في مجتمعنا المغربي الاسلامي، الصلاة مقياس لصحة المفاصل

في مجتمعنا المغربي الاسلامي، الصلاة مقياس لصحة المفاصل الدكتور أنور الشرقاوي (يسارا) والبروفسور عبد الله المغراوي
الدكتور أنور الشرقاوي بتعاون مع البروفسور عبد الله المغراوي رئيس الجمعية المغربية العلمية لأمراض المفاصل  
 
في 12 أكتوبر من كل عام، يحتفل العالم بـ اليوم العالمي لمكافحة أمراض الروماتيزم، تلك الأمراض التي تسرق من الإنسان خفة حركته، وتختبر صبره وإيمانه.
وفي هذا السياق، يتقاطع الإيمان بالعلم، وتلتقي الروح بالطب، حين يصبح المسجد مرآةً لصحة الجسد، ومحراباً للتأمل في نعمة الحركة.
 في هذا السياق اعد الدكتور أنور الشرقاوي طبيب متخصص في التواصل الطبي والإعلام الصحي هذه المادة الصحفية بتعاون مع البروفسور عبد.الله المغراوي رئيس الجمعية المغربية العلمية لأمراض الروماتيزم 
 
المسجد... مكان للروح، ومقياس لصحة المفاصل 
كل يوم جمعة، تتدفق الجموع إلى بيوت الله.
تتعانق الأذرع في تكبيرة الإحرام، ينحني الظهر في الركوع، ثم تسجد الجبهة على الأرض في السجود، قبل أن ينهض الجسد ثانيةً نحو القيام.
حركات الصلاة هذه ليست مجرد طقوس روحية، بل هي اختبار حركي دقيق لكل مفصل من مفاصل الجسد.
يقول الأستاذ عبد الله المغراوي، رئيس الجمعية المغربية لأمراض الروماتيزم (SMR):
"الصلاة هي اختبار يومي لوظيفة المفاصل. فكثير من الناس لا يكتشفون إصابتهم بالتهاب المفاصل أو هشاشة العظام إلا عندما يعجزون عن السجود أو يجدون صعوبة في النهوض منه."
وهكذا، يصبح العجز عن أداء الحركات التعبدية أول إشارة خفية على مرضٍ عضالٍ يتربص بالجسد في صمت.
 
الصلاة... مرآة الصحة العامة 
تشير تقديرات منظمة الصحة العالمية إلى أن واحداً من كل خمسة أشخاص فوق الخمسين يعاني شكلاً من أشكال أمراض الروماتيزم — سواء كانت التهاب المفاصل، أو الروماتويد، أو السُبونديلوآرثريت.
وفي المغرب، تمثل هذه الأمراض أحد أبرز أسباب الألم المزمن وفقدان القدرة على العمل.
يضيف الأستاذ المغراوي قائلاً:
"كلما كان التشخيص مبكراً، كانت فرص العلاج أكبر.
ويمكن للمساجد أن تكون جسوراً لنشر الوعي الصحي، تحثّ الناس على الفحص قبل فوات الأوان."
إن تخصيص خطبة جمعة عن صحة المفاصل، لا يقل أهمية عن الحديث عن الإيمان أو الصبر، لأن الوقاية عبادة أيضاً.
 
الصلاة... علاج مساعد على شكل تمارين روحية في متناول الجميع 
يرى الأطباء أن حركات الصلاة المنتظمة والبطيئة تعمل كنوع من العلاج الفيزيائي الطبيعي، تحافظ على ليونة المفاصل، وتمنع تيبّسها.
 
"عند بعض المرضى، تعمل الصلاة كرياضة خفيفة ومنتظمة"، يقول الأستاذ المغراوي،
"لكن على المريض ألا يتجاوز حدّه، فالإجهاد قد يزيد الالتهاب. ومن الأفضل تعديل الوضعيات، كالصلاة جالساً، بدل تركها كلياً."
 
تحالف الإيمان والطب 
لقد تحولت المساجد من قبل إلى فضاءاتٍ لنشر الوعي الصحي — في حملات التلقيح، والنظافة، والتبرع بالدم.
واليوم، يمكن أن تصبح أيضاً منابر لمحاربة أمراض المفاصل، التي تسلب الإنسان راحته وقدرته على العبادة والعمل.
 
"الإمام والطبيب يستطيعان أن يتشاركا المنبر نفسه، ليقولا للناس إن الألم ليس عيباً، وإن الاستشارة الطبية ليست ضعفاً في الإيمان، بل حفاظا على نعمة الجسد التي وهبها الله"،
يختم الأستاذ المغراوي حديثه.
 
المسجد... منارة للروح والجسد معاً 
حين تتعاون العقيدة والعلم، يصبح المسجد أكثر من مكان للركوع والسجود.
يصبح منبراً للوقاية، ومأوى للشفاء، وفضاءً للكرامة الإنسانية.
فكما تُطهّر الصلاة القلب من الذنوب، يمكن أن تُطهّر المعرفة العلمية الجسد من الألم.