تشهد جزر البليار الإسبانية خلال الأيام الأخيرة تدفقات غير مسبوقة للهجرة غير النظامية، حيث سجل وصول أكثر من 600 مهاجر قادمين من السواحل الجزائرية، في ما اعتبرته صحيفة “ABC” الإسبانية أكبر موجة هجرة تعرفها هذه الجزر في تاريخها الحديث. وبحسب الصحيفة، فإن هذه الظاهرة نتاج مجموعة عوامل داخلية وخارجية متداخلة.
داخليا، تواجه الجزائر أزمة اقتصادية خانقة بسبب اعتمادها الكبير على صادرات المحروقات، ما انعكس في ارتفاع نسب البطالة واليأس في أوساط الشباب. كما أن المناخ السياسي بالبلاد يتسم بانسداد الأفق وانعدام الحريات، ما يدفع العديد من الشباب إلى ركوب قوارب “الحريك” بحثاً عن مستقبل أفضل. إلى جانب ذلك، يشير التقرير إلى صعوبة الحصول على تأشيرات دخول قانونية إلى أوروبا، نتيجة الإجراءات المعقدة والمكلفة، وهو ما يدفع الآلاف إلى المخاطرة بالهجرة السرية رغم المخاطر الكبيرة. أما خارجيا، فقد ساهم التعاون الأمني المكثف بين إسبانيا وكل من موريتانيا والسنغال في تقليص حركة الهجرة نحو جزر الكناري عبر الأطلسي، لتتحول أنظار شبكات التهريب إلى السواحل الجزائرية كبديل “أكثر مرونة”. كما أن الضغوط الأوروبية على السواحل الليبية أدت إلى تراجع حركة المغادرين من هناك، ما زاد من استخدام المسار الجزائري نحو البليار.
ولم تغفل الصحيفة الإشارة إلى البعد الدبلوماسي، إذ ربطت الظاهرة بالتوتر القائم بين مدريد والجزائر عقب تغيير إسبانيا موقفها من قضية الصحراء لصالح المغرب، ما انعكس على مستوى التنسيق الأمني، حيث أبدت الجزائر “فتوراً” في اعتراض قوارب المهاجرين.
ورغم تأكيد مصادر شرطية إسبانية على استمرار التعاون العملياتي مع نظرائهم الجزائريين ضد شبكات التهريب، إلا أن غياب الحوافز السياسية جعل ملف مكافحة الهجرة غير النظامية لا يحظى بالأولوية في الجزائر.
وتوقعت الصحيفة أن تطرح مدريد هذا الملف بقوة خلال الزيارة المرتقبة لوزير الخارجية الإسباني خوسي مانويل ألباريس إلى الجزائر، غير أن المفاوضات تبدو “صعبة”، بالنظر إلى بقاء قضية الصحراء المغربية عائقا أساسيا أمام عودة الدفء إلى العلاقات الثنائية.