أريري: بعد تكريس 31 أكتوبر عيدا وطنيا... طوبى للمغرب الموحد!

أريري: بعد تكريس 31 أكتوبر عيدا وطنيا... طوبى للمغرب الموحد! عبد الرحيم أريري
شكل صدور قرار مجلس الأمن، رقم 2797، المنتصر للشرعية المغربية على أقاليمه الجنوبية، والمرجح للحكم الذاتي كمخرج مشرف وواقعي قابل للتطبيق، لحظة فارقة في المسار الترافعي للإقناع بعدالة قضية وحدتنا الترابية على الصعيد الدولي، ولقد أضفى الخطاب الملكي الاستثنائي الذي أعقب هذا القرار، مساء الجمعة 31 أكتوبر 2025، على هذا القرار الأممي دلالات كبرى.
 
بصدور هذا القرار يكون المغرب قد انتصر، ملكا وشعبا، بإنهاء الماراثون العبثي الذي فرضته علينا الدولة الجار التي أضاعت، من عمر بلدينا، نصف قرن كان علينا معا أن نجعل منها، بمنطق الأخوة والجوار، مناسبة تاريخية للنهوض ببناء المغرب والجزائر، وبمشروع الاتحاد المغاربي، لنسوي معا إمكانية قيام منطقة إقليمية متوسطية توفر للعالم نعم الأمن، وتكريس مبادئ التعاون الدولي، وقيم حسن الجوار.
 
خلال ذلك، راكمت الجزائر سلسلة هزائم. سقط حلمها بالانتماء إلى "البريكس"، وفشلها في تأميم "الاتحاد الإفريقي"،  وفي ترتيب منطقة الساحل كجيب تابع للدسائس الجزائرية. ثم تعاظمت الخسارات حين سقط رهانها التاريخي القائم على "زرع كيان إرهابي" في أقاليمنا الجنوبية.
 
في سياق ذلك، اغتنم المغرب، فترة العبث الجزائري لمواصلة بناء المسلسل الديمقراطي، وتسطير المشاريع المهيكلة للتراب الوطني ولمجابهة كل آليات التعثر الذاتي والموضوعي.
نحن إذن إزاء مرحلتين: ما قبل 31 أكتوبر 2025 وما بعده.
الأولى انطبعت بقرار المرحوم الحسن الثاني الذي أبدع المسيرة الخضراء لاسترجاع الأقاليم الجنوبية.

الثانية تنطبع بإضفاء الملك محمد السادس سمة الشرعية الدولية على سيادتنا المطلقة عى ترابنا المحرر والموحد.
ما بعد 31 أكتوبر ليسا فقط تدبيرا زمنيا. بل هو تعبير جوهري عن التحول الجذري في بناء العلاقات مع الذات ومع الآخر، في القضايا  الوطنية وعلى مستوى العالم. ولنا في كتاب التاريخ الإنساني العديد من نماذج التحول في هذا الكون، بدءا من اكتشاف النار واكتشاف دوران الأرض، مرورا بتاريخ استقلال الشعوب، وانتهاء بسقوط جدار برلين، وصولا إلى اليوم.
 
بناء على كل هذه المعاني والاعتبارات صار حقا على المغاربة بقيادة ملكهم أن يجعلوا تاريخ 31 أكتوبر عيدا وطنيا تماما، كما جاء في بلاغ الديوان الملكي، وهو عيد ينهض كعنوان للنبوغ المغربي، ودليلا على حكمة تدبيرنا لقضايانا بحكمة الصبر والتصبر، وعنوانا تاريخيا وطنيا نقرأ من خلاله ما مضى، ونتجمع قوانا الروحية والوطنية والرمزية لمواجهة تحديات المستقبل.
 
نعم، إنها الحاجة إلى تأكيد هذا الموعد عيدا وطنيا، وذلك على غرار تخليد بلادنا للعديد من المناسبات الوطنية الهامة التي ميزت تاريخنا الراهن، كالحادي عشر من نونبر المخلد لذكرى تقديم عريضة المطالبة بالاستقلال، والسادس من نونبر المخلد لذكرى المسيرة الخضراء سنة 1975، والرابع عشر من غشت المخلد لذكرى استرجاع وادي الذهب سنة 1979، وعلى غرار كل أعيادنا المخلدة انتصارا لإرادة أمة متجذرة في التاريخ. تعرف كيف تنتصر، ثم تجعل الانتصار، لا ضغينة تجاه الأعداء والخصوم، ولكن تجعل منه طاقة إيجابية لبناء مستقبلنا الذاتي نصرة لسلام المحيط، وللإسهام الجماعي في صناعة أمن الشعوب.
هي حكمة الملوك التي هي حكمة المغرب العظيم.
 
طوبى للمغرب الموحد.