بعمق التوجيهات الملكية وروح المسؤولية الوطنية: مبادرة الدكاترة الشباب تعيد ملف المعطلين لطاولة الحوار

بعمق التوجيهات الملكية وروح المسؤولية الوطنية: مبادرة الدكاترة الشباب تعيد ملف المعطلين لطاولة الحوار جانب من وقفة احتجاجية (سابقة)

في خطوة وطنية لافتة، تعيد مبادرة الدكاترة الشباب من أجل الحوار فتح ملف الدكاترة المعطلين قصد إيجاد حلول واقعية ومنصفة لملفهم الذي عمر طويلا دون تسوية نهائية، المبادرة تستمد خصوصيتها من كونها تتبنى خطابا إيجابيا قائما على الحوار والتفاعل البناء مع مختلف الفاعلين المؤسساتيين، بدل منطق المواجهة أو التصعيد والإحتجاج.

الجدير بالذكر أن المبادرة تضم دكاترة من مختلف التخصصات العلمية والإنسانية والقانونية، وتشهد انخراطا وطنيا واسعا، إذ تجاوز عدد المشاركين فيها 200 دكتور ودكتورة موزعين من طنجة إلى وجدة إلى الكويرة، مما يعكس الطابع الشمولي والوطني للمبادرة، ما يجعلنا أمام حقيقة أن ملف الدكاترة المعطلين لا يهم فئة محدودة، بل نخبة علمية منتشرة في مختلف الجهات والأقاليم والقرى المغربية.

ويؤكد القائمون على المبادرة أن مشروعهم ينسجم بعمق مع التوجيهات الملكية السامية التي وردت في الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح البرلمان في 10 أكتوبر 2025، حيث دعا جلالة الملك نصره الله إلى تشجيع المبادرات المحلية والأنشطة الاقتصادية، وتوفير فرص الشغل للشباب، والنهوض بقطاعات التعليم والصحة، وتأهيل المجال الترابي.” وهي مضامين اعتبرها أصحاب المبادرة حافزا قويا لاختيار مسار الحوار المؤسساتي، باعتباره امتدادا لروح التوجيه الملكي الذي يربط بين الإصلاح الاجتماعي والجهوي وبين الانخراط الفاعل للنخب الوطنية.

كما تتقاطع المبادرة مع ما ورد في بلاغ الديوان الملكي عقب أشغال المجلس الوزاري ليوم 19 أكتوبر 2025، الذي شدد على ضرورة إعطاء الأولوية لإحداث مناصب الشغل للشباب، والدعم الفعلي لقطاعات التربية والتعليم والصحة، إضافة إلى التأهيل المجالي هذه التوجيهات تؤكد المنحى الاستراتيجي الذي تتبناه الدولة، والقائم على جعل التشغيل وتثمين الرأسمال البشري محورا أساسيا لخياراتها التنموية المقبلة.

أعضاء المبادرة يستحضرون أيضا الخطابات الملكية السابقة التي جعلت من الحق في التشغيل محورا مركزيا في التنمية، ومن بينها خطاب عيد العرش لسنة 2025، الذي دعا فيه جلالة الملك نصره الله إلى الانتقال من منطق الوعود إلى منطق الأجرأة والفعل، عبر سياسات مندمجة وشمولية تستجيب لحاجيات الشباب، لاسيما في مجالي التشغيل والإدماج الاجتماعي.” كما أكد جلالته في خطابه بمناسبة الذكرى التاسعة عشرة لتربعه على العرش على أهمية وضع أطر وسياسات وطنية للشباب باعتبارهم رافعة للتنمية الحقيقية.

وفي تصريح للجريدة، أوضح أحد المشرفين على المبادرة أن هذه الخطوة تأتي انسجاما مع الرؤية الملكية التي تولي الشباب اهتماما خاصا، مضيفا أن مخرجات المجلس الحكومي لشهر شتنبر 2025 أكدت استعداد الحكومة لفتح باب الحوار، وهو ما اعتبره المشاركون مؤشرا إيجابيا على جدية المؤسسات الوطنية في التعامل مع قضايا الكفاءات العليا.

وأضاف المتحدث أن المبادرة "تشكل رسالة قوية إلى الداخل والخارج معا؛ فعلى المستوى الوطني هي دعوة إلى عموم فئات المجتمع، وخاصة الشباب، للإيمان بجدوى الحوار والثقة في المؤسسات الوطنية، وخارجيا هي رد واضح على بعض المنابر التي تحاول الترويج لصورة مغلوطة عن علاقة المواطن بالمؤسسات، أو الادعاء بأن ملفات الكفاءات غير مطروحة للنقاش."

 

وأشار إلى أن بعض الأطراف الخارجية، تحاول مؤخرا تقديم صورة مضللة مفادها أنها نجحت في تسوية ملفات الدكاترة المعطلين بشكل شامل، في محاولة لتغذية خطاب فقدان الثقة بين المواطن المغربي ومؤسساته، "لكن الواقع يؤكد العكس، إذ إن المؤسسات الوطنية، مثل مؤسسة وسيط المملكة، فتحت نقاشا عموميا حول قضايا أساسية كالصحة في إطار روح المسؤولية والانفتاح التي تميز المقاربة المغربية."

تسعى هذه المبادرة، وفق القائمين عليها، إلى بلورة أرضية حوار وطنية تنطلق من مقاربة تشاركية بين الدكاترة والقطاعات الحكومية المعنية، بما يضمن العدالة والإنصاف لهذه الفئة التي تشكل أحد أعمدة الرأسمال العلمي للمملكة، ويؤكد في الآن ذاته على تجذر ثقافة الثقة والمسؤولية المشتركة بين الدولة والنخب الأكاديمية المغربية.

إن مبادرة الدكاترة الشباب من أجل الحوار تمثل اليوم لحظة فارقة في مسار معالجة هذا الملف الاجتماعي والعلمي الحساس، إذ لا يمكن أن تنجح إلا بانخراط فعلي ومسؤول من جميع الأطراف المعنية، وفي مقدمتهم الفاعلون السياسيون وممثلو المؤسسات الحكومية، فالحوار الذي تدعو إليه المبادرة لا يهدف فقط إلى حل وضعية فئة من حملة الدكتوراه، بل إلى إعادة بناء جسور الثقة بين الدولة ونخبها العلمية، وتكريس نموذج جديد في تدبير الملفات الاجتماعية يقوم على الإنصات والتفاعل والاقتراح بدل الانتظار والتصعيد.

اليوم، تقع المسؤولية بالدرجة الأولى على الفاعلين المباشرين وصناع القرار لترجمة التوجيهات الملكية إلى خطوات عملية، عبر فتح قنوات حوار مؤسساتي جاد يضع الكفاءة العلمية في صلب التنمية الوطنية. فنجاح هذه المبادرة خصوصا وان الفئة المعنية تتوزع على عموم التراب الوطني كاملا وهذا ما يعني أن إنصاف هذه الفئة هو استثمار في ذكاء المغرب الجماعي وفي قدرته على تحويل الأزمات إلى فرص للإصلاح والبناء المشترك.