عبد المقصود الراشدي: حراك الشباب.. ملاحظات أولية (3)

عبد المقصود الراشدي: حراك الشباب.. ملاحظات أولية (3) عبد المقصود الراشدي
يمكن القول أن هذه الحركة الشبابية، سبقتها بأيام احتجاجات بالعالم القروي من خلال تنظيم مسيرات مشيا على الأقدام لمسافة طويلة ببعض المناطق الجبلية والقروية احتجاجا على أوضاعهم الإجتماعية وتهميش مناطقهم من خيرات المشاريع التنموية الكبرى.
ومعلوم أن هذه الاحتجاجات بالعالم القروي لها وقعها في تاريخ المغرب الحديث، قد تعطي نفسا اجتماعيا لساكنة هذه المناطق ، لكنها تلتقي مع الحركات الشبابية في التأكيد على أن بلادنا تعيش فعلا قلقا اجتماعيا واضحا. 
لكن الملفت للنظر هو قصور الأحزاب عموما القيام بواجبها كما حدده دستور 2011، وتتلقى عليه دعما متعدد الأنواع، بالرغم مما تعرضت له بعضها من تبخيس لعملها وتاريخها وتدجين لممارستها في الحاضر. واقع هذه الأحزاب يساءلنا حول ماهية وجودها ووظائفها وحكامتها وبالتالي اثرها الميداني في تفعيل برامجها الحزبية كما يؤكد على ذلك دستور بلادنا. ذلك أن هذه الأحزاب أصبحت في أغلبها جامدة أو متجاوزة في التدافع السياسي وإنتاج خطابات واضحة حول أوضاع البلاد، ليس فقط بالبرلمان بل من خلال حوارات ونقاشات مع اعضائها ومع المجتمع لإرساء أسس للثقافة السياسية وجعلها ذات جاذبية للشباب وغيرهم بما يضمن الفهم والمشاركة والمبادرة وتمنيع وتحصين المجتمع.
وقد يبدو أحيانا أن أحزابنا لا تتوفر على قاعدة اجتماعية حقيقية تنعكس مطالبها وانتظاراتها من خلال عرضها السياسي على المجتمع.   فالملاحظ وجود أحزاب في الإعلام وعلى الورق، كما أن الممارسة اليومية بداخلها خاصة تعاني نفسها من خصاص الديمقراطية الداخلية وعدم التداول على المسؤوليات بها   بشكل غير معقول في مغرب اليوم. مما جعلها كذلك تفتقد لجاذبية الشباب ونقص في الإنفتاح والتنسيق بينها والخوف من المبادرة، بينما الأحزاب الإدارية كما كنا نسميها تعيش مشكل شرعية النشأة ، وتعتمد في الزمن الإنتخابي على المال والجاه وأحيانا الحياد السلبي للسلطة. 
وللأسف الشديد، فالنظام الانتخابي نفسه أصبح معيقا للتطور الديمقراطي ولا يسمح بإفراز أغلبية حقيقية، تشكل برامجها قوة للتقدم التنموي والتدافع السياسي من أجل التطور والتغيير الديمقراطي ولممارسة سياسية نزيهة تعيد المصداقية للمشهد الحزبي والثقة في العمل الحزبي الذي لابديل عنه بقوة الدستور، من طرف مختلف اجيال مكونات المجتمع ولمصلحة مستقبل بلادنا.
آن الأوان لإعادة النظر في قوانين الحقل الحزبي والانتخابي، وأساسا ضمان استقلاليته، وتقوية شروط الحكامة الداخلية الملزمة قانونا سواء للأحزاب والنقابات وكذلك الجمعيات، بما يساعد على مصداقية الحقل السياسي ويجعل من العمل الحزبي بوابة حقيقية للمشاركة المواطنة في الحياة السياسية، بما يعيد الثقة في الدولة والمؤسسات من أجل المغرب حاضرا ومستقبلا. انتهى