وقد فصلنا في حينه الأخطاء التي ارتكبتها خارجيتنا الموقرة التي لم تعترض على تغيير اسم القمة من "قمة الاتحاد الأوروبي-إفريقيا" إلى "قمة الاتحاد الأوروبي- الاتحاد الإفريقي"، وهو تغيير يبدو بسيطاً وبريئاً، ولكنه كان فخّاً دبلوماسياً قاتلاً، نصبته جنوب إفريقيا والجزائر، سمح للكيان الوهمي بالتسلل إلى القمة رغم أنف أوربا ورغم انف كل أصدقاء المغرب الأفارقة، وهو ما غاب عن نباهة خارجيتنا الموقرة وسفارتينا في أديس أبابا وبروكسل، والتي ابتلعت الطّعم!
لقد نبهنا منذ ذلك التاريخ إلى أنّ بقاء جمهورية تندوف الوهمية عضوا داخل الاتحاد الإفريقي يشكل خطرا ماحقاً يهدد المصالح الاستراتيجية للمملكة، وأن الحل الوحيد هو أن تتحرك الدبلوماسية المغربية لطرد الكيان الوهمي من الاتحاد الإفريقي.
أولاً، لأن ما بني على باطل فهو باطل كما تقول القاعدة القانونية، ومعروف أنّ جمهورية تندوف أُقحمت داخل المنظمة الافريقية في تناقض صارخ وفاضح مع الفصل الرابع من ميثاق الوحدة الافريقية آنذاك.
ثانيا، لأنه كيان لا تتوفر فيه إلى الآن شروط العضوية التي ينصص عليها ميثاق الاتحاد الإفريقي حتى في نسخته الحالية. فالمنظمة الإفريقية هي تجمع للدول وليس للميليشيات ولا للتنظيمات الانفصالية ولا للحركات السياسية. والكيان لا يملك أي مقوم من مقومات الدولة كما هي معرفة في القانون الدولي.
ومعلوم أن جمهورية تندوف، مجرد كيان أعلن من جانب واحد فوق الأراضي الجزائرية. ومعلوم أيضاً أن أبسط شروط السيادة لا يتوفر عليها هذا الكيان، ومنها جوازات السفر. فرئيس كيان تندوف ابن بطوش وكل قادة الجبهة الانفصالية يتحركون عبر العالم بجوازات سفر جزائرية، وهذا لوحده كفيل بهدم عضوية الدولة المزعومة في الاتحاد الإفريقي. ذلك لأن حمل أعضاء الكيان جوزات جزائرية يعني أن الجزائر تتوفر على مقعدين داخل المنظمة الافريقية، وهذا يتنافى مع ميثاق الاتحاد الإفريقي الذي يعطي مقعدا واحدا لكل دولة، فكيف تحتل الجزائر مقعدين؟!
هذه أبسط حجة لطرد الكيان الوهمي، وإلاّ فهناك ألف حُجّة وحُجّة قانونية وسياسية أخرى لطرده، وقد فصّلنا كثيراً من تلك الحجج في مقالاتنا ومرافعاتنا في المنابر الوطنية والدولية، وقد أسمعتَ لو ناديتَ حيّا..
خلاصة القول ما لم نطرد الكيان الوهمي من الاتحاد الإفريقي، ستبقى اليابان ويبقى الاتحاد الأوروبي وغيرهما عاجزين عن منعه من حضور القمم التي تنظم بشراكة مع الاتحاد الإفريقي، ذلك بأن اللوائح الداخلية للمنظمة الافريقية تُجبرها على توجيه الدعوات لكل أعضائها، وهنا مربط الفرس. فاليابان لم توجّه دعوة "لجمهورية ابن بطوش"، ولكن الاتحاد الإفريقي هو من قام بذلك.
والاتحاد الأفريقي لا يملك إلاّ أن يدعو كل "عضو" من أعضائه بقوة القانون الداخلي، لذلك فإن الحل الوحيد هو استئصال الورم الخبيث وليس إعطاء المريض مسكنات ومهدئات في كل قمة من القمم..
ومنذ عشر سنوات ونحن ننادي بأعلى صوتنا ومقالاتنا ومداخلاتنا ومذكراتنا، ومنذ عشر سنوات ونحن ندق ناقوس الخطر ونطالب وزارة الخارجية المغربية بتقديم المبادرات والتحرك سياسيا وقانونيا لطرد الكيان الوهمي، وهو أمر متاح وفي المتناول لمن ألقى السمع وهو شهيد، ولكن ليس بإمكاننا أن نسمع من به صمم.. ويا للأسف لكل الفرص الضائعة على الوطن لحسم النزاع وطيّ الملف بشكل نهائي وبلا رجعة!