خليل البخاري: التربية على المواطنة والتنمية المستدامة

خليل البخاري: التربية على المواطنة والتنمية المستدامة خليل البخاري
تشكل المواطنة عنصرًا أساسيًا ومهمًا لاستقرار المجتمع وتماسكه واتحاد أبنائه. عملية الاستقرار هي مسؤولية مشتركة بين كل مؤسسات المجتمع وأفراده، من خلال غرس القيم الوطنية النبيلة.
 
إن علماء التربية وعلم النفس الاجتماعي يتفقون على أن التربية على المواطنة والتنمية الاجتماعية تشكل أساس المواطنة بوصفها نمط سلوكي متميز يساهم في الارتقاء بالفرد، ليصبح قادرًا على القيام بواجباته والحصول على حقوقه.
 
إن الدور التربوي التعليمي للتربية على المواطنة يساعد المواطنين على أن يصبحوا فاعلين مشاركين، ولديهم مسؤولية تجاه بلدهم وشركائهم في الوطن. وهذا النمط من الفاعلية والمشاركة من جانب المواطنين لا ينشأ تلقائيًا، بل يحتاج إلى جهد تربوي وتعلمي ممتد يشمل جميع الأفراد في كل مؤسسات المجتمع التي تهتم بالتنشئة الاجتماعية.
 
إن التربية على المواطنة تحمل مضامينها في ترسيخ التضامن الاجتماعي، وتزويد النشء بالتعاون والقيم والمهارات التي تساعده في التمتع بحقوقه والقيام بواجباته كما ينبغي. كما تعد التربية على المواطنة من أهم عناصر التنمية البشرية المستدامة، وكذلك القضايا الفكرية والسياسية، ومدخلًا فلسفيًا جديدًا لمستقبل التربية، وتهدف أيضًا إلى إكساب الأفراد قيمًا وأفكارًا وتصورات واتجاهات سياسية. وتعد كذلك التربية على المواطنة الأداة والوسيلة اللازمة لغرس ثقافة المواطنة لدى الأفراد.
 
إن التربية على المواطنة هي عملية أوسع من أن تنحصر في البيئة المدرسية فقط، حيث إن البيئة الاجتماعية والأسرية والمحيط العام ووسائل اللعب تعمل على تنشئة جيل أو مواطن يتحلى بقيم المواطنة.
 
إن تدريس مادة التربية على المواطنة في بلادنا يأتي باعتباره حجر الزاوية في بناء وعي الأجيال الصاعدة. المواطنة الحقيقية تعني تمكين النشء من الإلمام بالمعرفة والمهارات الأساسية بما يؤهله لحياة مدنية أفضل داخل مجتمع يتسم بالتعددية في القيم، كما أنها مدخل رئيسي لفهم ركائز المجتمع مثل حقوق الإنسان ومبادئ الديمقراطية الحقة.
 
إن التربية على المواطنة تقوم على ركائز أساسية. فهي تبدأ بالمعرفة التي تمنح الأفراد فهمًا عميقًا لهويتهم وكيفية انعكاسها على قراراتهم وسلوكهم داخل المجتمع. وتأتي المهارات لتؤكد على تنمية الفكر النقدي وتحليل الممارسات اليومية، سواء في المدرسة أو في الحياة العامة. أما القيم، فهي تمثل البعد الوجداني الذي يوجه سلوك الإنسان ويعزز انفتاحه على قيم الآخرين. وأخيرًا، يظهر دور الاستعدادات في جعل المواطن قادرًا على تحمل المسؤولية عن أفعاله وقراراته، مع السعي لإيجاد حلول تضمن المساواة وتدعم التماسك الاجتماعي.