كريم مولاي: الرئيس تـبون خارج الخدمة... وعسكر الجزائر يفرض قبضته باسم قانون "التعبئة" !!

كريم مولاي: الرئيس تـبون خارج الخدمة... وعسكر الجزائر يفرض قبضته باسم قانون "التعبئة" !! كريم مولاي وعبد المجيد تبون وشنقريحة
قال كريم مولاي، الخبير الأمني الجزائري، في تصريح لـ "أنفاس بريس"، إن "تمرير قانون التعبئة العامة في الجزائر، بشكل سريع والمتزامن مع الغياب الغامض للرئيس عبد المجيد تبون، يشير إلى وجود ترتيبات عميقة تجري في الخفاء داخل هرم السلطة.
وتابع ما نشهده اليوم هو بداية مرحلة جديدة لإعادة تشكيل مراكز القرار في الجزائر، بعيدًا عن الأطر الديمقراطية، وتحت غطاء الاستعداد للأخطار الإقليمية. لكن في الحقيقة، القانون قد يتحول إلى أداة لضبط الداخل أكثر من الاستعداد للخارج:
 
في ظرف إقليمي دقيق، وتحت ستار «الاستعداد لمواجهة الأخطار»، صادق المجلس الشعبي الوطني في 16 يونيو 2025 بالإجماع على مشروع قانون التعبئة العامة، فاتحًا بذلك الباب أمام مرحلة جديدة من التعاطي مع الشأن الداخلي، تتسم ـ وفق مراقبين ـ بالارتباك السياسي والغموض المؤسساتي.
 
ورغم أن القانون في ظاهره يُعنى بتنظيم الموارد البشرية والاقتصادية في حالات الطوارئ، فإن السياق الذي جاء فيه لا يمكن فصله عن التحولات العميقة التي يشهدها هرم السلطة في الجزائر، خاصة في ظل الغياب المطول للرئيس عبد المجيد تبون، وتصاعد الحديث عن تحركات غير معلنة داخل المؤسسة العسكرية.
 
قانون التعبئة العامة: قراءة خلف السطور
مشروع قانون التعبئة العامة مرّ بسرعة لافتة عبر البرلمان بغرفتيه، وهو ما يثير التساؤل أكثر مما يجيب. فإجماع الكتل البرلمانية عليه ـ بما فيها بعض التيارات التي عادة ما توصف بالمعارضة ـ مثل حركة مجتمع السلم، يوحي بأن هناك توافقًا فوقيًّا غير معلن على تمرير هذا النص، ربما لإعطاء غطاء قانوني لتحركات قد تُتخذ لاحقًا بعيدًا عن الأطر الديمقراطية المعتادة.
 
ومع تزايد الضغط الاقتصادي والاجتماعي في البلاد، يُطرح تساؤل جوهري: هل يُراد من هذا القانون التحضير لحرب خارجية، أم لتدجين الداخل والسيطرة عليه في حال حدوث انفجار اجتماعي وشيك؟ في كلا السيناريوهين، تبدو السلطة في حالة استنفار، لكن دون وضوح في الأهداف أو المآلات.
 
غياب تبون: هل تعيش الجزائر فراغًا في السلطة؟
منذ أسابيع، لم يظهر الرئيس تبون في أي نشاط رسمي أو شعبي، وهو ما يعيد إلى الأذهان مرحلة الغموض التي سبقت استقالة الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة. في ظل هذه الضبابية، تتزايد التكهنات حول من يمسك فعليًا بزمام القرار في الجزائر، وهل نعيش سيناريو إعادة توزيع للصلاحيات بين مراكز القوى، خاصة المؤسسة العسكرية التي كانت دائمًا لاعبًا أساسيًا في تحديد معالم الحكم.
 
شنقريحة والانقلاب الأبيض: شائعات أم واقع؟
تداولت بعض الأوساط السياسية والإعلامية مؤخرًا مصطلح «الانقلاب الأبيض» في إشارة إلى تحركات غير معلنة يُقال إن الفريق السعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش، هو من يقودها في الكواليس. وبينما لا توجد مؤشرات رسمية تؤكد هذا السيناريو، إلا أن التوقيت الحرج والقرارات المتسارعة تدفع الكثيرين للاعتقاد بأن ما يجري ليس مجرد تدبير روتيني لشؤون الدولة، بل هو إعادة ترتيب خفية لمراكز القرار.
 
أي مستقبل ينتظر الجزائر؟
في ظل هذه المعطيات، تقف الجزائر اليوم أمام مفترق طرق حاسم:
استمرار الغموض في المشهد السياسي مع إدارة غير معلنة للبلاد، ما يعني ترسيخ لحكم الظل وتعميق الأزمة المؤسسية.
 
انفجار شعبي محتمل إذا استمر غياب الشفافية وتفاقمت الأوضاع الاجتماعية، خاصة في ظل تدهور الخدمات، وغلاء المعيشة، وانعدام الأفق السياسي.
أو ربما خروج تدريجي من الأزمة عبر ترتيب داخلي يُفرز قيادة جديدة أو يُعيد توزيع السلطات بشكل رسمي، وهو احتمال يبقى ضعيفًا في ظل الانغلاق السياسي القائم.
 
 الاستقرار الظاهري يخفي واقعًا مضطربًا
رغم الخطاب الرسمي الذي يتحدث عن "الاستقرار" و"الجاهزية"، فإن الواقع السياسي والمؤسساتي في الجزائر اليوم يُشير إلى حالة من إعادة تشكيل السلطة بعيدًا عن أعين المواطنين. ويبقى الغموض سيد الموقف، إلى حين انكشاف نوايا السلطة الحقيقية، وما إذا كانت تسعى حقًا إلى حماية البلاد من الأخطار، أم أنها توظف هذه الأدوات لحماية نفسها من شعب بدأ يفقد ثقته في وعودها.