اهتمامي بالشأن السياسي والشأن العام يجعلني اتابع عن كتب واحاول قراءة الأحداث بالموضوعية التي يفرضها علي مستوى الوعي الذي أعتقد بأنني ادركته، مدعوما بالكم اليسير من المعرفة و من ادوات التحليل للأوضاع والقضايا، التي اكتسبتها في مدرسة الحياة، من خلال ما عشته وما عاينته وما أخذته عن اصدقاء ورفاق و مواطنين جمعتني بهم الحياة في ظروف مختلفة لست الوحيد الذي ينتابه القلق من هذا النوع من الاحتقان الخفي الذي تعيشه البلاد، الذي مصدره الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية لغالبية المواطنات والمواطنين، بسبب الفساد والرشوة والمحسوبية وتدهور الخدمات في كل القطاعات، وبسبب الغلاء الفاحش في الأسعار وتدهور القوة الشرائية بشكل غير مسبوق بتناقض والتصريحات والارقام الرسمية لحكومة لم تعد تملك اية مصداقية استشعارا منها بقرب نهاية وجودها السياسي تسابق هذه الحكومة
الزمن من اجل التعجيل بإخراج أكبر قدر ممكن من مشاريع القوانين ومن القرارات وعدم ترك اية خانة فارغة يمكن ملؤها مستقبلا بما من شانه ان يهدد مصالحها ومكاسبها، التي تبقى بعيدة كل البعد عن مصلحة الشعب. هذه وزارة العدل تصطدم بحائط المجلس الأعلى الذي اعادها إلى جادة الصواب مرغمة، وزارة الداخلية ، كما كانت وستبقى ام الوزارات تقرر في كل شيء، حتى إنه ليس مجانبة للصواب إذا اعتبرت كذلك وزارة التعليم لا تنتظر تنصيب المؤسسة الدستورية المسؤولة عن رسم السياسة التعليمية، كما اعلن عنها صاحب الجلالة الملك في خطاب العرش، وتقوم بتغييرات جوهرية يجب أن تكون موضوع حوار وفي إطار شراكة بين كل مكونات الحقل التربوي والتعليم إجراءات حكومية تثير الشك في أنها، بهذه السرعة، تسعى إلى إفراغ الرسائل الملكية من مضامينها العميقة وتسطو عليها بشكل يجعلها لا تؤدي إلى الأهداف المرجوة. يقول جلالة الملك في خطاب العرش وسنبشرك شعبي العزيز في مناسبة قريبة بالخطوط العريضة لهذه النقلة الديمقراطية الكبرى التي توخينا منها الإسراع بترسيخ اللامركزية واللاتمركز في اتجاه إفراز مجالس محلية وإقليمية وجهوية تجمع بين ديمقراطية التكوين وعقلانية التقطيع ونجاعة وشفافية وسلامة التدبير وتتوفر على أوسع درجات الحكم الذاتي الإداري والمالي الذي من شأنه جعلها تنهض بعملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية ليس بالتبعية للدولة ولكن بالشراكة مع القطاع الخاص والمجتمع المدني من قبل نخبة ذات مصداقية وكفاءة ونزاهة يفرزها نظام ومسلسل انتخابي ديمقراطي محاط بجميع الضمانات القانونية الكفيلة بضمان حريته وتعدديته ونجاعته.
ويضيف جلالته
كما أننا تنتظر من حكومتنا ترسيخ دولة القانون بإعطاء دفعة قوية للإصلاح الإداري والقضائي المستمر على تخليق الحياة العامة وثقافة المرفق العام وسنتعهد برعايتنا السامية الموصولة هذا المفهوم الذي قطعنا الخطوات الأولى لتفعيله والذي ينتظرنا بذل مجهودات متواصلة ومتانية حتى يصبح تشريعات عصرية وثقافة متجدرة وسلوكا يوميا وفعلا تلقائيا.
الفهم الحكومي الخاطئ للرؤية الملكية للإصلاح الإداري والقضائي اكدته وزارة العدل في المشروع الخاص بالمسطرة المدنية الذي نصف المجلس الأعلى أكثر من 30 مادة فيه باعتبارها تتعارض مع المبادئ العامة للعدالة في المملكة. وبالتالي مع نص الدستور.
يستطرد جلالته في رسم خارطة الطريق من اجل الإصلاح
ان مسلسل التحديث يتطلب تشخيص واقع مؤسساتنا والانكباب عليه العقلنته، فكما أن لكل زمن رجاله ونسائه فإنه كذلك لكل زمن مؤسساته والعقلنة تقتضي إحداث مؤسسات جديدة بدل تلك التي أنت وظائفها وأن وقت تجديدها واستبدالها بأخرى تستجيب لمتطلبات التحولات المستجدة.
ومواصلة منا لتحديث دولة المؤسسات وعقلنتها وتفعيل مؤسسات وثقافة التشاور والحوار اللازمة للديمقراطية فقد قررنا تنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي المنصوص عليه في الباب التاسع من دستور المملكة ليكون مؤسسة دستورية للتفكير والتشاور في جميع القضايا الاقتصادية والاجتماعية من قبل صفوة ذات راي راجح مكملة للمؤسسات المنتخبة. منيطين به الادلاء برايه في أي مشروع او مخطط يتعلق بالاتجاهات العامة للاقتصاد الوطني المالية منها والاجتماعية و التربوية والتكوينية بما فيها مشكلات الشباب ومتابعة الحوار الاجتماعي واصلاح نظام التعليم داعين حكومة جلالتنا إلى ان تسرع بوضع مشروع قانون تنظيمي يحدد تركيبته و تنظيمه و صلاحياته وطريقة تسييره. كما قررنا بموازاة مع تنصيب المجلس الاقتصادي والاجتماعي حل المجلس الوطني للشباب والمستقبل ومجلس متابعة الحوار الاجتماعي و المجلس الأعلى للتعليم الذي يعود ظهير تأسيسه لسنة 1970 حيث ستؤول صلاحياتها جميعا للمؤسسة التي سيتم تنصيبها
وزير التعليم يسابق الزمن وينتج قرارات في غياب المؤسسة التي أعلن صاحب الجلالة بأنه سيتم تنصيبها من اجل مهام الاشراف على قضايا التعليم والحوار الاجتماعي وغيرها من القضايا الحساسة
الحكومة كما يقول المغاربة، تقرا رسائل صاحب الجلالة من قفاها، إما عن عجز عن مسايرة للسياسة الملكية الرشيدة أو الحاجة في نفس يعقوب.
السرعة التي يتحدث عنها الملك ليست سرعة الدراجات النارية، إنها سرعة النمو التي يجب أن تتم في عدل وإنصاف وأن تعم كل مناطق المملكة وكل بنات وابناء الوطن.