ألا يجب التشطيب على وزارة الصحة لقطع الوهم بأن المغاربة يتوفرون على جهاز حكومي يرعى أمنهم الصحي؟
هل يعقل أن يتوفر المغرب على 75 عمالة وإقليم (لم نحتسب عمالات المقاطعات بالبيضاء وعددها ثمانية)، دون أن يتوفر كل إقليم على "استقلاله الطبي" ويضمن كل إقليم "سيادته الصحية" بالحرص على تمكين وتجهيز كل مستشفى إقليمي بالمعدات والراديو والإنعاش وأطباء التخدير والجراحة والممرضين وتقنيي المختبر؟
هل يحق -ونحن في القرن 21- أن يضطر المواطن المغربي، كلما أصيب بحادث صحي، أن "يتجرجر" بين مستشفيات الأقاليم، وكل مستشفى "كيلوحو" لمستشفى آخر، لغياب الأمصال أو غياب السرير أو غياب الأوكسجين أو عطب بالراديو أو لانعدام طبيب التخدير؟
لنتأمل الواقعة التالية:مواطن مريض بمدينة اليوسفية (وهذا مجرد مثال من ضمن عشرات الأمثلة المشابهة بالمدن الأخرى)، عندما يذهب إلى المستشفى المحلي يقال له: "الله غالب". فيطلب الطاقم الطبي والإداري من أسرة المريض نقله إلى مستشفى آسفي، وهناك يواجه بنفس الشعار، فتضطر العائلة إلى نقل مريضها إلى المستشفى الجامعي بمراكش، فتصطدم العائلة من جديد بالقول إن إمكانيات "السبيطار" لا تسمح، ويقولون للأسرة :"ديوه لمستشفى ابن رشد بالدار البيضاء"! فتجد الأسرة نفسها بين فكي كماشتين: إما اللجوء إلى مصحة خاصة مع ما يعنيه ذلك من "حلب ومص ورض وتفريغ للجيوب" (إلا من رحم ربك من المصحات التي تضع تعريفة منطقية ومعقولة)، أوالعودة بالمريض إلى مسقط الرأس في انتظار أن يلفظ أنفاسه.
نفس الملاحظة تصدق مع المريض بوزان أو فكيك أو خنيفرة أو السمارة أو تيزنيت أو تاونات أو سيدي بنور أو ميدلت أو بوجدور أو تنغير أو زاكورة أو الخميسات أو تاوريرت أو الصويرة أو طانطان أو صفرو أو بركان أو بن سليمان، ... إلخ.
إذا كان الأمر كذلك، ما الداعي إذن للاستمرار في الاحتفاظ بمنصب وزير الصحة في الحكومة، والاستمرار في الكذب على الشعب بأن المغرب يتوفر على منظومة صحية؟!
بل ما الداعي أصلا لتنصيب حكومة لا تضمن أبسط حق من حقوق الإنسان: ألا وهو الحق في الولوج إلى مؤسسات صحية بكل التراب الوطني، كل واحدة مجهزة بالموارد البشرية وبالمعدات الطبية والصيدلانية ومعدات الراديو الملائمة؟