أفادت هيئة الإذاعة البريطانية BBC أن وزيرة الداخلية البريطانية تستعد للإعلان خلال الأسابيع المقبلة عن حزمة إصلاحات جذرية في نظام الهجرة واللجوء، مستلهمة النموذج الدنماركي الذي يُعد أحد أكثر الأنظمة تشددًا في أوروبا.
وتبحث وزيرة الداخلية شبانة محمود إدخال تغييرات تقلل من الحوافز التي تدفع المهاجرين إلى القدوم للمملكة المتحدة، مع تعزيز قدرة الحكومة على ترحيل من لا يمتلكون حق الإقامة. وتشير المعلومات إلى أن فريقًا من كبار مسؤولي الوزارة زار كوبنهاغن خلال شهر أكتوبر 2025 لدراسة التجربة الدنماركية ميدانيًا.
ويركز اهتمام وزارة الداخلية البريطانية على السياسات الدنماركية التي تفرض إقامة مؤقتة على معظم اللاجئين، وتتيح إعادتهم إلى بلدانهم بمجرد اعتبارها آمنة. ولا تمنح الدنمارك حماية دائمة إلا للاجئين الذين يواجهون تهديدات شخصية مباشرة من أنظمتهم.
كما يدرس الجانب البريطاني القيود الصارمة التي تطبقها الدنمارك على لمّ شمل الأسر. إذ تشترط كوبنهاغن أن يكون اللاجئ وشريكه المتقدم بطلب الانضمام فوق 24 عامًا، وألا يكون الشريك المقيم قد استفاد من إعانات حكومية لمدة ثلاث سنوات، إضافة إلى تقديم ضمان مالي واجتياز اختبار اللغة الدنماركية. ويُحرم اللاجئون المقيمون في مناطق تُعرّفها الحكومة على أنها "مجتمعات موازية" من حق لمّ الشمل نهائيًا. وتضم هذه المناطق أكثر من 50% من السكان من خلفيات تعتبرها "غير غربية"، ما أثار انتقادات واسعة واعتبره البعض تمييزًا قائمًا على الأصل العرقي.
كما تشهد الدنمارك نقاشات مشابهة لتلك الدائرة في المملكة المتحدة بشأن القيود التي تفرضها الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان على ترحيل المجرمين الأجانب. وقد أطلقت الحكومة الدنماركية مراجعة لبحث تعديل هذه القيود، مع تعاون بين لندن وكوبنهاغن في هذا الملف.
إصلاحات شبانة محمود تواجه انقسامات داخل حزب العمال. إذ يعتبر نواب يساريون أن استلهام النهج الدنماركي توجه "متشدد" يعكس بعض خطابات اليمين المتطرف. النائب السابق كلايف لويس وصف النموذج الدنماركي بأنه "نهج متشدد" تبنى كثيرًا من حجج اليمين، محذرًا من خسارة الحزب أصوات التيار التقدمي.
كما وصفت نادية ويتوم، نائبة نوتنغهام إيست، بعض السياسات الدنماركية المرتبطة بـ"المجتمعات الموازية" بأنها "عنصرية بلا شك"، مؤكدة أن الاتجاه نحو هذا النموذج سيكون "طريقًا مسدودًا أخلاقيًا وسياسيًا".
في المقابل، يرى نواب آخرون أن الاقتراب من السياسات الدنماركية بات ضروريًا لاستعادة ثقة الناخبين. غاريث سنيل، النائب عن ستوك أون ترينت، أشار إلى أن ناخبيه يعتبرون النظام الحالي "غير عادل"، وأن دعم عودة اللاجئين إلى أوطانهم عندما تصبح آمنة "نهج منطقي". بينما حذرت جو وايت، التي تقود مجموعة من نواب "الجدار الأحمر"، من ثمن انتخابي كبير سيدفعه الحزب إذا لم يتبنَّ سياسات أكثر صرامة، منها مطالبة بعض طالبي اللجوء بالمساهمة في تكاليف إقامتهم.
ويرتقب أن تكشف وزيرة الداخلية عن تفاصيل القواعد الجديدة خلال شهر نونبر 2025 في خطوة ستحدد ملامح سياسة الهجرة البريطانية خلال السنوات المقبلة، وسط مناخ سياسي محتدم وضغوط انتخابية متصاعدة.