سعيد عاتيق: من ضد مصلحة الوطن؟

سعيد عاتيق: من ضد مصلحة الوطن؟ سعيد عاتيق
منذ سنوات، والشارع المغربي لا يهدأ. لا تكاد تطوى يافطات احتجاجية حتى تبسط أخرى في حي وفي ساحة مجاورة، ووراء كل مظاهرة، ألم ما، وإحساس بالغبن، وتوق إلى وطن أكثر عدلا وكرامة.
منذ حركة 20 فبراير، مروراً بأحداث الريف واحتجاجات جرادة، ثم الجنوب، فالقرى المهمشة، والمداشر المنسية تتوالى نداءات الشارع، وتتكرر رسائل المواطنين، لكن يبدو أن من يفترض بهم الإصغاء لا يزالون بعيدين عن نبض الناس، لا يرون، لا يسمعون، وكأن على قلوبهم أقفالها. 
فمن ضد مصلحة الوطن؟ هل هو الشاب الذي يصرخ في الشارع مطالبا بمستشفى ومدرسة وحق في العيش الكريم؟ أم هو المسؤول الذي يرى في كل احتجاج تهديدا وفي كل صوت مزعجا وفي كل مظلمة "مؤامرة"؟
الحقيقة المؤلمة أن المحتجين ليسوا ضد الوطن، بل هم أبناء هذا الوطن الذين ضاقت بهم السبل.
الذي يعطل مصالح الوطن هو من جعل من المسؤولية مطية للريع، ومن المؤسسات واجهة للتجميل لا للتغيير، ومن المناصب وسيلة للاغتناء لا للخدمة.
والواقع خير شاهد على حجم المتابعات والإدانات القضائية في حق مسؤولين من مختلف المسؤوليات 
الوطنية الحقيقية لا تقاس بالشعارات والنفااااق المبين  بل بالإصلاح
الوطنية ليست أن تبرر كل اختلال، ولا أن تجمل كل فشل، ولا أن تشيطن كل محتج.
الوطنية أن تعترف بالخطر، وتبادر بالإصلاح، وتستمع لنبض الشارع لا لتقارير مجملة ومفلترة.
من يتحمل المسؤولية الحقيقية إذن؟ المسؤول الذي لم ينصت؟ الأحزاب التي فقدت الصلة بالناس؟النخب التي انشغلت بمصالحها؟أم المواطن الذي لم يجد بديلا عن الشارع لإسماع صوته؟
الجميع معني، لكن المسؤولية الأكبر تتحملها الدولة ومؤسساتها التي أنشئت لتدبير الشأن العام، لا لتدبير الصمت العام.
إلى متى نؤجل الأسئلة الصعبة؟إلى متى سنستمر في التعامل مع الاحتجاجات كما لو كانت مجرد "سحابة صيف"؟إلى متى سنكتفي بتدبير الأزمات بدل الوقاية منها؟ إلى متى إقصاء الشباب وخنق الأحلام، ثم نستغرب حين يحتجون؟
نحتاج دولة تصغي، لا تراقب فقط، دولة تعترف بأخطائها، وتفتح أبواب المشاركة، وتربط المسؤولية بالمحاسبة، لا بالحصانة. 
نحتاج نخبا سياسية تحمل هموم الناس، لا هموم الصفقات الانتخابية. 
نحتاج إعلاما حرا وليس منبطحا مصفقا منافقا نريد نقاشا وطنيا صادقا وليس بحور النفاق وجبال الشقااااق نريد   مؤسسات حقيقية لا صورية. وزايداااهااا بالتكلس والكسل تجيد رياضة دفن الراااس في الرملة
وشهادة حق : ليس المحتجون ضد الوطن،
 بل الصمت هو العدو والصامتون مهندسون لكل توابل العداء وصناع مهرة لأدوات معادية للوطن
الاحتجاجات لا تهدد استقرار الوطن، بل تنقذه من الغليان الصامت.
الصوت العالي ليس هو الخطر، بل الخطر هو في من لا يسمع.
المواطنون لم يخرجوا ليخربوا، بل لأنهم لم يجدوا بابا مفتوحا ينصفهم.
فمن ضد مصلحة الوطن؟
من لا يريد أن يغير الواقع فهو متربص من أجل احتراق الشارع.
 
سعيد عاتيق/ فاعل حقوقي وجمعوي