أكد رشيد لبكر، أستاذ جامعي، ان النقابات لا تزال متشبثة بمواقفها المتعلقة أساساً برفض تخفيض المعاش أو جعل العمال هم الذين يتحملون مسؤولية عبء الإصلاح، وأيضاً رفض رفع سن التقاعد.
وقال رشيد لبكر : "بالنسبة للنقابات لا يمكن القيام بأي إصلاح على حساب المكتسبات المستحقة للعمال والموظفين. في حين أن الحكومة تؤكد أن الإصلاح أصبح ضرورة حاسمة جداً، بسبب العجز الكبير الذي وصلت إليه صناديق التقاعد، مما يهدد بتفاقم الوضعية التي قد تصل إلى حد الإفلاس، وهو ما يهدد السلم الاجتماعي. وبالتالي فالأمر يتعلق بحساسية كبيرة لا يمكن التلاعب بها ولا يمكن التعامل معها بمنطق تنافس انتخابي أو مزايدات، لأن الأمر يرتبط بمصير بلد، والحكومة تدخل هذا النقاش على أساس يستحضر هذا البعد.
ولا يمكن النظر إلى هذا الملف بزاوية انتخابية ضيقة، والحكومة إذا احترمت نفسها يجب أن تترفع عن هذه الحسابات السياسية، وترى أن مصلحة الوطن واستقراره أبعد ما تكون عن أي منافع انتخابية ظرفية وعابرة. ولا ننسى أن الحكومة السابقة كانت قد اتخذت قرارات جد حاسمة استُغلت من قبل خصومها لضربها، ولكن كان من اللازم اتخاذها. وقد قال رئيس الحكومة الأسبق إنه سيتخذ تلك القرارات ولو على حساب مستقبله السياسي، لأنه كان يرى أنها ضرورية لتجاوز بعض الأزمات في البلاد، ومن بينها مشكل صندوق المقاصة ورفع الدعم عن المحروقات. وقد تبين فيما بعد أن اتخاذ تلك القرارات كان ضرورياً، والدليل أن الحكومة الحالية لم تتراجع عنها رغم أنها كانت تنتقد هذه القرارات ذاتها مسبقا".
وأضاف أن الحكومة التي يقودها أخنوش توجد في نفس الوضعية، وعليها أن تختار بين اتخاذ القرارات التي تسير في اتجاه الاستقرار وإنقاذ صناديق التقاعد، أو وضع الرأس في التراب إلى حين مرور العاصفة كما يقال.
وزاد قائلا: "لا أعتقد أن الحكومة ستسير في هذا الاتجاه، بل ستتدخل بروح المسؤولية لمناقشة قضية التقاعد. ومن المفروض على جميع الأطراف أن تناقش بحس من المسؤولية، وأن تضع الحسابات السياسوية جانباً، ويكون الهم الأساسي هو مصلحة الوطن ومصالح الطبقة الشغيلة وضمان بقاء صندوق التقاعد للقيام بواجبه. وفي مثل هذه النقاشات الحساسة تظهر الوطنية الحقيقية، وتنكسر المزايدات، وتبرز المواقف الأصيلة. ومن الضروري التوصل إلى حل وسطي بعيداً عن الحسابات الضيقة، وبأكبر قدر من الشجاعة والمسؤولية والروح الوطنية، لتحقيق معادلة تجمع بين الإصلاح وحماية الطبقة الشغيلة، وهي مسألة صعبة، لكن لا بد من اتخاذ القرار في جميع الأحوال".