وقد شكل حضور الأستاذ جفال، رغم ظروفه الصحية، لمسة إنسانية مؤثرة أعطت للحدث أبعادا عميقة تتجاوز طقوس التخرج والاحتفاء العادي.
لم يكن هذا الاحتفال مجرد مناسبة تخرج لفوج جديد من الطلبة، بل كان تكريما مستحقا لاستاذ نذر حياته للعلم والتأطير الأكاديمي والارتقاء بالجامعة المغربية.
الأستاذ مصطفى جفال، خريج جامعة السوربون العريقة، يعد من أبرز أساتذة الفكر السياسي وعلم الاجتماع السياسي في المغرب. اشتهر بأسلوبه التعليمي المتميز، وقدرته الاستثنائية على تبسيط المفاهيم النظرية المعقدة بلغة عربية فصيحة وسلسة، تشد الطلبة وتحببهم في المادة، حتى غدا حضوره في القاعة مصدر إلهام وإعجاب واسع النطاق.
لقد تخرج على يد الأستاذ جفال أجيال من الطلبة والباحثين، وتكونت على يديه كفاءات علمية ومهنية بارزة تشغل اليوم مناصب عالية في مختلف مؤسسات الدولة. كما أشرف على عدد كبير من أطروحات الدكتوراه في القانون العام والعلوم السياسية، وساهم بقوة في تكوين أطر أكاديمية ذات صرامة علمية وانفتاح فكري وإنساني نادر.
الحدث حضره عدد من الأساتذة والباحثين، ممن تتلمذوا على يد الأستاذ مصطفى جفال، وفي مقدمتهم الدكتور عبد اللطيف مستكفي، منسق ماستر "إدارة المؤسسات والعمل الاجتماعي" والمهندس الفعلي لهذا الحدث البهي. وقد عبر الحاضرون عن امتنانهم العميق للأستاذ، مؤكدين أن ما قدمه للجامعة يتجاوز التدريس والتأطير، إلى بناء جيل واع، مسلح بفكر نقدي وإنساني رصين.
لم يكن هذا الحدث مجرد حفل تخرج أو تكريم عابر، بل كان رسالة أمل ووفاء ودرسا في ثقافة الاعتراف، موجهة لأحد رموز الجامعة المغربية الذين خدموا قضايا العلم والطلبة والقيم النبيلة بإخلاص نادر.
إن تكريم الأستاذ مصطفى جفال هو تكريم للمعرفة والالتزام والنضال، وتكريم لرجل جمع بين الأصالة والانفتاح، وبين التميز العلمي والنبل الإنساني.
وفي سياق هذا التكريم، يبرز سؤال جوهري طالما راود ذاكرة الكلية: لماذا لا تفكر الكلية والجامعة في إطلاق أسماء هؤلاء الأساتذة الكبار على قاعاتها ومدرجاتها وعلى افواجها المتخرجة وعلى وضع صور أساتذة درسوا برحاب هذه الكلية؟