تعطلت القيم واختلت الموازين. فبدل فتح تحقيقات جدية ومسؤولة في ما تثيره النقابة الوطنية للتعليم، العضو في الفيدرالية الديمقراطية للشغل، بمجموعة من المديريات الإقليمية للتعليم بجهة الدار البيضاء–سطات من اختلالات موثقة عبر بيانات إقليمية بالجهة وندوة صحفية جهوية وتقارير ميدانية، اختارت الجهات المعنية نهج سياسة الهروب إلى الأمام بالتجاهل واللامبالاة، وإدارة الظهر لكل مؤشرات الخلل.
لقد أصبحت الاحتجاجات المتصاعدة عنوانا بارزا لوضع مقلق لم يعد يقبل التأجيل. فبالجديدة خاض مناضلو النقابة اعتصامات ومبيتا ليليا دام أسابيع، وفي المحمدية وسطات تواصلت الوقفات والاعتصامات، بينما في سيدي بنور خرجت مسيرات في اتجاه العمالة بعدما أغلقت في وجوههم سبل الحوار الجاد والمسؤول.
وبدل التجاوب مع هذه المطالب التي تنبه منذ شهور إلى أعطاب سوءالتدبير، وتدهور البنية التحتية وتردي ظروف العمل والدراسة، لجأت بعض المديريات إلى أساليب الضغط والاستنطاق؛ كما حدث حين وجه الاتهام لأستاذة بكونها مسؤولة عن تصوير الشريط الذي فضح الوضع الكارثي لإحدى الفرعيات بسطات، في محاولة لصرف الأنظار عن جوهر الإشكال: هشاشة البنيات .
وتتوالى الوقائع التي تفضح أعطاب الحكامة، أبرزها ملف كراء مرفق تربوي بالمحمدية، الذي ما تزال إجاباته الرسمية محاطة بتناقضات تزيد الغموض بدل رفعه، لتكشف عن خلل بنيوي في التدبير المحلي والجهوي.
وأمام هذا المشهد الذي يزداد قتامة مع كل ملف ينفجر، يظل السؤال المشروع الذي يطرحه الرأي العام والشغيلة التعليمية:
متى تتحرك الوزارة؟
ومتى تتحرك أجهزة الرقابة بمختلف مستوياتها لأداء دورها في حماية المدرسة العمومية من العبث واللاشفافية؟
إن استمرار الصمت، مقابل تصاعد الاحتقان واتساع رقعة الاختلالات، لن يفضي إلا إلى مزيد من التدهور. أما الإصلاح الحقيقي فمدخله المحاسبة، والشفافية، وإعادة الاعتبار لصوت الميدان.