سعيد التمسماني: المغرب يرسم ملامح سلام جديد في شمال إفريقيا.. قراءة في رؤية FDD لمبادرة الحكم الذاتي

سعيد التمسماني: المغرب يرسم ملامح سلام جديد في شمال إفريقيا.. قراءة في رؤية FDD لمبادرة الحكم الذاتي سعيد التمسماني

في مقال تحليلي لافت نشره الدبلوماسي البريطاني إدموند فيتون-براون (Edmund Fitton-Brown)، الزميل البارز في مركز التفكير الأمريكي “مؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات” (FDD) وسفير المملكة المتحدة السابق في اليمن، برزت مقاربة جديدة لقضية الصحراء المغربية، تقوم على اعتبار مبادرة الحكم الذاتي التي تقدم بها المغرب ليست فقط حلاً سياسياً للنزاع، بل مشروعاً متكاملاً لبناء السلام الإقليمي واستعادة الثقة بين الجارين المغرب والجزائر.

 

يرى الكاتب أن الخطة المغربية تمثل انتقالاً نوعياً من منطق إدارة الأزمة إلى منطق صناعة الحل. فهي مبادرة تنطلق من رؤية سيادية متوازنة تضمن للوحدات المحلية ممارسة صلاحيات واسعة، مع الحفاظ على وحدة الدولة ومؤسساتها. هذا التصور، وفق فيتون-براون، يجسد براغماتية سياسية ناضجة جعلت منه الخيار الواقعي الوحيد القادر على تحقيق الاستقرار في منطقةٍ طال أمد توترها.

 

ويشير المقال إلى أن التحولات الأخيرة داخل الأمم المتحدة والمواقف المتزايدة لعدد من القوى الغربية الداعمة للمقترح المغربي، تعبّر عن إدراك دولي متنامٍ بأن المبادرة المغربية توفر أرضية عملية لحل دائم، خصوصاً في ظل عجز الأطروحات الانفصالية عن إنتاج أي أفق واقعي.

 

كما يسلّط فيتون-براون الضوء على المسار المغربي في الإصلاح والتنمية بالأقاليم الجنوبية، معتبراً أن هذا المسار يعزز مصداقية الرباط على الأرض. فالمغرب، حسب تعبيره، استثمر في الإنسان قبل الجغرافيا، من خلال مشاريع تنموية كبرى، وتثمين الثقافة الحسانية، وتوسيع المشاركة المحلية في تدبير الشأن العام.

 

وفي تحليله للعوامل الإقليمية، يرى الكاتب أن جبهة البوليساريو فقدت اليوم وظيفتها السياسية وتحولت إلى أداة بيد أطراف إقليمية لا ترغب في استقرار المنطقة، محذراً من أن استمرار الوضع الراهن لا يخدم إلا شبكات التهريب وعدم الاستقرار في الساحل. في المقابل، يُبرز أن النهج المغربي القائم على التنمية والانفتاح والتعاون الأمني يمكن أن يشكّل قاعدة جديدة لتقارب مغاربي حقيقي.

 

ويخلص المقال إلى أن المغرب، برؤيته المتوازنة ومقاربته الواقعية، يقدم اليوم نموذجاً نادراً في العالم العربي: دولة تجمع بين الشرعية التاريخية والقدرة الإصلاحية، وتطرح مشروعاً سلمياً قابلاً للتطبيق، لا يهدف إلى الغلبة بل إلى بناء شراكات إقليمية متوازنة تعيد للمنطقة مكانتها ودورها في محيطها الإفريقي والمتوسطي.

 

إنها، كما يصفها فيتون-براون، رؤية لسلام مغربي الصياغة، إفريقي الروح، وإنساني الأفق.