في هذا الإطار أكد عبد المولى البصراوي، مهاجر مغربي مقيم بإيطاليا في تصريح لجريدة " أنفاس بريس " وجود عزوف لدى مغاربة الخارج عن زيارة المغرب، حيث تفضل الأجيال الحالية من الجالية السياحة في بلدان أخرى أقل تكلفة، مشيرا بأن أبرز أسباب هذا العزوف هو الارتفاع المهول لأسعار التذاكر سواء الجوية أو البحرية أو حتى عبر الطريق السيار ،مضيفا بأنه سبق لمكونات المجتمع المدني للجالية المغربية المقيمة بالخارج أن وجهت نداءات وأدلت بتصريحات وفتحت نقاشات بشأن ارتفاع أسعار التذاكر الجوية والبحرية حتى يتمكن مغاربة الخارج من قضاء عطلتهم وزيارة أحبابهم وعائلاتهم وتفقد ممتلكاتهم، لكن مع الأسف فكل هذه النداءات لم يتم التجاوب معها من طرف الجهات المعنية.
كما تطرق البصراوي الى عملية " مرحبا " والتي تنتهي سنويا دون تقييم من طرف أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج ودون الإنصات لحاجيات ومطالب أفراد الجالية وهو ما اعتبره خطأ فادحا لأن عملية التقييم تحتاج الى الأطراف المعنية أولا ثم الجهات الوصية حتى يتم ايجاد صيغة مناسبة وملائمة لتجاوز أخطاء الماضي وخلق خطة تستجيب لمتطلبات مغاربة الخارج في السنوات المقبلة.
وفيما يتعلق بما يروج عن ارتفاع أسعار الخدمات السياحية في المغرب مقارنة ببلدان أخرى ذهب البصراوي الى أن القطاع السياحي في المغرب لم ينضج بعد، مضيفا بأن دخول مغاربة العالم يحتاج الى تشجيع وتقديم عروض متميزة تناسب تطلعات هذه الفئة، فالسياحة في المغرب – يقول البصراوي - تتطلب مبالغ باهظة مما يجعل عدد من افراد الجالية يفضلون قضاء العطلة في اسبانيا أو ايطاليا أو في بعض البلدان والتي تعد أقل تكلفة من المغرب .
في نفس السياق تطرق عبد السلام مجلاوي، مواطن مغربي – كندي الى ظاهرة ارتفاع الأسعار الخاصة بالنقل الجوي من وإلى المغرب والذي صار يشكل عائقا كبيرا لدى جل العائلات التي ترغب في زيارة المغرب مصحوبة بالأطفال، مشيرا بأن هناك عناصر أكبر وأهم من عامل ارتفاع أسعار النقل الجوي الذي تعرفه العطلة الصيفية تبعا لمنطق العرض والطلب ، والتي يجب على المسؤولين أخذها بعين الاعتبار:
أولا، زيارة مغاربة العالم لوطنهم لها تأثير اجتماعي واقتصادي وثقافي وسياسي. تتعدى الأسعار التي تفرضها "الخطوط الملكية المغربية" وباقي مصاريف المطار والضرائب التي ترفع من سعر التنقل بشكل لا يوازي المصالح الاستراتيجية للبلد.
العنصر الآخر في اشكالية العزوف عن زيارة المغرب – بحسب مجلاوي - هو أسعار الإقامة في الفنادق والمنازل وأسعار المطاعم ، وفوضى وسائل التنقل وغيرها من المظاهر .
وأضاف مجلاوي قائلا : " قد يعتقد البعض أن هناك ما يكفي من السياح للمغرب ، وبالتالي لا حاجة لمغاربة العالم ! وهذا تفكير بليد إلى أقصى حد لأن للمغرب طاقة استيعابية كبيرة ويمكن تطويرها كي يصبح المغرب وجهة سياحية وثقافية أكبر وعلى المستوى البعيد، فالجميع يعرف أن أسعار شقة (إقامة محدودة) في جنوب أوروبا مثلا أو في أمريكا الجنوبية والشمالية هي أقل بكثير مما نعرفه في المغرب. نتيجة فوضى التخطيط والتسيير والمراقبة.."
واقترح مجلاوي فتح المجال للمستثمرين الوطنيين والدوليين ورفع الاحتكار فيما يتعلق بالنقل الجوي لسد الخصاص في القطاع، مضيفا بأن العشوائية لا تمس فقط الأسعار بل تشمل أيضا الخدمات داخل الرحلات، بحيث نجد مستخدمين ومستخدمات منهكين ، وكأنهم يشتغلون 24 / 24 ساعة و 7 / 7 أيام بدون توقف، مما يسيء إلى سمعة الرحلات والمستخدمين، مشددا في الأخير على أهمية عقد مناظرة وطنية لمغاربة العالم لإيجاد الحلول الصحيحة، كي لا يتحول المغرب الى وجهة غير مرغوبة، وكي يحافظ على جاذبيته للعائلات بمختلف أوضاعهم الاجتماعية ، مقدما مثال التجارب الناجحة سابقا والتي كانت تربط السعر بعدد أفراد العائلة .
ماجدة الصلحاني، مغربية مقيمة في إيطاليا بدورها زكت ما ذهب اليه مجلاوي، مشيرة بأنها وحسب ما تسمعه من محيطها فمغاربة الخارج يعانون من ارتفاع أسعار التذاكر الجوية والبحرية، مضيفة بأن الكثير من معارفها لم يزوروا المغرب بسبب ارتفاع أسعار تذاكر السفر وحتى شركة " ريان إير " التي كانت معروفة بتذاكرها المنخفضة أصبحت تذاكرها مرتفعة، مع العلم أن التسعيرة المفروضة على البضائع داخل هذه الشركة مرتفعة ، مما يجعل الأغلبية يفضلون عدم جلب البضائع عبر شركة " ريان إير "، وحتى مهنيو النقل الطرقي الذين كانوا ينقلون بضائع مغاربة العالم ( 2 أورو لكل كيلوغرام ) قرروا عدم الدخول هذا الصيف – بحسب الصلحاني - بسبب ارتفاع أسعار تذاكر الباخرة، مشيرة بأن أغلب أفراد الجالية لم يسافروا الى المغرب بسبب ارتفاع أسعار تذاكر السفر الى جانب ارتفاع أسعار الخدمات السياحية في المغرب مقارنة بوجهات أخرى مثل إيطاليا واسبانيا والبرتغال وبلدان أوروبا الشرقية التي تتمتع بخدمات سياحية جيدة وبأسعار معقولة على العكس المغرب حيث ترتفع الأسعار مع نقص في جودة الخدمات السياحية، ولذلك تقول الصلحاني - لا نجد الا أفراد الجالية الذين وجدوا أنفسهم مجبرين على السفر على المغرب لقضاء أغراض إدارية أو عائلية مهمة هذه السنة .
بالمقابل أشار لحبيب شباط ، خبير في الشأن الاسباني وعضو الحزب الاشتراكي العمالي أن هناك بالفعل شعور داخل المغرب بأن هناك انخفاض في زيارة مغاربة العالم هذا الصيف للمغرب، لكن الأرقام الصادرة من السلطات المغربية والإسبانية تؤكد العكس تماما، فالأرقام المتوفرة الى حدود نهاية يوليوز 2025 تشير الى زيادة قدرها 13 في المائة بالنسبة للأشخاص و 4 في المائة فيما يتعلق بالسيارات، مذكرا بأن ناك 12 خط بحري يربط المغرب بإسبانيا وفرنسا وايطاليا ، بالإضافة الى تواجد عدة رحلات جوية مباشرة الى عدد كبير من المدن الأوروبية حيث نتحدث عن 2135 رحلة أسبوعية تربط المغرب ب 141 مطار دولي، وكل هذه الإمكانيات تساعد مغاربة العالم للقدوم الى المغرب، وما نلاحظه في السنوات الأخيرة - يضيف شباط - هو تغيير لمواقيت الزيارات لبعض أفراد الجالية المغربية الذين أصبحوا يفضلون الفصول الأخرى على فصل الصيف لتفادي الاكتظاظ وارتفاع الأسعار، لا فيما يخص وسائل التنقل الدولية ولا تكلفة العيش داخل المغرب التي ترتفع في فصل الصيف. المطلوب من السلطات المغربية هو تشديد المراقبة على احترام الأسعار في شتى الخدمات، خصوصا وأن المغرب لا يستقبل فقط جاليته في الصيف بل سياح أجانب الذين يزدادون سنة بعد أخرى، داعيا في الأخير الى الحفاظ على صورة السياحة في المغرب لتستطيع منافسة بعض الوجهات السياحية مثل اسبانيا وتركيا، حيث أصبح أبناء الجالية خصوصا أصبحوا يفضلون هذه الوجهات لقضاء العطلة الصيفية بفضل جودة العرض السياحي مقارنة بأثمنة المغرب .
مريم المزوق، رئيسة الاتحاد النسائي العربي في السويد ذهبت هي الأخرى الى أن الوضع العام السائد في العالم له تأثير كبير على ارتفاع أسعار التذاكر الجوية والبحرية وأسعار الخدمات السياحية، والمغرب لابد أن يتأثر بالتوترات التي يشهدها العالم – تضيف - خاصة من الناحية الاقتصادية والتجارية، في الوقت الذي ينبري فيه الكثير من المؤثرين عبر الشبكات الاجتماعية لتوجيه الانتقادات وبث مجموعة من الآراء والأفكار السلبية دون استحضار هذه المعطيات، فالعالم - تقول المزوق - عاش مخاضا كبيرا جدا وسيناريو الأحداث الدولية تابعها الجميع من أزمة كوفيد 19 الى الحرب الروسية – الأوكرانية وتأثيرها على فرص الشغل في أوروبا، بالإضافة الى الحروب التي يعرفها الشرق الأوسط، والتي لابد أن يكون لها تأثير على العالم وعلى أوروبا التي يعيش فيها معظم أفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج..صحيح تحدث بعض الانفلاتات في أسعار الخدمات السياحية من حين آخر، لأن هناك أشخاص ليست لهم ضمائر، وهناك من يستغلون هذه الأوضاع للمبالغة في الزيادات لكن يصعب التعميم – بحسب محاورتنا - حيث يستند بعض المؤثرين على حالات معزولة أو شهادات معزولة ويسعون الى تعميمها وصولا للقول بوجود غلاء في الخدمات السياحية في المغرب، في الوقت الذي أصبح فيه المغرب بقيادة الملك محمد السادس وجهة رائعة جدا. أشارت المزوق أن تزور المغرب باستمرار، حيث عرف المغرب تقدما ملحوظا في العقود الأخيرة ( مشاريع كبرى، بنيات تحتية..) ولذلك لا ينبغي تبخيس هذه الجهود بناء على وقائع بسيطة عبر الاستعانة بالشبكات الاجتماعية، فهذا يضر بسمعة البلاد، وبالتالي القطاع السياحي في بلادنا ، مقترحة تنظيم حملة تواصلية لتوضيح أسباب ارتفاع أسعار الخدمات السياحية، علما أن الغلاء له ما يبرره – من وجهة نظرها – مؤكدة بأن السياحة في العالم ككل تضررت نتيجة الأوضاع التي يعاني منها العالم، مما جعلها تعتمد على السياحة الداخلية، مشيرة في الأخير بأن عدم دخول أفراد الجالية المغربية للخارج الى المغرب هذا الصيف بالنظر للظروف المذكورة قد يشكل فرصة لمغاربة الداخل للاستفادة من الخدمات السياحية، علما أنهم ظلوا دائما يرددون أن الجالية المغربية المقيمة بالخارج " كتغلي عليهم الأسعار " .