خليل البخاري: "المدرسة فضاء لممارسة الديمقراطية"

خليل البخاري: "المدرسة فضاء لممارسة الديمقراطية" خليل البخاري
يسهر على تنظيم المؤسسات التعليمية مجموعة من المجالس: المجلس التعليمي، مجالس الأقسام، مجلس التدبير والمجلس التربوي. كل هذه المجالس تكون ممثلة بمدير المؤسسة التعليمية والإدارة والأساتذة في غياب ممثلي التلميذات والتلاميذ. بالقرارات والاجراءات التي تتخذها مختلف المجالس لا تأخذ بعين الاعتبار آراء واقتراحات التلاميذ باعتبارهم محور العملية التعليمية. مع الأسف عديد هي المؤسسات التعليمية لا تنصت إلى التلاميذ ولا تتبنى مقاربة تشاركية رغم أن القانون المنظم لهذه المجالس يشير إلى ضرورة تمثيلية التلاميذ، والتلميذات. لكن، لا الحياة لمن تنادي، وتبقى دار لقمان على حالها. 

ينبغي أن تكون مؤسساتنا فضاءات اجتماعية تمكن التلاميذ أن يعيشوا تجربة الديمقراطية. فالمدرسة عليها أن تسعى إلى تحقيق تعلم متنوع يهدف إلى جعل التلاميذ قادرين على تحمل مسؤوليتهم وانخراطهم في اتحاد القرارات بكل مجالس المدرسة.
 
غالبا ما تعتبر الديمقراطية أمرا بديهيا، لكنها في الواقع ليست مكسبا نهائيا أو حالة ثابتة. فالديمقراطية مشروع دائم التطور. كما أن الديمقراطية ليست منتجا جاهزا نروج له أو نوزع دليلا لاستعماله. إنها تبنى في كل لحظة. إن الديمقراطية الحقة تتطلب مشاركة فعلية للتلاميذ داخل المجتمع التدريب، ويقظة جميع الفاعلين داخل المؤسسة التعليمية.

إن العيش الديمقراطي في المدرسة يعني بالتأكيد الثقة في التلاميذ، وتحميلهم المسؤولية ومنحهم الوسائل ليفاجئونا على الانضباط الذاتي والمشاركة في الحياة المدرسية. 

فالمدرسة ليست فقط فضاء لتلقين المعارف بل يجب أن تكون فضاء لتعلم الحياة الديمقراطية. فهي تسعى إلى تكوين التلميذ الكامل من خلال ثلاثة أبعاد:
التنمية الشخصية وتعني أن يصبح التلميذ شخصا مستقلا ومسؤولا.
التنمية على المواطنة أي أن يتعلم التلميذ المشاركة والاحترام والحقوق والواجبات. 
التأهيل المهني وتعني إعداد التلميذ ليصبح عنصرا فاعلا في المجتمع. 
ويبقى السؤال الجوهري: هل تنجح المدرسة فعلا في إعداد التلاميذ لممارسة الديمقراطية في حياتهم العامة؟
ولكي تكون المدرسة ديمقراطية، يجب أن يشارك التلاميذ وجميع الفاعلين فيها: أساتذة، جمعية الآباء.. في اتخاد القرارات.

هناك عدد قليل من المدارس الابتدائية تعلم الديمقراطية، إلا أنها ليست ديمقراطية في ذاتها، لأنها تفرض علاقة غير متكافئة بين الأستاذ والتلميذ، كما أن الأستاذ يجمع بين السلطات الثلاث: تشريع، تنفيذ، عقاب. إضافة إلى أن التلاميذ لا يشاركون في وضع القوانين أو حتى مناقشتها ولا توجد آليات حقيقية للطعن أو الاعتراض. لذلك وحتى تكون القواعد شرعية، يجب أن يتاح للتلاميذ المشاركة في صياغتها وانتقادها وتطويرها. فالديمقراطية ليست مشهدا نراقبه، بل ورشة جماعية تشارك فيها. فمع الأسف، عدد كبير من مؤسساتنا التعليمية تعد القانون الداخلي دون تبني مقاربة تشاركية تأخذ بعين الاعتبار آراء واقتراحات التلاميذ. وهذا مثال حي عن غياب الديمقراطية بمدارسنا. 

إن مجالس مؤسساتنا التعليمية تنشئ ترسانة من القوانين منها القانون الداخلي لكن دون انخراط التلاميذ بشكل فعلي وحقيقي. لذلك بات من اللازم إشراك التلاميذ في مجالس المؤسسة وألا تكون مشاركتهم شكلية وصورية فقط مع تحديد أدوارها بوضوح في دستور مدرسي داخلي من صنع الإدارة والمدرسين والتلاميذ الذين تمنح لهم فرصة حقيقية لتجربة الديمقراطية داخل المجتمع المدرسي ويكسبهم مهارات أساسية في الحوار والتعاون وتحمل المسؤولية والبحث عن حلول جماعية. ونجاح هذه التجربة يقتضي من الأطر الإدارية  التربوية وأولياء الأمور قبول فكرة تقاسم السلطة بمعنى أن يتخلوا ولو جزئيا عن احتكار القرار ويفتحوا المجال أمام مشاركة التلاميذ في القضايا التي تمس حياتهم المدرسية اليومية.
 
 
خليل البخاري باحث تربوي