باعٌ طويلٌ فيه. بل إنه يُيالِغ فيه إلى درجةِ أن الناس الذين تعوَّدوا على سماعِه، يتساءلون عن ماهي الكذبة الجديدة التي سينطق بها، حينَ يخاطِبهم أو يتحدَّث إليهم.
وهذا هو حال الرئيس الجزائري عند كل خرَجةٍ من خَرَجاتِه الإعلامية أو من خلال خُطبه، سواءّ تلك التي يُوجِّهها للشعب الجزائري أو تلك التي يلقيها في المحافلِ الدولية أو الرسمية. وفي هذأ الصدد، تتدكَّرون الكلمة التي ألقاها أمام الجمعية العامة للأمم المتَّحدة حيث كانت كذبتُه المشهورة التي كان يتحدَّث فيها عن تحلية ماء البحر، أمام ما يزيد عن ما يفوق 190 دولة، قائلا أن بلاده ستصل إلى إنتاج مليار وثلاثة مائة ملايين متر مكعَّب يومياُ من الماء المُحَلَّى. 
وهذا شيءٌ مستحيل، علماً أن أكبر محطات تحلية ماء البحر قد تتجاوز إنتاجَ مليون متر مكعَّب يوميا. لكن الأمرَ ينطبق على كُبريات المحطات المُزوَّدة بتكنولوجيات عالية. فما بالك عندما يتعلَّق الأمرُ بمليار وثلاثة مائة مليون متر مكعب. وكي تصلَ أكبر المحطات، في العالم، إلى هذا الحجم الخيالي، يلزمُها وقتٌ طويلٌ وليس يوما واحِدا.
ومن كذباته المشهورة، كذلك، قولُه إن الجزائر قوة ضارِبة وأنها تتوفَّر على أحسن منظومة سِحيَّة في أفريقيا وثقتُه الزائدة في أن بلادَه ستصبح عضواً في منظمة ال"بركس" BRICS، وأن بلادَه ستصبح بعد سنواتٍ قليلة أكبر منتِجٍ للفوسفاط في العالم، بينما الصين هي أكبر مُنتِج لهذه المادة متبوعة بالمغرب ثم الولايات المُتحدة ثم المملكة العربية السعودية…، وأن الجزائر رائدة في صناعة الذكاء الاصطناعي،  وكذبتُه حول استرجاع الأموال المنهوبة والمسروقة، وكذبتُه حول الديمقراطية قائلا إن الديمقراطيات الأوروبية نشأت في الجزائر… 
أما آخر كذبة للرئيس عبد المجيد تبون، فإنها خارقة للعادة، وفي نفس الوقت مُدوِّية كألرعد نظراً لخطورتِها. بل إن دوِيَّها انتشر في العالم، كما كان الشأنُ بالنسبة لعُضوِية الجزائر في ال"بركس".  لقد قال عبد المجيد تبون بعَظمة لسانِه "إن الجزائر أصبحت عضوا في مجموعة العشرين le G20.
ومجموعة العشرين تضمُّ مجموعة السبعة le G7 المُكوَّنة من الولايات المتَّحدة وفرنسا والمملكة المتَّحدة وكندا واليابان وإيطاليا وألمانيا إضافةً إلى جنوب أفريقيا، المملكة العربية السعودية، الأرجنتين، أُستراليا، البرازيل، الصين، كوريا الجنوبية، الهند، إندونيسيا، المكسيك، روسيا وتركيا بالإضافة إلى الاتِّحادين الأوروبي والإفريقي.
وقد عقدت مجموعة العشرين آخِرَ اجتماعٍ لها بجنوب أفريقيا بمدينة جوهانسبرج يومي 22 و23 نوفمبر 2025. ما يُثيرُ الانتباهَ، هو أن جنوب أفريقيا حليفٌ للجزائر ولا تزال تؤيِّدها وتقف جنبَها وتُسانِدها، وخصوصا، في قضية الصحراء المغربية. ولهذا، فإن جنوبَ أفريقيا بعثت دعوةً للرئيس الجزائري لحضور أشغال هذا الاجتماع.
غير أن هذا الرئيس حوَّل الدعوةَ إلى  عضوية كامِلة حين ردَّ على سؤال أحد الصحفيين الذي قال له : "ما هو برنامَجُكم بالنسبة للآتِي من أيام هذه السنة الحالية؟ ردَّ الرئيس الجزائري قائلاً : سأزور جنوب أفريقيا للحضور في اجتماع مجموعة العِشرين le G20. وبرَّر سفرَه هذا بقوله : إن الجزائر أصبحت عضواً في مجموعة العشرين. ثم قال، سأزور كذلك ألمانيا إما في نهاية السنة الجارية وإما في بداية السنة المُقبِلة.
وهنا، سأكون مُضطرا للقول بأن أهمَّ شرطٍ للإنضمام إلى مجموعة العشرين، هو أن يكون اقتصادُ الدولة المُرشَّحة لهذا الانضمام اقتصاداً قوياً أو متقدِّماً une économie avancée أو صاعِداً une économie émergente. والدولة العربية الواحدة والوحيدة التي تتوفر على اقتصادٍ صاعِدٍ، هي المملكة العربية السعودية، وهي عضوٌ في مجموعة العشرين. والدولة القوية أو الصاعِدة، هي التي يكون اقتصادُها مُتنوِّعا وقادرا على خلق الثروة ومناصب الشغل. وبعبارةٍ أخرى، عندما نقول إن دولةً ما لها "اقتصادٌ قوي" لما تتوفَّر في هذه الدولة الشروط التالية :
-ناتِجُها الداخلي الخام في تصاعُدٍ مستمر، أي أن نسبةَ نموِّه عالية أو مرتفِعة، ويتكرَّر هذا الارتفاع من سنةٍ إلى أخرى؛
-نسبة البطالة ونسبةُ التَّضخُّم ضعيفتان؛
-القدرة الشرائية للشعب مرتفِعة؛
-ميزانٌ تجاري إيجابي balance commerciale positiye، أي في صالِح الدولة المُصدِّرة؛
-مديونِية ضعيفة مقارنةً مع الناتِج الداخلي الخام؛
-الاستثمار في المجالات ذات المردودية العالِية، وبالأخص، في النهوض بالرأسمال البشري؛
-الأنفاق على البحث العلمي المقترن بالتَّنمية.
السؤال الذي يفرض نفسَه علينا، هو : "هل الجزائر، كدولة، تتوفّر في اقتصادِها هذه الشروط"؟ بالطبع لا ثم لا ولا شيءَ غير لا! لو كانت هذه الشروطُ مُتوفِّرةً في اقتصاد الجزائر،  لكان اقتصادُ الدولة الجزائرية من أحسن الأفريقية. 
بالطبع لا تتوفَّر هذه الشروط في القتصاد ألجزائري. لماذا؟ لأن الاقتصاد الجزائري اقتصادٌ ريعي une économie rentière،  يعتمِد، أساساً وأولا وقبل كل شيءٍ، على بيع المحروقات les hydrocarbures، في شكلها الخام، وعلى بيع الغاز الطبيعي. وهذا يعني أنه اقتصادٌ لا يخلق الثروة وتستفيد منه، فقط، الطُّغمة الحاكِمة l'oligarchie au pouvoir. بالإضافة أنه لا يعود بالنفع على المواطنين الذين يعانون في العثور على أبسط مستلزمات العيش كالحليب والعدس والزيت والقهوة…
فهل يُعقل أن اقتصاداً مثل هذا يسمح للجزائر أن تكونَ عضواً في مجموعة العشرين إلى جانب صقور الاقتصاد العالمي كالولايات المتَّحِدة والصين وفرنسا وألمانيا…؟
إنها كذبة كباقي الكذبات التي كان ويكون بطلُها عبد المجيد تبون، الرئيس الجزائري  الذي اكتسب شُهرةً كبيرة في مجال الافتراء. والدليل على ذلك، أنه كان من المفروض أن يحضر بنفسِه لاجتماع مجموعة العشرين، ما دامت بلادُه أصبحت عضوا، لأول مرة، في هذه المجموعة. لا! لم يذهب الرئيس الجزائري إلى جنوب أفريقيا. بل اكتفى ببعث مَن ينوب عنه في شخص الوزير الأول الجزائري، السيد سيفي غريَّب.
ومن كثرة لجوء الرئيس الجزائري إلى الكذب، أصبح له لَقَب ينطبق على كل شخص له باعٌ طويلٌ في مجال الكذب. إنه عبد المجيد كذبون على وزن تبون.