المريزق: من المنتدى الوطني للمدينة إلى قادمون وقادرون ومغرب المستقبل.. مسار يتجدد في أفق الطريق الرابع

المريزق: من المنتدى الوطني للمدينة إلى قادمون وقادرون ومغرب المستقبل.. مسار يتجدد في أفق الطريق الرابع المصطفى المريزق
قبل انبثاق حركة قادمون وقادرون سنة 2016، كانت التجربة التأسيسية التي شكلت منطلقاً لفكرها ومسارها هي المنتدى الوطني للمدينة، الذي انطلق برؤية استراتيجية تسعى إلى إعادة التفكير في مفهوم المدينة المغربية، ليس فقط كمجال عمراني، بل كفضاء للعيش المشترك، والتفاعل الثقافي، والتوازن المجالي والاجتماعي.
لقد كان المنتدى الوطني للمدينة – الذي التأم فيه باحثون، وفاعلون مدنيون، ومنتخبون، ومثقفون – لحظة تأسيسية لتجديد النقاش حول الحق في المدينة، والعدالة المجالية، والتنمية الترابية المستدامة.
ومن رحم هذا النقاش الفكري والتشاركي، تولدت قناعة جماعية بأن التغيير لا يمكن أن يأتي إلا من مبادرات ميدانية مستقلة، تجمع بين العمق الفكري والحضور الاجتماعي، وتفتح أمام المواطنين، وخاصة الشباب، أفقاً جديداً للمشاركة في الشأن العام خارج القوالب التقليدية.
هكذا وُلدت سنة 2016 حركة قادمون وقادرون، كامتداد طبيعي لتجربة المنتدى الوطني للمدينة، ولكن أيضاً كتحول نوعي نحو فعل جماعي منظم، يستلهم قيم العدالة الاجتماعية، والمساواة، والكرامة، ويؤمن بأن المواطن هو محور التنمية وأداتها.
لم تكن الحركة مجرد إطار تنظيمي، بل كانت مشروعاً مجتمعياً يسعى إلى بناء وعي جديد قوامه المسؤولية والمواطنة الفاعلة.
ومنذ انطلاقتها، حملت شعار الأمل، وأعادت إلى الفعل المدني المغربي ديناميته، عبر مبادرات ميدانية متواصلة ومشاريع فكرية متعددة، في مقدمتها المقهى الثقافي بمكناس الذي جسّد فلسفة الحوار والانفتاح، والجامعة الشعبية المغربية التي أرست تقليداً جديداً في التكوين المواطني، وجعلت من المعرفة أداة للتحرر والمشاركة الواعية.
ومع تراكم التجارب والرؤى، برزت فكرة الطريق الرابع، التي تجسدت في مشروع مغرب المستقبل، كأفق استراتيجي يتجاوز الثنائية التقليدية بين الدولة والمجتمع، وبين السياسي والمدني، ليفتح مجالاً ثالثاً، أو بالأحرى طريقاً رابعاً، قوامه الشراكة، والمسؤولية، والتجديد الديمقراطي.
إن مغرب المستقبل هو ثمرة هذا المسار الجماعي، الذي آمن بأن التغيير ممكن إذا استعاد المواطن ثقته في المؤسسات، وإذا جعلنا من العدالة الاجتماعية أساساً لبناء الدولة الحديثة.
واليوم، ونحن نتابع بارتياح بالغ بلاغ الديوان الملكي الأخير الصادر عقب اجتماع المجلس الوزاري برئاسة جلالة الملك محمد السادس، نستشعر امتداد هذا المسار في التوجهات الوطنية الكبرى التي أعلن عنها البلاغ، والتي تمثل انتصاراً حقيقياً لقضية الشباب ولقيم الدولة الاجتماعية التي ناضلنا من أجلها منذ أكثر من عقد.
لقد أكد البلاغ الملكي على جوهر رؤيتنا المجتمعية، من خلال تثبيت الحق في التعليم، والصحة، والشغل، والسكن كركائز أساسية لبناء مغرب العدالة والكرامة.
كما أن مشروع القانون التنظيمي المتعلق بمجلس النواب جاء ليعزز تخليق الحياة السياسية وضمان نزاهة الاستحقاقات المقبلة، عبر تحصين الولوج إلى المؤسسة التشريعية في وجه من صدر في حقهم ما يفقد الأهلية الانتخابية، واعتماد الحزم في مواجهة الفساد الانتخابي، إلى جانب خطوة جريئة وغير مسبوقة تمثلت في تحفيز الشباب دون سن 35 سنة على خوض غمار السياسة، من خلال تبسيط شروط الترشح، سواء بالانتماء الحزبي أو بدونه، وتخصيص دعم مالي يغطي 75% من مصاريف الحملات الانتخابية.
وفي السياق ذاته، يؤكد مشروع القانون التنظيمي للأحزاب السياسية الإرادة الوطنية في تجديد الحياة الحزبية وتعزيز مشاركة النساء والشباب في تأسيس الأحزاب وتسييرها، مع ضبط حكامتها وشفافيتها المالية، بما يواكب التحولات التي يشهدها المجتمع المغربي.
إننا، في قادمون وقادرون – مغرب المستقبل/الطريق الرابع، نعتبر هذا البلاغ الملكي تتويجاً لمسار من النضال الفكري والميداني امتد لأكثر من عشر سنوات، ومساحة اعتراف بضرورة تجديد التعاقد الوطني حول الدولة الاجتماعية والعدالة المجالية والتمكين الشبابي.
إنها لحظة تاريخية تعيد الثقة في المستقبل، وتفتح الطريق أمام جيل جديد من الفاعلين المؤمنين بقدرتهم على المساهمة في بناء مغرب متوازن، منصف، ومبدع، يسير بثقة على الطريق الرابع: طريق المواطنة والكرامة والعدالة.

يتبع