جدري: الفساد أكبر عائق أمام تنزيل السياسات العمومية في التعليم والصحة والتشغيل

جدري: الفساد أكبر عائق أمام تنزيل السياسات العمومية في التعليم والصحة والتشغيل محمد جدري، خبير اقتصادي، ومدير مرصد مراقبة العمل الحكومي
أوضح محمد جدري، خبير اقتصادي، ومدير مرصد مراقبة العمل الحكومي، أن الاحتجاجات الشبابية الأخيرة لجيل Z، تبقى أمرًا إيجابيًا. فهي تبين أن المجتمع المغربي هو مجتمع متحرك يتفاعل مع نبض الشارع، ويهتم بالسياسات العمومية. هذه الظاهرة تشكل إشارات مهمة للفاعلين السياسيين لتؤخذ بعين الاعتبار اليوم وغدًا عند الانتخابات.
لكن، يجب أن تبقى هذه الاحتجاجات ضمن حدود معقولة، على أن تكون سلمية في المقام الأول، لكي يتم التعبير عن مطالب الشباب دون عنف أو تخريب، لأن الممتلكات العامة والخاصة هي ملك لجميع المغاربة. العنف والتخريب غير مقبولين إطلاقًا.
وأكد جدري في تصريح ل "أنفاس بريس"، أن الإشكال اليوم يكمن في فجوة الثقة بين الفاعلين السياسيين والشباب بصفة عامة، لأن الحكومة، رغم جهودها، تفتقر إلى نفس سياسي فعّال. فهي تتحدث بلغة تكنوقراطية تعتمد على الأرقام والمؤشرات، بعيدة عن نبض الشارع ومتطلبات المواطنين، وهو أمر لم يعد مقبولًا. الحكومة مطالبة بأن تكون فاعلة سياسيًا، وأن تمتلك وزاراء وأدوات سياسية لتتواصل بلغة المغاربة وتلبي احتياجاتهم الفعلية.
اليوم، يقول جدري، الإشكاليات والأولويات التي يطرحها المغاربة واضحة، وهي: جودة التعليم، وجودة المدارس العمومية، الوصول إلى خدمات صحية لائقة، وفرص تشغيلية، بالإضافة إلى الحد من أنماط الفساد التي وصلت إلى مستويات قياسية في الاقتصاد الوطني. 
وبالتالي، يتابع جدري، المطلوب اليوم ليس فقط إعداد قانون المالية. إذ رصدت لقطاع الصحة اعتمادات تفوق 32 مليار درهم، قطاع التعليم برقم يتجاوز 84 مليار درهم، بل ضمان تنزيله، لأن الفساد يعطل تحقيق السياسات العمومية في التعليم والصحة والتشغيل على أرض الواقع.
لاحظنا أن التعليم والصحة يشهدان تشجيعًا غير مباشر للقطاع الخاص، حيث تظهر مصحات طبية تنبت في مجموعة من المدن ذات جودة مستحسنة، بينما تبقى جودة الخدمات العمومية في المستشفيات متردية. لا يمكن توجيه المغاربة بشكل غير مباشر نحو القطاع الخاص الذي يحقق أرباحًا كبيرة، في حين يجب أن تتوفر خدمات عمومية جيدة للجميع.
لذلك، يشدد جدري، يحتاج قانون المالية 2026 إلى أساليب صارمة للمراقبة والمحاسبة لضمان أن تصل السياسات العمومية إلى أرض الميدان دون فساد. وهذا ما سيمكن من تحقيق سياسات عمومية تعليمية وصحية وتشغيلية تلبي حاجات المواطنين فعليًا.
وخلص جدري تصريحه بالقول بأن هذه التحديات ينبغي معالجتها خلال السنوات المقبلة لضمان تلبية تطلعات المغاربة، خاصة مع استضافة المغرب لمجموعة من الأحداث الدولية التي تقتضي توفير تعليم وصحة وتشغيل وبنية تحتية جيدة، وخلو هذه القطاعات من مظاهر الفساد حتى لا يظل مؤشر الفساد عند مستواه الراهن، بما يكفل تحقيق التنمية المنشودة.