أنور الشرقاوي: "علي حسن".. ابن السبيل الذي يعبر الشاشات

أنور الشرقاوي: "علي حسن".. ابن السبيل الذي يعبر الشاشات أنور الشرقاوي، وعلي حسن
كان من أولئك الرجال الذين لا يكتفون بالظهور على الشاشة، كبيرة كانت ام صغيرة، بل يخترقونها ويفتحون منها أبوابًا على آفاق أخرى.

علي حسن، ابن السبيل، كان يحمل في خطاه عبق وسحر السائرين، أولئك الذين تتحول خطواتهم إلى ذاكرة، وأصواتهم إلى طريق.

منح الإذاعة والتلفزيون المغربيين حروف نطق ستبقى راسخة في الذاكرة.
لم يفعل ذلك بوقوف مصطنع أمام الكاميرا، بل بتركه جزءًا من روحه هناك: صدقًا نادرًا، نظرة ساخرة، وعفوية تسقط معها كل جدران الزجاج.

لم يكن مجرد مذيع عابر أو ممثل عادي، بل كان الرجل الذي يصوغ من البثّ المباشر لحظة حياة كاملة.

في فترات من تاريخ السينما المغربية حمل بطولة فيلم فريد وُلد من قلم الأيقونة نور الدين الصايل، وصُوِّر بعدسة المخرج البارع عبد الرحمن التازي.
لم يكتفِ علي حسن بصوته ووجهه، بل أودع في الشخصية شيئًا من روحه.
ولذلك، لم يكن يُمثّل، بل كان موجودًا، حقيقيًا، حتى أنّ المشاهد ينسى أنّه أمام فيلم سينمائي ويوقن أنّه يقتطع لحظة صافية من قلب الواقع.

لكن الصورة التي ستظل محفورة في ذاكرة المغاربة، هي صورة نشرة الأخبار المسائية على القناة الأولى.

كان علي حسن، بهيءته المعهودة، ينقل للبلاد أخبار اليوم، فإذا برجل يمرّ أمام الكاميرا ويقطع المشهد المباشر.

أيّ مقدم نشرة أخبار آخر كان سيفقد توازنه، لكن على حسن، بابتسامته الماكرة العذبة، أطلق جملته الشهيرة، دافئة كالنكتة، صافية كالعين:
"لا عليك … مرّ بسلام!"

وتبعت عيناه الدخيل بخفة روح، في لحظة نادرة جمعت بين البثّ والحياة، بين المصادفة والشعر.
وكانت تلك هي معجزته: أن يحوّل الطارئ إلى قصيدة.

لقد كان علي حسن ابن كل الدروب: درب الإذاعة، درب السينما، درب التلفزيون، لكن قبل كل شيء، درب القلوب.
كل محطة في مساره كانت استراحة، يترك فيها شرارة إنسانية.

وما زال حتى اليوم يُذكَر لا حصحفي إذاعة وتلفزيون ، بل كصوت رحيم يؤتث مساءات أيام الآحاد.
مسافر أبدي يواصل، رغم الغياب، السير بجانب من أحبوه وأعجبوا به، يتهامسون باسمه بحنين:
علي حسن، ابن السبيل.