كريم مولاي: قضية نغزة وساحلي وحمادي.. ملفات انتخابية تتحول إلى صراع أجنحة في السلطة الجزائرية

كريم مولاي: قضية نغزة وساحلي وحمادي.. ملفات انتخابية تتحول إلى صراع أجنحة في السلطة الجزائرية كريم مولاي (يمينا) وعبد الحكيم حمادي و سعيدة نغزة وبلقاسم ساحل

تحوّلت قضية "شراء التوقيعات" الخاصة بالانتخابات الرئاسية المقبلة إلى واحدة من أبرز الملفات القضائية والسياسية في الجزائر، بعد أن طالت التحقيقات شخصيات معروفة، من بينها سيدة الأعمال سعيدة نغزة، والوزير السابق بلقاسم ساحلي، والمرشح الرئاسي الأسبق عبد الحكيم حمادي.

 

خلفيات القضية: توقيعات مقابل المال

في سياق التحضيرات لرئاسيات شتنبر 2024، فتحت النيابة العامة تحقيقًا واسعًا عقب ورود تقارير عن شبهات فساد في عملية جمع التوقيعات، حيث اتُهم عدد من المرشحين بدفع مبالغ مالية تراوحت بين 20 و30 ألف دينار جزائري للحصول على توقيعات من منتخبين محليين. التحقيق أفضى إلى متابعة عدد من الأسماء البارزة في المشهد السياسي، على رأسهم نغزة وساحلي وحمادي.

 

الأحكام القضائية: من السجن النافذ إلى التخفيف

في ماي 2025، أصدرت المحكمة الابتدائية أحكامًا بالسجن النافذ لمدة 10 سنوات ضد المتهمين الثلاثة، مع تغريم كل منهم بمبلغ مليون دينار جزائري، إلى جانب إدانات طالت أبناء نغزة بأحكام تراوحت بين 6 و8 سنوات، وأوامر بالقبض عليهم.

 

غير أن محكمة الاستئناف، في 9 يوليوز 2025، خففت العقوبات إلى 4 سنوات سجن نافذة مع الحفاظ على الغرامة المالية نفسها، فيما صدرت أحكام تتراوح بين 2 و3 سنوات بحق بعض أفراد عائلة نغزة ومنتخبين محليين متورطين في الملف.

 

تصريحات نجل نغزة: اتهامات مباشرة وصراع نفوذ

في تطور لافت، نشر مقران عزوزة، نجل سعيدة نغزة، سلسلة فيديوهات على مواقع التواصل الاجتماعي، تحدث فيها عما وصفه بـ"كواليس تصفية حسابات داخل النظام"، مؤكدًا أن القضية لا تتعلق فقط بفساد انتخابي، بل بصراع أجنحة داخل السلطة.

 

ووجّه عزوزة اتهامات مباشرة لشخصيات نافذة في مؤسسة الرئاسة، من بينها كمال سيدي السعيد، ابتسام حملاوي، وبوعلام بوعلام، محمّلًا إياهم مسؤولية ما أسماه "توريط والدته في ملف مفبرك لأسباب سياسية".

 

كما أشار إلى ضغوط مورست عليه من خلال توقيف عدد من أقاربه، بينهم شقيقته وخالته وزوج شقيقته، عقب تصريحاته العلنية، قبل أن يتم إطلاق سراحهم لاحقًا.

 

العفو الرئاسي المعلق والوعود المتراجعة

وكشف نجل نغزة عن تلقيه وعودًا من أطراف رسمية بإدراج اسم والدته ضمن عفو رئاسي مرتقب، إلى جانب أسماء أخرى على غرار صنصال وبلغيث، لكنه أكد أن هذه الوعود تراجعت فور تصعيده للهجة الاتهام ضد جهات رسمية.

 

البُعد السياسي: القضاء في قلب معركة النفوذ

أخذت القضية طابعًا سياسيًا متصاعدًا، وسط قراءات تشير إلى صراع محتدم داخل دوائر السلطة، بين جناح يسعى لإعادة رسم خارطة النفوذ السياسي في البلاد، وآخر محسوب على الرئاسة يرى في بعض المرشحين تهديدًا لترتيبات ما بعد 2024.

 

وفتحت هذه التطورات باب التساؤلات مجددًا حول مدى استقلالية القضاء، ودور مؤسسات الدولة في محاربة الفساد، وهل يُستخدم هذا الملف كأداة لتصفية حسابات بين خصوم سياسيين؟

 

نظرة مستقبلية

تحوّلت قضية "نغزة – ساحلي – حمادي" من مجرد شبهة في ملف انتخابي إلى مرآة تعكس حجم الانقسامات داخل النظام السياسي الجزائري، وتُبرز الدور المتزايد للأجهزة الأمنية والقضائية في إعادة تشكيل المشهد ahead of الانتخابات المقبلة.

 

ومع استمرار التسريبات والتصريحات، يُرجّح أن تحمل الأسابيع المقبلة تطورات جديدة، قد تعيد ترتيب الأولويات داخل السلطة، وتكشف عن مزيد من الأسماء المتورطة في هذا الصراع الصامت.

 كريم مولاي، خبير أمني جزائري/ لندن