رشيد صفـَر: هل يمكن مشاهدة فيلم سينمائي بتذكرة فيلم آخر!؟

رشيد صفـَر: هل يمكن مشاهدة فيلم سينمائي بتذكرة فيلم آخر!؟ رشيد صفـَر
هل يمكن مشاهدة فيلم سينمائي بأبطال جدد، بتذكرة فيلم آخر، أبطاله نجوم لهم حضور قوي في الساحة الفنية في هوليود وبوليود !؟.
سؤال بسيط في ظاهره، لكنه يحمل في عمقه إشكالا مهنيا وأخلاقيا يهمّ كل العاملين في قطاع الاستغلال السينمائي في العالم.
هل يمكن فعلا أن يجد المتفرج نفسه يشاهد فيلما معينا، بتذكرة تخصّ فيلما آخر !؟.
وإذا حدث هذا الأمر في قاعة يُفترض أنها تخضع لنظام دقيق يربط بين التذاكر، والمقاعد، وعدد الحضور، ومداخيل كل فيلم .. فما انعكاس ذلك على مصداقية أرقام ومداخيل قاعات السينما  !؟.
وما مصير الفيلم الضحية ونجومه !؟.
الجواب التقني واضح لا لبس فيه : لا يمكن ولا يجوز.
فالتذكرة ليست مجرد ورقة دخول، بل هي وثيقة مالية وإحصائية تُحدّد بالضبط عدد المتفرجين، الذين تابعوا كل فيلم، وتشكّل الأساس الذي تُبنى عليه تقارير المداخيل الرسمية التي يرسلها مسيّرو القاعات إلى المركز السينمائي في كل الدول. و أي تداخل بين تذاكر فيلمين مختلفين، يُعدّ خرقا للشفافية ويمسّ بمبدأ العدالة في المنافسة بين المنتجين والموزعين.
لكن إذا كان الواقع يسير في الاتجاه المعاكس. وكشفت بعض الحوادث في هوليود أو بوليود في سنوات السبعينات، أن نظام الشباك ليس محكما كما يُفترض، وأن “الخطأ البشري” يمكن أن يتحوّل إلى “خلل منهجي”، حين تتشابك المصالح بين الموزع وصاحب القاعة. ففي حالة كهذه، يمكن أن تُباع تذاكر فيلم معين ويُشاهد بها جمهور كبير فيلم آخر، مما يؤدي إلى تشويه وتزوير في أرقام شباك التذاكر، ويجعل أرباح وأرقام فيلم تُحتسب لفيلم آخر لا علاقة له بها.
الأخطر من ذلك أن مثل هذا السلوك – إن تمّ التساهل معه – يُضعف ثقة الجمهور ويُربك الصناعة بأكملها. فكيف يمكن مثلا في دولة آسوية أو أوروبية لمنتج شابّ يمول فيلمه بجهده الخاص أن ينافس شركة تملك القاعات والتذاكر في آن واحد !؟..
 وكيف يمكن للمركز السينمائي لهذه الدولة أن يعتمد أرقامه السنوية، إن كانت المقاعد تُحتسب لغير أصحابها في هوليود وبوليود مثلا !؟.
الجواب إذن لا يقلّ وضوحا عن الجواب التقني :
مشاهدة فيلمٍ بتذكرة فيلمٍ آخر في هوليود أو بوليود، ليست مجرد مخالفة، بل مساسٌ بحقّ الجمهور في الاختيار، وبحقّ المنتج في التقييم العادل، وبمبدأ الشفافية الذي تُبنى عليه صناعة السينما المحترمة.
إن تذكرة السينما هي عقدٌ غير مكتوب بين القاعة والمشاهد.
وحين يشتري المتفرج تذكرته، فإنه يختار فيلمه بإرادته، ويمنح صوته الرمزي وماله الخاص لعمل فني يؤمن به أو يود اكتشافه أول مرة والبحث عن الفرجة والمتعة من خلال مشاهدة قصته ونوعيته ونجومه.
إن التلاعب بهذا الحق البسيط، يعني التلاعب بثقافة المشاهدة نفسها، وبثقة الجمهور في القاعة كفضاء للفرجة لا كمسرح للالتباس.
الخلاصة .. لا يمكن ـ مهنيا ولا قانونيا ولا أخلاقيا، مشاهدة فيلم بتذكرة فيلم آخر في هوليود وفي بوليود.
ومن يبرر ذلك تحت ذريعة “ما كاين مشكل، التذكرة صالحة لأي فيلم”، باللغة الإنجليزية أو الهندية، إنما يفتح الباب أمام فوضى تضرب مصداقية الشباك في الصميم، وتحول السينما من فن نبيل إلى لعبة أرقام في شباك مشبوه.