هل تستحق "راوية" التكريم في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش؟

هل تستحق "راوية" التكريم في المهرجان الدولي للفيلم بمراكش؟ الفنانة المغربية الكبيرة فاطمة هراندي/ راوية
تأتي لحظة تكريم الفنانة المغربية الكبيرة فاطمة هراندي/ راوية بالدورة المقبلة لأهم وأكبر مهرجان لدينا في المغرب، المهرجان الدولي للفيلم بمراكش، كاعتراف مستحق لمسار فني متفرد، استطاعت خلاله أن تخلق لنفسها حضورا لا يشبه أحدا، حضورا ينبني على مسيرة فنية ممتدة لعقود تنوعت بين المسرح والتلفزيون والسينما، هذه الأخيرة التي ولجت عالمها في تسعينيات القرن الماضي بمبادرة من المنتج، والسيناريست، والمخرج محمد عبازي الذي أشركها في فيلمه "كنوز الأطلس" 1997، ومنذ ذلك الحين رسمت لنفسها مسارا سينمائيا غنيا بعشرات الافلام المتنوعة أجناسها وجنسياتها.
 
تتميز الفنانة راوية في تشخيصها بصدق التعبير وعمق الإحساس، معززة حضورها ببساطة الأداء وعفويته وتلقائيته. راوية فنانة تسبح في سماء لوحدها دون منافس، لم تصنع لتكون نجمة، بل صقلت لتكون ممثلة حقيقية.
 
هي تستحق منا كل التقدير والتشجيع، لأنها بكل بساطة فنانة مناضلة، ونضالها تحاصره من كل جانب إيديولوجية الفن المستحدثة المبنية على التفاهة والبهرجة الفارغة، تلك الإيديولوجية التي لا تبحث عن الموهبة، والتكوين الفني، والقدرة على تجسيد الشخصية بقدرما تبحث عن عدد المتابعين والإعجابات، فحولت بذلك الفن إلى مجرد واجهة ترويجية تُقاس قيمتها بالترند لا بالإبداع، لكنها رغم ذلك تحاول قدر الإمكان الصمود، ومواصلة المسير بثبات الكبار، ويظهر ذلك جليا في كل عمل جاد محترم حتى لو كان دورها فيه ثانويا، لأنها تدرك تمام الإدراك أن السينما ليست فضاءً لتأكيد الشهرة، أو ملجأ لإيواء التافهين بحثا عن وهج سريع، وبريق مصطنع، بل فضاء لصناعة الأثر، ومختبر لتوليد المعاني الحقيقية، حيث يختبر صدق الممثل قبل أدائه، وتمتحن موهبته قبل وقوفه أمام الكاميرا.
 
لذلك يأتي هذا التكريم اليوم ليس فقط ليحتفي بفنانة مخضرمة، بل ليقدّر قيمة مسار ظل وفيّاً لذاته وفنه، ومتوازنا ومتسقا مع نفسه، وممتدا بسلاسة ووعي نحو آفاق جديدة من الإبداع الحقيقي الصادق، فهنيئا لها وللمغرب الفني.