قال عبد الله الفركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة، أن المعطيات التي قدمتها وزيرة الاقتصاد والمالية، بمجلس النواب، حول استفادة هذه المقاولات من 32% من الصفقات العمومية لسنة 2024، تظل بعيدة عن الواقع الملموس الذي تعانيه المقاولات الصغيرة والمتوسطة.
وأوضح في حوار مع "أنفاس بريس"، أن أكثر من 40 ألف مقاولة صغيرة أعلنت إفلاسها في نفس السنة، فيما تضاعف عدد حالات الإفلاس أربع مرات منذ 2019 ليصل إلى 148 ألف مقاولة صغيرة جدًا و صغرى ومتوسطة في ظرف أربع سنوات فقط.
وأضاف محاورنا انتظارات هذه الفئة من مشروع قانون المالية 2026، محذرا من أن تأخر آجال الأداء يهدد استمرارية هذه المقاولات.
ما تعليقك على تصريح وزيرة الاقتصاد والمالية، حول استفادة المقاولات الصغرى والمتوسطة من 32% من الصفقات العمومية لسنة 2024؟
يثير تصريح وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح، بخصوص استفادة المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة من 32% من الصفقات العمومية لسنة 2024 العديد من التساؤلات.
وفقًا للوزيرة، تشير الأرقام إلى أن هذه المقاولات حصلت على حصة بلغت 107,2 مليار درهم من إجمالي استثمارات حكومية تجاوزت 335 مليار درهم في سنة 2024، وهو ما مكّن هذه المقاولات من تحقيق أرباح تزيد عن 16 مليار درهم، بافتراض أن نسبة الأرباح في الصفقات العمومية تصل إلى 15% لهذه الفئة من المقاولات، رغم أن المعدل المتعارف عليه هو أكثر من 20%.
إلا أنني أطرح تساؤلات جوهرية على الوزيرة:
1. هل استفادت فعلًا هذه المقاولات الصغرى من هذه المبالغ كما تشير الأرقام؟
2. إذا كان الأمر كذلك، فلماذا نلاحظ تسجيل أكثر من 40 ألف حالة إفلاس للمقاولات الصغرى (بصنفيها المعنوي والشخصي) خلال سنة 2024؟ علمًا بأن حالات الإفلاس تضاعفت أربع مرات منذ سنة 2019. فحسب الإحصاء فإن الأربع السنوات الأخيرة أعلنت 148 ألف مقاولة صغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة عن إفلاسها بصنفيها المعنوي والشخصي.
كما أود أن أذكر الوزيرة بالاجتماعين اللذين عقدناهما في 24 نونبر 2022 و9 دجنبر 2024 حول إصدار المراسيم التطبيقية للقانون رقم 2.12.349 الصادر في 20 مارس 2013، الذي يخصص 20% من الصفقات العمومية للمقاولات الصغرى. كيف يمكن أن يتم الإعلان عن تخصيص أكثر من هذه النسبة دون تنفيذ هذه المراسيم؟
وفي الاجتماع الأخير بمقر وزرارة الاقتصاد والمالية بتاريخ 14 يوليوز 2025 مع مستشاري الوزيرة بشأن إصدار هذه المراسيم، لم يتم التطرق إلى هذه الأرقام أو حتى الإشارة إليها، ولم نسمع عنها إلا مؤخرًا عبر الصحف.
السؤال الجوهري الآخر: إذا كانت المقاولات الصغرى قد استفادت من نسبة 32% في سنة 2024، فهل يعني ذلك أنها استفادت في سنة 2023 بأكثر من 20%؟ كيف يمكن ذلك والحكومة لم تصدر حتى الآن المراسيم التطبيقية المتعلقة بتخصيص نسبة 20% من الصفقات العمومية لهذه المقاولات؟
ولا زلنا نتلقى رسما الوعود بإصدار المراسيم التطبيقية لتطبيق نسبة 20% من الصفقات العمومية للمقاولات الصغرى لنفاجئ أننا قد حصلنا على أكثر من النسبة المحددة لنا دون إصدار المراسيم التطبيقية.
هذا يؤكد تخوفنا من تملص هذه الحكومة من مسؤولياتها وتمكين الباطرونا من مجموع الصفقات العمومية بالمغرب.
لقد عقدنا اجتماعات متكررة مع الوزيرة، لكننا لم نحصل إلا على وعود لم تُنفذ. إذا كانت إجابات الحكومة تفتقر إلى الشفافية وتعتمد على المعطيات المغلوطة لتبرير عجزها الواضح، فإن هذا فقط يعكس حجم الإخفاقات التي تعيشها الحكومة. الأرقام تشير بوضوح إلى أن حالات الإفلاس تضاعفت أربع مرات في السنوات الأخيرة، وأن معدل البطالة وصل إلى 13,7%، في حين أن القطاع غير المهيكل أصبح يسيطر على الاقتصاد الوطني بتشغيل 77,3% من اليد العاملة في المغرب.
نحن في الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة لا نستغرب من ردود الحكومة ووزرائها، إذ يبدو أن الانشغال الأكبر لكثير منهم هو إبرام الصفقات المربحة والمشبوهة وتحقيق المكاسب الشخصية لهم ولأفراد عائلاتهم وأعضاء أحزابهم و المحسوبين عليهم كالباطرونا، في وقت أصبحت مدة هذه الحكومة محدودة، وإمكانية تسيير الحكومة المقبلة تبدو شبه مستحيلة.
تصريحات الوزيرة بشأن جهود الحكومة لدعم المقاولات الصغيرة وتعزيز تنافسيتها لا تعدو كونها خطابات وشعارات بأرقام غير واقعية يكذبها الواقع. البرامج التي تتحدث عنها الحكومة لا تصل إلى هذه الفئة من المقاولات، بل تذهب في الغالب إلى الباطرونا وشركاتها المتوسطة والكبيرة، سواء عبر الصفقات العمومية، أو صناديق دعم الاستثمار، أو دعم التصدير والاستيراد، أو الاستراتيجيات الصناعية.
أما بالنسبة لعملية تأهيل ودعم المقاولات الناشئة بالمغرب التي تطرقت لها وزيرة المالية، عبر “صندوق إينوف إنفيست”، الذي خصص له مبلغ قدره 500 مليون درهم، فمند تخصيص البنك الدولي 50 مليون دولار للمغرب عن طريق صندوق التدبير و الإيداع و تمويلكم (صندوق الضمان المركزي سابقا) سنة 2017 لتمويل ودعم المقاولات الناشئة لم يحقق المغرب أي تقدم. وهذا متبث بالأرقام حيت يحتل المغرب مرتبة متأخرة في تمويلات الشركات الناشئة بإفريقيا في السنوات الأخيرة، حيث جاء في المرتبة التاسعة في عام 2025، فحسب تصنيف "ستارتب بلانك" لعام 2025، فإن المغرب جاء مؤخرا في الرتبة التاسعة إفريقيا امام كل من جنوب أفريقيا، كينيا، مصر، نيجيريا، الرأس الأخضر، غانا، تونس وناميبيا. ويُعتبر نظام جنوب أفريقيا البيئي الأكثر نضجًا، بينما تتصدر كينيا ومصر ونيجيريا بفضل أنظمتها البيئية الديناميكية وعددها الكبير من الشركات الناشئة.
هده نتائج سياسة الإقصاء التي تنهيها حكومة الباطرونا وإعطاء المبررات المغلوطة على الحكومة لدعم المقاولات الصغرى و الناشئة في حين يتم إقصاء و تغييب الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة عن كافة المشاورات المصيرية بهده الفئة من المقاولات بالمغرب، ما أفسح المجال للباطرونا لفرض شروطها على الحكومة في ملفات حساسة، مثل شروط الاستفادة من دعم الاستثمار ومشروع قانون المالية لسنة 2026. هذا المشروع الدي لم يقم فوزي لقجع، الوزير المنتدب المكلف بالميزانية باستشارتنا فيه للسنة الرابعة على التوالي، بينما يتم التشاور بشكل كبير مع ممثلي الباطرونا و تستحوذ على جميع الامتيازات الضريبية، المالية، العقارية، الاخ ...
ماهي انتظارات المقاولات الصغيرة والمتوسطة من مشروع قانون المالية 2026؟
تتركز توقعات المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة من مشروع قانون المالية لعام 2026 على تحسين البيئة الاقتصادية وتخفيف الأعباء المالية، مع توجيه الدعم الحكومي لهذه الفئة بدلاً من توفير التمويل والدعم الكامل للباطرونا ومقاولاتها المتوسطة والكبيرة.
تسعى هذه المقاولات إلى مراجعة النظام الضريبي الذي رفع نسبة الضريبة المخصصة لها من 10% إلى 20%، وتقديم تسهيلات في الأداء لمصلحة الضرائب وصندوق الضمان الاجتماعي للمقاولات المتضررة من الأزمات الناتجة عن جائحة كورونا والجفاف والتضخم، مع عدم احتساب الغرامات والعقوبات عن التأخير التي تفوق الضعف اصل الدين. كما تطالب المقاولات الناشئة والمقاولين الذاتيين بإعفاءات لمدة خمسة سنوات، بالإضافة إلى تبسيط الإجراءات الضريبية لتسهيل الامتثال، وخفض ضريبة القيمة المضافة أو إلغائها في بعض القطاعات.
هناك أيضًا حاجة ملحة لتعزيز آليات التمويل الميسر من خلال برامج لقروض بدون فوائد أو بفوائد منخفضة وشروط مرنة على المدى المتوسط والبعيد، مع توفير ضمانات حكومية لتشجيع البنوك على تمويل المقاولات الصغرى. كما تعتبر تشجيع الاستثمار والابتكار أولوية من خلال تقديم حوافز ضريبية للمقاولات التي تستثمر في التكنولوجيا والتحول الرقمي، وإطلاق برامج تمويل لدعم وصول المقاولات الصغيرة إلى الرقمنة والتقنيات الحديثة والذكاء الاصطناعي.
تسعى هذه المقاولات للحصول على النسبة القانونية من الصفقات العمومية التي ينص عليها القانون رقم 2.12.349 الصادر في 20 مارس 2013، وهي 20%، عبر إصدار المراسيم التطبيقية لهذا القانون. لا تقبل الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة أن يتم إدراج هذه النسبة وتخصيصها في مشروع قانون المالية لسنة 2026، حيث أن ذلك سيقضي على مقتضيات القانون 2013 الذي طالما طالبت بتطبيقه منذ 12 عامًا. إن هذا الإجراء قد يعفي الحكومات المتعاقبة من الالتزام بتخصيص 20% من مجموع الصفقات العمومية للمقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة، مما يسمح للباطرونا ومقاولاتها الكبيرة بالاستحواذ على جميع الصفقات العمومية، خاصة مع الميزانية المخصصة لهذه الصفقات التي قد تفوق الضعف أو الضعفين في السنوات التي ستسبق مونديال 2030. تأمل المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة في تبسيط الإجراءات الإدارية وتقليل البيروقراطية من خلال اعتماد منصات رقمية وتحسين الشفافية في العقود العامة، وتبسيط مساطر حل النزاعات والتقاضي وتفعيل الوساطة في النزاعات بين المقاولات وبين الإدارة والمقاولات الصغرى.
كما تطمح هذه المقاولات إلى دعم المنتج المحلي وتعزيز التصدير والانفتاح على الأسواق الإفريقية والدولية عن طريق تخفيض الرسوم الجمركية وتقديم برامج تدريب ومشاركة في المعارض الدولية، بالإضافة إلى دعم وصول المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة إلى البورصة عبر تكوينها وإبرام شراكات مع البورصة المغربية.
تتطلع هذه الفئة من المقاولات إلى حماية أفضل من الأزمات الاقتصادية عبر دعم مباشر للمقاولات المتضررة وإنشاء صناديق تعويضية. كما تشمل توقعاتها دعم التكوين المستمر وتقديم إعفاءات ضريبية لتوظيف الشباب، مع تعزيز فرص الوصول إلى الصفقات العمومية من خلال تخصيص نسب من "أمر بالشراء" للمقاولين الذاتيين.
علاوة على ذلك، تسعى المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى إلى تسهيل ولوجها للعقار وتحسين البنية التحتية الداعمة للأعمال، مثل تطوير المناطق الصناعية والخدمات اللوجستية، وتشجيع الاستدامة البيئية عبر حوافز ضريبية للمشاريع الصديقة للبيئة ودعم مشاريع الطاقة المتجددة والمقاولات الناشئة و المقاولين الداتيين.
بوجه عام، تسعى المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة إلى أن يعكس مشروع قانون المالية 2026 رؤية استراتيجية تدعم قدرتها على الاستمرارية والنمو والتنافسية في ظل التحديات الاقتصادية الراهنة، من خلال استشارة ممثليها في الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة.
أي تداعيات لتأخر آجال الاداء على استمرارية المقاولات الصغيرة والمتوسطة؟
تأخر آجال السداد يؤثر على استمرارية المقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة بطرق متعددة. فعدم استلام المدفوعات في الوقت المناسب يسبب صعوبات في تغطية النفقات اليومية، مما يؤدي إلى نقص السيولة. وقد تضطر هذه المقاولات إلى الاقتراض لتلبية احتياجاتها المالية بسبب عدم توفر السيولة الكافية للاستمرار لفترة طويلة دون استرداد مستحقاتها، مما يزيد الأعباء المالية عليها.
قد يؤدي التأخير في السداد أيضًا إلى توتر العلاقات مع الموردين، مما يؤثر سلبًا على القدرة على الحصول على المواد والخدمات الضرورية. كما يمنع نقص السيولة الشركات من استغلال فرص النمو والابتكار، وقد تؤثر الضغوط المالية على معنويات الموظفين وكفاءتهم.
في ظل هذه الظروف، تكون المقاولات الصغرى أكثر عرضة للخطر، حيث تشكل 40% من إجمالي المقاولات التي تعلن إفلاسها بسبب تأخر السداد.
في السنوات الأخيرة، لوحظ أن العديد من الشركات الكبرى تمتنع عن دفع مستحقاتها للمقاولات الصغيرة التي قدمت لها خدمات..
اليوم، يواجه العديد من المقاولين الصغار الذين تعاقدوا مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب نفس المشكلة. فقد كانوا يقدمون خدمات للمكتب بموجب عقد يمتد لثلاث سنوات، ولكن المكتب قام بتفويت هذه الخدمات لشركات جهوية متعددة الخدمات ولم يسدد كافة مستحقات هؤلاء المقاولين، الذين أغلبهم مقاولون ذات صفة شخصية بدون شركات، بل لديهم سجل تجاري وضريبة الباتانتا فقط.
وعند التواصل مع المكتب الوطني، يتم توجيههم إلى الشركات الجهوية، ولكن هذه الشركات توجههم بدورها إلى المكتب، مما يترك هؤلاء المقاولين الصغار بلا جهة تواصل أو طريقة لاسترداد مستحقاتهم، خاصة مع صعوبة الدخول المدرسي لهذه الفئة من المقاولين الصغار.
عندما تواصلت الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدًا والصغرى والمتوسطة مع المكتب الوطني للكهرباء والماء الصالح للشرب للمطالبة بسداد المستحقات لهؤلاء المقاولين، اتضح أن المكتب يكرر نفس المبررات بأن الشركات الجهوية هي المسؤولة عن السداد وطلب منا مده بأعضاء الكونفدرالية المتضررين فقط مما اضطرنا الى مطالبة المكتب بأن تشمل التسويات جميع المقاولين دون استثناءات، مما يبرز أن المؤسسات الكبيرة، سواء كانت حكومية أو خاصة، تمتنع عن أداء مستحقاتها للمقاولات الصغيرة والمقاولين الذاتيين.