محمد هنشيش: بعض المديرين حولوا الوكالات الحضرية إلى بؤر للفساد الإداري وهدر المال العام

محمد هنشيش: بعض المديرين حولوا الوكالات الحضرية إلى بؤر للفساد الإداري وهدر المال العام محمد هنشيش، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للوكالات الحضرية
أكد محمد هنشيش، الكاتب العام للمنظمة الديمقراطية للوكالات الحضرية، أن قطاع الوكالات الحضرية يعيش على وقع “استفراد بالقرار” و“تهميش للنقابات الجادة”، معتبراً أن الوزارة الوصية تسعى إلى تمرير قرارات مصيرية في غياب حوار حقيقي وشامل. وأوضح هنشيش في حوار مع "أنفاس بريس"  أن المنظمة الديمقراطية للشغل اختارت تنظيم ندوة صحافية لتسليط الضوء على ما وصفه بـ“مظاهر الريع الإداري والكولسة”، مبرزاً أن بعض الوكالات تحولت إلى “نموذج لهدر المال العام”، في ظل غياب المراقبة وتكريس منطق المحسوبية والولاءات.
 
 
 
ما هي أبرز الدوافع التي جعلتكم تعلنون عن تنظيم هذه الندوة الصحفية في هذا التوقيت بالذات؟
- في الحقيقة، كنا ولا زلنا نعتقد داخل المنظمة الديموقراطية للشغل أن الحوار المسؤول بين الإدارة والنقابة هو أفضل آلية لحل الإشكالات العالقة ومعالجة الملفات المتراكمة، ورغم وقوفنا على العديد من المؤشرات التي تؤكد توجه الوزارة الوصية نحو الاستفراد باتخاذ القرارات المصيرية التي تهم حاضر ومستقبل مئات الأطر والمستخدمات والمستخدمين بالوكالات الحضرية واستقرارهم الاجتماعي والمادي والمؤسساتي، بل والنزوع نحو محاولة إلباس هذه القرارات صبغة الشرعية من خلال مشاورات شكلية مع إطار سيطر على دواليب الوزارة لعقود من الزمان وشكل شبكات مصالح سيطرت على المناصب والمسؤوليات وعلى قطاع الاعمال الاجتماعية وحاول فرض سياسة الاحتواء والتحكم في قرارات وقناعات الوزارة ، وهو ما جعلنا نعتقد انه استنفاذ لمجال حسن الظن، وأنه آن الأوان لنعرض للرأي العام القطاعي والوطني جانبا من هذه الممارسات التي نعتقد أنها كان يجب أن تصبح، منذ زمن بعيد، جزءا من الماضي، لكن بعض العقليات التي تعودت على منطق التسلط والريع والكولسة ما زالت تحن لها وتصر على فرضها.
 
 
تحدثتم عن إقصاء متعمد للنقابات الجادة من الحوار، من هي الجهات أو الأطراف التي تمارس هذا الإقصاء بحسب تقديركم ؟
- حينما يتعلق الأمر  بإعداد نظام أساسي لمستخدمي الوكالات الحضرية، أو بنصوص قانونية تسعى لمراجعة هيكلة وأدوار وتركيبة هذه المؤسسات العمومية ونظامها القانوني، فإننا نعتقد أن الأمر يجب أن يتم في إطار نقاش موسع يضم كافة النقابات التي تتمتع بوضعية قانونية سليمة وبتمثيلية داخل القطاع، بل ونحبذ الانفتاح على كفاءات وفعاليات من الممكن أن تشكل قيمة مضافة، ما دامت الغاية المعلنة والمفترضة هي الإصلاح، لكننا نجد -للأسف- أن مشاريع جوهرية بالنسبة لحاضر ومستقبل هذه المؤسسات تتم صياغتها من طرف الإدارة في دائرة ضيقة وفي سرية تامة من أجل فرضها كأمر واقع كما هو الشأن بالنسبة لمشروع قانون الوكالات الجهوية، أما بالنسبة لمشروع النظام الأساسي الذي طال انتظاره، فقد تم توجيه الدعوة لإطارات بعضها لا تتوفر على وضع قانوني سليم ولم تجدد مكاتبها في الآجال القانونية مما جعل بعضها خارج القانون منذ سنوات ومفهوم كاتب وطني تحتاج الى نقاش في ظل غياب التمثيلية حتى في الوكالة التي يشتغل فيها المسؤول الوطني، وفي المقابل نجد على ان المنظمة توجد في وضعية قانونية سليمة وتتوفر على تمثيلية وازنة رغم الدعم المكشوف لفاعل نقابي معين لا يخجل من المطالبة بالديموقراطية دون أن تكون له القدرة على ممارستها داخل تنظيمه، فإننا نصبح هنا أمام إقصاء ثابت وممنهج ومكشوف لا يمكن السكوت عنه، خصوصا وأن الوزارة يمكنها التأكد بسهولة ويسر من الوضعية القانونية والتمثيلية الحقيقية لكل نقابة، إن كانت راغبة في ذلك، لكنها لا تريد، لأسباب يعرفها شغيلة الوكالات الحضرية، ولأنها لا تريد حوارا حقيقيا وجادا.
 
طالبتم بفتح نقاش وطني لإقرار نظام أساسي عادل، ما هي أهم ملامح النظام الذي تقترحونه لإصلاح قطاع الوكالات الحضرية؟
- نتوفر في المنظمة الديموقراطية للشغل على تصور واضح ومفصل لما نعتبره نظاما أساسيا عادلا ومنصفا لشغيلة الوكالات الحضرية، يتناول كل الجوانب الإدارية والمالية والتنظيمية، انطلاقا من تجارب مقارنة للأنظمة الأساسية لمؤسسات مشابهة، بما فيها إصلاحات ليست لها كلفة مالية لكن من شأن إقرارها وتبنيها أن يساهم في تحسين ظروف اشتغال مستخدمات ومستخدمي الوكالات الحضرية ويحفظ كرامتهم ومساراتهم المهنية من كل تعسف يمارس باسم السلطة التقديرية وضرورات المصلحة المفترى عليهما من طرف مدراء ما كان لبعضهم أن يتحمل منصب المسؤولية لولا منطق المحسوبية  والزيونية والولاءات ، وغياب ربط المسؤولية بالمحاسبة بشكل جعل هذه المناصب في بعض الحالات بمثابة ريع تستفيد منه نفس الوجوه التي يتم تدويرها منذ أكثر من 15 سنة لمراكمة الفشل من وكالة لأخرى خلافا للإرادة الملكية بإعطاء الفرصة لكفاءات شابة.
 
أشرتم على أن القانون الجديد المنظم للإضراب يهدد الحريات النقابية، كيف تنوون التعامل مع هذا القانون في المرحلة المقبلة؟
- بداية، اسمحوا لي أن أقوم بالتذكير بأن مشروع القانون التنظيمي رقم 97.15 المتعلق بممارسة حق الإضراب تم التصويت عليه يوم 5 فبراير 2025 بعدد 104 من أصل 395 برلماني، حيث وافق عليه 84 برلمانيا أي بنسبة 21,26%، وغاب عن التصويت 291 برلمانيا يمثلون بنسبة 73,67% من ممثلي الأمة.
في هذا السياق، ودون الدخول في تفاصيل عبرت منظمتنا عن موقفها منها في حينه، فإننا نعتقد أن مواد المشروع في مجملها تعرقل حرية ممارسة الإضراب، بل اتجهت إلى تكبيله واستحالة ممارسته وبذلك فهي مخالفة لروح ما نص عليه الفصل 29 من الدستور، وهو ما يفرض علينا مواصلة النضال من خلال آليات مبتكرة ومتجددة، مع وجوب الإشارة على أن التجربة أثبتت أنه في مقابل كل محاولة للتضييق وفرض الأمر الواقع، يكون هناك إبداع نضالي لإيصال صوت الطبقات المستهدفة.
 
اتهمتم بعض الوكالات الحضرية ب "الفساد الإداري" وتبذير المال العام، هل تتوفر لديكم معطيات دقيقة أو ملفات محددة تعتزمون إحالتها على الجهات المختصة؟
- نعتقد أن الحكومة يجب أن تكون أكثر حرصا منا على محاربة الفساد الإداري وتبذير المال العام، انطلاقا من مسؤولياتها القانونية والإدارية في هذا المجال أولا ومن الإمكانات التي تتوفر عليها ثانيا على مستوى التفتيش والمراقبة، والواقع هو أن بعض الوكالات الحضرية أصبحت نموذجا لهدر المال العام دون أن تكلف الوزارة الوصية نفسها عناء إيفاد المفتشية العامة للوزارة للافتحاص، بل إن الأدهى أن هناك وكالات حضرية تم افتحاصها والوقوف على اختلالات صارخة بها دون أن يتم الإفراج عن تقرير المفتشية العامة، وخلال الندوة الصحافية ل 25 أكتوبر 2025 إن شاء الله سنسوق أمثلة ، إذ كيف يعقل أن يمنح مدير وكالة حضرية لنفسه تعويضات وهمية عن التنقل تبلغ قيمتها ملايين السنتيمات سنويا طيلة سنوات رغم استفادته من سيارتين للمصلحة يستنزفان ميزانية خيالية على مستوى الصيانة واستهلالك البنزين الخ، وكيف يمكن تبرير قيام مدير سابق لوكالة حضرية قام بمجرد إحالته على التقاعد بعد عدة تمديدات، بالاستفادة من عقارات، وكيف تم تفصيل بعض وثائق التعمير على مقاس لوبيات نافذة وكذا المزاجية في الترخيص لمشاريع مقابل رفض مشاريع أخرى مماثلة، وهل نحن بحاجة إلى تكرار واقعة المدير السابق للوكالة الحضرية لمراكش حتى نقف على وجود بعض النماذج التي جعلت مناصبها غير المستحقة في خدمة مصالحها الشخصية .