بوناصر المصطفى: هل دخلت السياسة سن اليأس أم في فترة حيض؟

بوناصر المصطفى: هل دخلت السياسة سن اليأس أم في فترة حيض؟ بوناصر المصطفى
اكتوى الوضع في المغرب بحالة من البؤس والفقر السياسي المزمن عانته جل القطاعات بوضع بئيس عم فيه القلق، ففجر غضب الشارع في حراك وغليان شبابي دون سابق انذار واجهته الحكومة بمزايدات وخطاب احيانا متعال سوريالي، وآخر أصم بات يفتخر ويعتز بنشرات الأرقام، وإصرار أن القادم أجمل. لم ترق هذه النرجسية المريضة إلا بنسج أفق كئيب ومختل في الأدهان. مما يفرض التقصي وطرح سؤال مصداقية هذا الخطاب السياسي؟ يقينا سمحت جدية هذه الانتفاضة إرغام الحكومة أن تستفيق من كوابيسها وتخرج بعد أن تنسج في الكواليس قرارات تبدو في ظاهرها جريئة وحاسمة لامتصاص غضب الساكنة.
 فأي رهان هذا؟ وموسم الانتخابات يدق أبوابه لكسب رهان ساكنة فاض صبرها، ومحاولة الصد بسيناريو مخرج بحزمة وعود وكتلة أرقام لإصلاح وضع مزري فقد توازنه، أم أن قساوة الدرس سيرغم المسؤول لإعادة ترتيب الأوراق في تدبير الشأن العام؟
هذا الوضع في المغرب يوحي بترقب استمرار حالة من الاستياء والاحتقان الاجتماعي، حيث يعيش الشباب حالة من اليأس القاتم والمجتمع أصيب بالكأبة والتشرذم نتيجة تدهور كل القطاعات والخدمات. لقد شهدت العلاقة بين بين الحكومة والشعب توترا تصعيديا، شحنته نقاشات حوارية كانت في الخلف تغلي، تعززت بكتلة الانتقادات ورفض  للأداء الحالي.
إن التأمل الذكي في هذا الطقس المضطرب صار يفرض تسليط الضوء على مصداقية الخطاب السياسي، وهذا شرط أساسي وحيوي لبناء جو من الشفافية لتكريس المصداقية بين الحكومة والمواطنين في اتجاه تصويب أي خطوة أو قرار حكومي إلا في إطار من الشفافة في صناعة القرار والإشراك في صياغته، وهو شرط الزامي لإعادة بناء الثقة بين الطرفين لتحسين الأوضاع ومعالجة المشكلات المتراكمة.
اكيد أن المبادرة الجادة لانتفاضة الشباب كانت دافعا قويا لتوجيه الحكومة نحو قرارات جريئة وحاسمة، لقنت الحكومة درسا في واجب التصرف المسؤول، وشفافية وسرعة الإجراء، وقرب وفعالية لتلبية تطلعات الناس.
مما لا شك فيه أن قرب الانتخابات فترة حرجة لاستعادة ثقة الناخبين، فالإجراءات المقترحة من الحكومة من المستحيل ملامستها في هذا الحيز الحرج. ومع ذلك، يجب أن يكون أي إجراء منطلق من رؤية استراتيجية ذات خط مستدام، بدلًا من سيناريوهات ووعود قصيرة المدى.
لترتيب الأوراق، يشترط أن تكون الإجراءات الحكومية المتخذة مدروسة جيدًا وتعكس التزامًا فعليا ملموسا يحقق التغيير الإيجابي ويسمح بتحسين الظروف الاقتصادية والاجتماعية للمواطنين.
في ظل هذه الوضع المأساوي يصبح من الصعب تحديد بدقة كافية، ما إذا كانت هذه القرارات الحكومية الأخيرة هي مجرد تكتيك انتخابي، أم لها أسباب وأهداف أخرى. من البديهي أن تسيطر على أي قرار حكومي قبيل الانتخابات الرغبة في كسب دعم الناخبين وتحقيق الفوز، وهذا يعتبر روح اللعبة السائدة في قاموس الديمقراطية السياسية ببلادنا.
لذلك، علينا أن ننظر إلى السياق الكامل وخلفيات اتخاذ هذه القرارات بعين يقظة كي تنبع هذه الإجراءات من قوة المجتمع المدني وضغط الشارع، لخلق تجاوب الحكومة مع مطالب المواطنين لتحسين الوضع العام.
إن عملية تقييم القرارات الحكومية بوضعها في سياقها الصحيح لا تخرج عن كونها تكتيكا انتخابيا وبعيدة عن تلك النية صادقة، لقد تأكد للشعب ان كل الإجراءات خلال المدة الانتدابية لم يلامس أي تأثير على سواء على المجتمع أو الاقتصاد، لذلك تبقى الصرامة والمحاسبة ومتابعة تنفيذ الاصلاحات والالتزام بتحقيق الأهداف المعلنة.
بشكل عام، على الحكومات أن تتصف قرارتها بالشفافية والالتزام بالمسؤولة لخدمة الوطن وتقديم السياسات والقرارات، سواء كانت تتعلق بالانتخابات أو غيرها من الفترات، لضمان تحقيق المصلحة العامة وتطوير البلد بشكل مستدام.
هل من مخرج ليستعيد الشأن السياسي حيويته؟ 
كيف لأي منبر سياسي أن يدعي التميز والاستقلالية في غياب تملكه لرؤية استراتيجية مبنية قناعات خاصة قادرة على التعايش في خضم كم من التعددية والاختلاف؟
 
إلى أي حد يستطيع المجتمع المدني القيام بأدواره الطلائعية بعيدا عن التقوقع داخل فضاءات ضيقة؟