وتكشف الحصيلة الرقمية لسبعة أشهر من سنة 2025 أن المغرب شارك في تنفيذ 37 عملية أمنية دولية مكنت من توقيف 45 شخصاً كانوا يشكلون موضوع مذكرات بحث دولية، صادرة عن عدة دول في قضايا تتعلق بالقتل العمد، والاتجار الدولي في المخدرات، والنصب والاحتيال، وتكوين عصابات إجرامية، وغسل الأموال، وغيرها من الجرائم العابرة للحدود.
وفق معطيات رسمية، يظهر أن فرنسا كانت الأكثر تعاوناً مع الأجهزة الأمنية المغربية خلال هذه العمليات، حيث تم توقيف 22 شخصاً بناءً على طلبات تسليم صادرة عن سلطاتها القضائية، وهو ما يعكس قوة الشراكة القضائية والأمنية بين الرباط وباريس. كما شملت العمليات موقوفين لصالح السويد (3)، الصين (3)، كندا (2)، بريطانيا (2)، إلى جانب حالات أخرى موزعة على دول مثل تونس، تركيا، الإمارات، باكستان، الكويت، هولندا، بولونيا، ليبيريا، والنرويج، ما يدل على امتداد التعاون المغربي ليشمل أربع قارات.
تُظهر البيانات أن أعلى عدد من العمليات الأمنية تم تسجيله في شهري فبراير (8 عمليات) ويونيو (7 عمليات)، ما يعكس وتيرة منتظمة وفعالة للتنسيق الأمني، لا تخضع فقط للظرفية، بل تعكس نضجاً مؤسساتياً في التعاطي مع مذكرات التوقيف الدولية، واحترافية عالية في ضبط المتورطين بعد رصد تحركاتهم داخل التراب الوطني.
وقد توزعت العمليات بشكل متوازن طيلة النصف الأول من السنة، حيث تم تنفيذ عمليات في كل من يناير (5 عمليات)، مارس (5)، أبريل (4)، ماي (4)، ويوليوز (4)، بمعدل اعتقال شبه متقارب يتراوح بين 4 و6 أشخاص شهرياً.
تندرج هذه العمليات ضمن التزامات المغرب بالشرعية الدولية في ملاحقة المجرمين الفارّين من العدالة، وتكريس دوره كمحور موثوق في التعاون الأمني، ما جعله يحظى بإشادة متكررة من منظمات شرطية دولية، وقد تم تتويج هذا التعاون المثمر بالمصادقة بالإجماع على احتضان المملكة المغربية لأشغال الدورة الثالثة والتسعين للجمعية العامة للمنظمة الدولية للشرطة الجنائية أنتربول في سنة 2025، والتي تجمع رؤساء وممثلي أجهزة الأمن في 196 دولة عضو، كما تم اختيار المغرب لتنظيم المؤتمر 47 لقادة الشرطة والأمن العرب الذي احتضنته مدينة طنجة يومي 6 و7 دجنبر 2023.
ساهمت هذه العمليات في تفكيك عدة شبكات إجرامية كانت تنشط في مجالات تهريب المخدرات، أو الاحتيال الدولي، أو التزوير، أو الهجرة غير النظامية، حيث عملت المصالح المغربية على اعتقال عناصر خطيرة، وتسليمها وفقًا للضوابط القانونية الوطنية والدولية.
أظهرت هذه الحصيلة أن الأجهزة الأمنية المغربية، بقيادة المديرية العامة للأمن الوطني، لا تكتفي بحماية الأمن الداخلي، بل أصبحت فاعلاً إقليميًا ودوليًا نشطًا في منظومة الأمن العالمي، بما يكرس تحول المغرب إلى منصة للتعاون الأمني المتقدم، قائمة على تبادل المعلومات، والتنسيق العملياتي، والتعاون القضائي.
ومع استمرار هذا الزخم، يتعزز موقع المغرب كـ"شريك أمني موثوق" في مواجهة الجريمة المنظمة، في عالم باتت فيه التهديدات تتجاوز الحدود، وتتطلب يقظة جماعية وتنسيقاً عالياً بين الأجهزة.