عبد المجيد بلغزال: من عيدالمسيرة الى عيد الوحدة الوطنية...

عبد المجيد بلغزال: من عيدالمسيرة الى عيد الوحدة الوطنية... عبد المجيد بلغزال
مند ان تقدمت المملكة المغربية  بمشروع "مبادرة لتخويل الصحراء حكما ذاتيا"... وامام تزايد نطاق حشد الدعم الدولي للمبادرة ، كنت  باستمرار منشغلا  واحيانا محبط ،من حجم عجزنا الجماعي  على  انتاج خطاب ومبادرات ،تنسجم مع طبيعة وعمق التحول المطروح كاطار لايجاد حل سياسي واقعي ومستدام ... 
ومع التحول  المركزي الذي خلفه اعتماد  مجلس الامن للقرار الاخير ، وحديث جلالة الملك عن ان ما بعد 31 اكتوبر يختلف عما قبله...  بصرف النظر عن تعدد القراءات فان الخطاب الملكي سعي بشكل جريء الى تاطير ما بعد 31 أكتوبر  من خلال التاكيد على اليد الممدودة نحو الجزائر من اجل بناء سلام الشجعان، حيث لا غالب ولا مغلوب ، وعكس كل التيارات المأخوذة بضغط العواطف الجياشة ، فان ملك البلاد  أكد ان الامر لا يتعلق بانتصار  ولعل تأكيد الملك على هذه المعادلة كان بالاساس موجها من جهة لاطراف النزاع ومن جهةثانية ، سعى لتأطير وتوجيه الراي العام  ليستحظر في هذه اللحظة المفصلية،  رهان التفكير في الاخر والحرص على فتح افق متجدد لاعادة بناء الذاكرة المشتركة،ذاكرة المغارب.. واستكمالا لهذه الروح  سيصدر الديوان الملكي اليوم بلاغا ، يعلن فيه  "عيد الوحدة الوطنية " عوضا عن المسيرة الخضراء...
في تقديري، فان اقدام الملك على هذه الخطوة، لا يمكن تفسيره الا في اتجاه التاكيد على أن المملكة دخلت فعلا في أجرأة سبل"لا غالب ولا مغلوب"  من خلال اطلاق مسيرة اعادة  بناء  الذاكرة المشتركة ،ذاكرتنا الجماعية بصرف النظر عن مواقفنا، سيما اذا انطلفنا  من كون حدث"المسيرة الخضراء" الذي شكل هوية اجيال  تميز في الاصل  بتجاور سردتين مختلفتين ، سردية التحرير والوحدة الوطنية وسردية  الموقف المخالف، التي ارتبطت بما يسمى بادبيات "الانطلاقة" لدى الاخوة في البوليساريو....
لكن للشهادة والتاريخ ،فاذا كنا نحن  المتابعين لملف النزاع الاقليمي، لا نتردد في الدعوة الى ضرورة اعادة كتابة تاريخنا الجماعي والمشترك، بصرف النظر عن طبيعة اماله واحلامه ، فان ملك البلاد وهو يتخذ هذه الخطوة الشجاعة وغير المسبوقة، فانما كان يقوم باحلال "عيد الوحدة الوطنية " مكان "عيد المسيرة الخضراء " مع ما  للمسيرة الخضراء من مكانة خاصة في  الوجدان المغربي  باعتبارها أهم  حدث تاريخي  من ابداع الراحل الحسن الثاني.... أكيد ان التغيير  لا يعني بالضرورة  التقليل من اهمية  حدث المسيرة..فما هي الرسالة التي ارادها الملك  باحداث هذا التحول الكبير؟
لا اجازف اذا ما قدرت أن ملك البلاد بهذا القرار "الصعب" و "الشجاع" كان يستهدف احداث تحول سيكولوجي كبير لدى الجميع من اجل تملك مغزى وقيمة  الانخراط في البناء الجماعي لذاكرتنا المشتركة ..الذاكرة الكفيلة باعادة بناء الفضاء المغاربي  المتطلع الى تحرير بلداننا من كل  ما من شأنه ان يعطل مسار التنمية الشاملة  ويعزز افق بناء الديمقراطية  ودولة الحق والقانون...