عبداللطيف مستكفي: شباب يحتج و دستور مع وقف التنفيذ

عبداللطيف مستكفي: شباب يحتج و دستور مع وقف التنفيذ عبداللطيف مستكفي
ما يعيشه الشارع المغربي من احتجاجات جيل زيد ( Z )، يسائل الوثيقة الدستورية في شقها الشبابي عبر الفصول 33 و 170 و 171.
 
 
يجب أن نمتلك الشجاعة في الإقرار بغياب دور الوساطة المسند للأحزاب السياسية و دور التأطير المنوط بجمعيات المجتمع المدني و دور الأسرة الحاضنة لهموم الشاب الإبن و الذي يضطر الى خلق عوالم متعددة في العالم الافتراضي أكثر تجاوبا و جرأة بعيدا عن التمثلات المجتمعية المرتبطة بالقيم السائدة و التي يطغى عليها طابع الانغلاق و الهيمنة الفكرية تحت مسميات " حشومة" و " المخزن واعر" و " دخل سوق راسك".
تخلت الأحزاب السياسية عن دورها في تأطير الشباب و انشغلت بصراع المقاعد و خلود المسؤوليات التي يستفيد منها المناضلون القدامى، و تولد عن هذا الوضع صراع الأجيال بين جيل الشيوخ الذين يواظب على تنظيم اللقاءات و المؤتمرات و جيل الشباب الذي فضل أن يتعاقد مع الفضاء الأزرق. و في أحسن الأحوال يؤتى بالشباب الحزبي اما لتأثيت المقرات الحزبية مع الزامهم بتبني خطاب متزن، أو لأن القوانين الأساسية لهذه الأحزاب السياسية تفرض تواجد فئة الشباب ضمن التنظيمات الموازية.
 
أما جمعيات المجتمع المدني التي كان ينظر إليها كبديل عن الأحزاب السياسية و عن دور هذه الجمعيات في الحفاظ على ثقل الشباب فإن أغلبها شكل امتدادا جماهيريا للأحزاب السياسية، حيث تحظى بسخاء مادي كمقابل لجلب أصوات الناخبين، و تتفاقم هذه الظاهرة مع قساوة ظروف العيش المرتبطة بالأزمة الاقتصادية التي خلفت إرتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب.
 
احتجاجات الشارع التي تبدو عفوية في ظاهرها و تحمل شعارات حول التعليم و الصحة و التشغيل، قد تنحرف عن أهدافها.
 
نفضل مفهوم التجاوب، بدل مفهومي المواجهة و الاحتواء لارتباطهما بالمقاربة الأمنية، حيث تتعدد مداخل التجاوب مع هذه الاحتجاجات التي تتصف بخصوصية المزاوجة بين الافتراضي و الواقعي وضمن هذه المداخل هناك الجانب المؤسسي المتمثل في المجلس الاستشاري للشباب و العمل الجمعوي المشار اليه في دستور2011.
تمت تسمية المولود و تسجيله بالحالة الدستورية -قياسا على الحالة المدنية- . و في انتظار أن يحرك أحد اطرافة أو ينطق بكلمة، ظل لمدة تفوق 14 سنة في حضن الوثيقة الدستورية مشار إليه في الفصل 33 بمضامين تلبية حاجيات الشباب الثقافية و الاجتماعية و الاجتماعية و السياسية.
فهل يمكن اعتبار المعطى السياسي الوارد ضمن هذه الحاجيات و المسند لهذا المجلس بمثابة سحب البساط من تحت أقدام الأحزاب السياسية و بالتالي إعلان فشلها في تأطير الشباب؟
إن القراءة المتأنية لمضامين الفصل 170 من دستور 2011، تدفعنا إلى التأكيد على الدور الاستشاري للمجلس، إذ تصطدم القوة الاقترحية للشباب بعائقين:
العائق الأول، يمكن نصفة بالعائق القبلي فالاستشارة في جوهرها و معناها الصريح لا تكتسي طابع الإلزام، بل هي خاضعة للتعديل و قد تكون عرضة للاهمال. 
العائق الثاني، و هو العائق البعدي المرتبط بالجواب عن سؤال: على من ستعرض هذه الآراء الاستشارية المقدمة من طرف الشباب؟
و بمعنى أوضح هل تسند رئاسة المجلس الاستشاري للشباب و المجتمع المدني و العضوية بداخله للشباب أم يتم تكرار تجربة مجالس الشباب السابقة خلال سنوات 1957 1971 و 1990 من خلال إقصاء تمثيلية الشباب. ( تباعا: المجلس الوطني للشباب و المجلس الوطني للشباب و الرياضة و المجلس الوطني للشباب و المستقبل ).
 
من المفارقات المتصلة بهذه المؤسسة الدستورية أن يتم إسناد تأليفها و الصلاحيات المخولة إليها و كذلك قواعد سيرها بمقتض الفصل 171 من دستور 2011 الى البرلمان بقانون، برلمان ممثل باحزاب سياسية أعلنت فشلها في تأطير هؤلاء الشباب، فكيف لها أن تقوم بإعداد مقترحات قوانين تحقق الإشباع السياسي و الثقافي و الاقتصادي و الاجتماعي لهؤلاء الشباب.
 
عبداللطيف مستكفي أستاذ القانون الدستوري و العلوم السياسية بكلية العلوم القانونية و الاقتصادية و الاجتماعية عين الشق الدارالبيضاء. 
و رئيس مركز البديل للدراسات السوسيولوجية و القانونية.