أريري: بعد انطلاق إنجاز محطة "التيجيفي".. هل سيتم إلحاق "إمارتي" النسيم وسيدي معروف بالدارالبيضاء؟!

أريري: بعد انطلاق إنجاز محطة "التيجيفي".. هل سيتم إلحاق "إمارتي" النسيم وسيدي معروف بالدارالبيضاء؟! عبد الرحيم أريري
من الأخطاء الكبرى التي تم ارتكابها بالجنوب الغربي للدار البيضاء أن المسؤولين (منتخبين وترابيين ومدبرين للمصالح الخارجية)، لم يتعاملوا مع حوض"سيدي معروف النسيم/ ليساسفة" كوحدة مجالية واحدة، بل تم التعامل معهما بوصفهما "إمارتين منفصلتين ومستقلتين عن بعضهما البعض وغير مرتبطتين بالدارالبيضاء". والحال أن التراقصات اليومية بين "سيدي معروف والنسيم/ليساسفة"، جد مكثفة طوال اليوم، كما أن الترابط بينهما جد وثيق ومتشابك. بحيث يكفي المرء أن يراقب حركية الطاكسيات والخطافة بين سيدي معروف وليساسفة، فضلا عن الطوابير الطويلة واللامتناهية للسيارات والشاحنات والدراجات بالمعبر اليتيم الفاصل بينهما عند إقامة المولد (قنطرة السكك المؤدية لمقر عمالة عين الشق)، ليقف على هذا المشكل الكارثي.
 
المثير في النازلة أن كلا المنطقتين هما نتاج مسطرة الاستثناء(la derogation)، أي أن المخطط الحضري لم يستحضر النسيم وليساسفة أو سيدي معروف في تصاميم التهيئة، مع ما يترتب عن ذلك من احتياط في توقع المرافق وتسطير البنية التحتية الطرقية المهمة، أو على الأقل رسم معالم التكامل والترابط بين هذا الحي أو ذاك، بقدر ماكان هذا الحوض منتوج تعمير "الهمزة" أو تعمير الاستعجال(l'urgence). والنتيجة هي هذه "الفوضى الخلاقة" التي يعيش في لهيب نيرانها أزيد من 250 ألف مواطن لم يرتكبوا أي جرم سوى أنهم "تصيدوا" وسكنوا بحوض سيدي معروف النسيم/ليساسفة. ويتجلى ذلك في غياب منافد طرقية متعددة تربط بين التجمعين الحضريين، غياب قناطر رابطة بينهما (اللهم "معبر إيريتز" اليتيم الموجود تحت قنطرة السكك قرب إقامة المولد)، عدم ربط التجمعات السكانية الرهيبة والأحياء الصناعية بالحوض بوسائل نقل حضري عمومي، علما أن سيدي معروف لوحده يحتضن خمس مناطق اقتصادية منها اثنتان للخدمات(كازانيرشور وزينيت)، وليساسفة تحتضن ثالث أكبر منطقة صناعية بالبيضاء بعد البرنوصي ومولاي رشيد. وكل هذه المناطق الصناعية والخدماتية تؤمن الشغل لحوالي 60 ألف فرد معظمهم يقطن بالحوض المشؤوم.
 
ومع ذلك حتى الباركينغ الكافي، باطني أو عمودي، غير موجود(مثلا بحي زينيت يرمي الناس "برويطاتهم" كيفما اتفق وفي أي مكان علما ان اسمه هو "حي الأعمال!!)، وشركة "الدار البيضاء للتهيئة" لم تستغل ورش محاربة فيضان بوسكورة لإنجاز قناطر على الواد لتسهيل عملية تنقل السلع والأفراد عبر السيارات والشاحنات بين سيدي معروف والنسيم من جهة، وتخفيف الضغط على شارع أبي بكر القادري الذي لم تعد له القدرة إطلاقا لاستيعاب "بشكليطة"، فأحرى سيارة أو طوبيس من جهة ثانية، كما لم تقم شركة الدار البيضاء للتهيئة بتحويل ضفتي واد بوسكورة لمنتزه او حديقة للتنفيس عن سكان ليساسفة والنسيم وسيدي معروف، الذين يعيشون في أقفاص إسمنتية.
 
اليوم يكبر القلق مع اختيار حي النسيم لإنجاز أكبر محطة سككية خاصة بقطار "التيجيفي"، وهو المشروع الذي انطلق الأشغال به بدوار "مقيليبة" قرب "محطة الكليات". إذ لم تستحضر السلطة العمومية مرافقة هذا المشروع السككي الضخم والمهيكل، بفتح طرق "ناعسة" ومنسية في وثائق التعمير حتى لا تزداد الوضعية سوءا ( مثلا تمديد شارع القزابري نحو شارع القدس، التعجيل بإنجاز نفق "trémie" بملتقى شارعي أبي بكر القادري والقدس لتحسين انسيابية السير، ربط تجزئتي المستقبل مع شارع القاضي عياض نحو مسجد الكرعاني، ربط شارع المرابطين بحي النسيم مع حي البام أو مع شارع أولاد حدو بسيدي معروف، ربط المنطقة الصناعية الفاسي الفهري مع شارع عبد الله باها وضرورة توسيع القنطرة الموجودة قرب ملعب FCC لتخفيف الضغط على مدخل عزبان وزنقة صيدلية رجب، إلخ...)
 
من هنا السؤال: ما هو دور الجهة ومجلس المدينة والولاية والعمالات والمقاطعات إن لم يلمس المواطن البيضاوي اهتماما بأوجاعه، ويرى بأم عينيه أن المنتخبين ورجال السلطة ومدراء شركات التنمية المحلية ينشغلون بتجويد شروط عيشه؟ ماجدوى إلزام الناس بأداء الضرائب إن لم تقم مؤسسة الجهة والبلدية والمقاطعة ومؤسسة الولاية والعمالة والوكالة الحضرية وشركات التنمية المحلية، بأدوارها في صرف ضرائب المواطنين على مشاريع تخفف المعاناة اليومية على السكان والقيام بالتصحيحات المطلوبة لتدارك جرائم التخطيط الحضري التي ارتكبت بسيدي معروف والنسيم(مثلا حي المستقبل الذي تم زرعه لا ستقبال ازيد من 45 ألف نسمة في مساحة لا تتجاوز 35 هكتار بدون مرافق ؟!).
 
قد "نتفهم"، عجز أو رفض المسؤولين التدخل في مجال ترابي معطوب اقتصاديا وفقير ماديا وتنعدم فيه الإمكانيات الضريبية، لكن من غير المقبول أن تلهف الدولة الأموال والضرائب من حوض سيدي معروف والنسيم/ ليساسفة المنتج للثروة، دون أن ترد السلطات العمومية، ولو جزءا من الخدمات الأساسية، لساكنة منطقة تنتج لوحدها حوالي 6% من الناتج الداخلي الوطني؟
 
اللهم إن هذا لمنكر !