وصفي بوعزاتي: قبل أن تضيع الفرصة.. البياطرة الخواص جاهزون لإنقاذ إحصاء القطيع

وصفي بوعزاتي: قبل أن تضيع الفرصة.. البياطرة الخواص جاهزون لإنقاذ  إحصاء القطيع د وصفي بوعزاتي
في سياق تتبعي لعملية إحصاء القطيع الوطني، ولا سيما بعد ملاحظتي لما رافق هذه العملية من اختلالات ميدانية واضحة، أجد أنه من الضروري اليوم عدم انتظار حكامةٍ مثالية غائبة حتى الآن، ولا مواكبة حكومية فعلية لتدبير هذا المعطى الذي يزداد تعقيداً.

وعليه، وبعقلانية الميدان لا أوهام المكاتب، أُقترح إطلاق عملية ترقيم إناث الأغنام والماعز عبر الأطباء البياطرة الخواص، باعتبارهم الأقرب إلى الفلاحين، والأدرى بواقع القطيع، والأكفأ من حيث التكوين والخبرة.
 
إن الطبيب البيطري الخاص، وخصوصاً من مارس هذا العمل سنوات طويلة في البوادي والجبال، يتقن لغة الفلاح ويُجيد الإنصات لهمومه.

هو ليس مجرد مُؤطِّر، بل فاعل حقيقي في الدورة الإنتاجية، وفاهم عميق لسيكولوجية وسوسيولوجية مربي الماشية.
وقد راكم هؤلاء الأطباء البيطريون تجارب ناجحة في ترقيم قطيع الأبقار والإبل، بل وأصبحوا متمكنين من أدوات النظام المعلوماتي SNIT، الذي يشكل مرجعية مركزية لتدبير هوية القطيع وتتبع دعمه وتحركه.

 
من هذا المنطلق، أرى أن إشراك القطاع البيطري الخاص اليوم، وبشكل فوري، في ترقيم إناث الغنم والماعز، ليس فقط خطوة ذكية، بل ضرورة استعجالية، تُوفر الوقت، وتُرشد المال العام، وتُجنب وزارة الداخلية الكثير من الإحراج التنظيمي والضغط الميداني.
 
فبدلاً من ترك الوزارة وحدها في مواجهة عبء الإحصاء وسط مناخ من انعدام الثقة والتردد الشعبي، يمكن خلق منظومة تنسيق واضحة، يُشرف عليها البياطرة، تحت وصاية السلطات، وفي أجل معقول يُحدد بين شهرين إلى ثلاثة أشهر، بمقاربة تشاركية ومسؤولة.
 
فقط بهذه الصيغة، يمكن استعادة زمام المبادرة، وبناء جسور الثقة بين الدولة والكساب، والانطلاق فعلياً نحو مرحلة جديدة يكون فيها البيطري شريكاً في القرار، لا منفذاً مهمشاً.
 
وإذا كنا نريد فعلاً إعادة تكوين القطيع الوطني، فليكن ذلك بأدوات واقعية، وبتعبئة كفاءات حقيقية، لا بإحصاءات عرجاء لا تؤمن بها حتى الجهات التي تُنفذها.