بعد تسع سنوات من الغياب، عادت كَارينا أيلين رايول باربوسا، الشابة البرازيلية القادمة من مدينة بيليم بولاية بارا، إلى وطنها محمّلةً بقصة مثيرة للجدل. في عام 2016 اختفت فجأة بعدما أخبرت أسرتها أنها ذاهبة إلى الجامعة لإعداد عمل دراسي، لتظهر لاحقًا في قلب الأراضي التي سيطر عليها تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا. هناك، اعتنقت فكر التنظيم، تزوجت من أحد عناصره وأنجبت طفلًا، قبل أن ينتهي بها المطاف في أحد المخيمات التي تديرها القوات الكردية بعد هزيمة داعش.
كارينا، التي كانت تلميذة مجتهدة تحلم بأن تصبح صحفية ومذيعة رياضية، انجذبت شيئًا فشيئًا إلى الإسلام عبر مركز ثقافي في بارا حيث تعلمت العربية، قبل أن تدخل في دوامة الانغلاق الفكري والتجنيد الأيديولوجي، ثم تجد نفسها أسيرة لتنظيم دموي في الرقة. ومع مرور الوقت، تحولت من شابة جامعية إلى واحدة من القلائل الذين تركوا البرازيل للانضمام إلى داعش، والوحيدة التي بقيت على قيد الحياة حتى تعود إلى بلادها.
رحلتها انتهت في أغسطس 2025، حين وطأت قدماها أرض مطار غواولوس في ساو باولو برفقة طفلها الذي وُلد في سوريا ويبلغ الآن سبع سنوات. رافقها دبلوماسيون برازيليون وعناصر من الشرطة الفيدرالية التي استمعت إلى أقوالها فور وصولها، قبل أن تسمح لها بالعودة إلى كنف أسرتها. هذه العودة أثارت جدلًا واسعًا في البرازيل، إذ يرى البعض أنها ضحية للتجنيد والتلاعب الأيديولوجي، بينما يخشى آخرون من أن تمثل تهديدًا أمنيًا أو مثالًا على هشاشة الشباب أمام دعايات التطرف عبر الإنترنت.
قصة كارينا ليست مجرد سيرة شخصية؛ إنها مرآة لصراع عالمي انعكس على حياة فتاة من أقصى شمال البرازيل، وطرح أسئلة مؤلمة حول الهوية، والانتماء، وحدود الغفران المجتمعي، وكيف يمكن لمجتمع أن يستقبل من خرج من بين أنياب التطرف وعاد مثقلًا بظلاله.