مباشرة بعد انتهاء التلاميذ والتلميذات من إجراء الامتحانات الإشهادية الجهوية والوطنية، يطفو على السطح حديثهم عن المراقبين داخل قاعات الامتحان وطريقة تعاملهم مع الممتحنين.
تشكل الامتحانات الإشهادية: الجهوي والوطني، محطات مفصلية في مسيرة التعليم، وموسمًا تُستنفر فيه الطاقات لضمان الانضباط وتكافؤ الفرص. وفي مقدمة جنود الخفاء، الصامتين والصامدين في ميدان التربية والتعليم، يقف الأستاذ المراقب في مهمة صعبة داخل قاعات الامتحان.
يؤدي رسالته بأمانة ومسؤولية، لكنه كثيرًا ما يُكلَّف بما يتجاوز طاقته دون مراعاة لاحتياجاته الإنسانية.
عديدون هم الأساتذة المراقبون الذين تعرضوا للاعتداء والضرب والسب والقذف بكلمات نابية وقدحية، لكونهم أدوا مهمة المراقبة بكل أمانة.
ومن بين الإشكاليات الصامتة التي تطفو على السطح وتتكرر في كل موسم دراسي، مسألة اختيار الإدارة المدرسية (المدير والناظر..) السادة الأساتذة المكلَّفين بالمراقبة بعشوائية، دون النظر إلى أعمارهم أو أوضاعهم الصحية الحرجة. تُدرج أسماؤهم في جدول المراقبة دون استشارة ولا دراسة لحالتهم وظروفهم الصحية. فتُكلّف الإدارة المدرسية من أثقلتهم سنين التدريس أو أنهكتهم الأمراض المزمنة ليقفوا ساعات طوال داخل قاعات الامتحان، التي يفتقر العديد منها إلى النظافة والتهوية والإضاءة الكافية، في حين تستبعد الإدارة المدرسية من هم قريبون منها وترتبط بهم علاقة نقابية أو حزبية، وتُكلّفهم بمهمة السكرتارية أو تضع بعضهم في خانة الاحتياط.
ومما يزيد الأمر وطأة، أن بعض التعليمات تلزم المراقب بالوقوف طيلة زمن الامتحان، وكأن الجلوس فيه تراخٍ وتهاون. وكأن الكرسي إن قُدِّم للأستاذ المكلّف بالمراقبة، سيكون إخلالًا بالواجب المهني.
إن التشدد في التعليمات الجوفاء على السادة الأساتذة المراقبين بصفة خاصة داخل قاعات الامتحان، يعكس بوضوح نظرة إدارية قاصرة، بعيدة عن العدل والرحمة والشفقة.
إن تكليف الأساتذة والأستاذات بالمراقبة أثناء إجراء الامتحان الجهوي والوطني ليست عقوبة، والمراقب ليس بآلة، بل هو شريك حقيقي وفعلي لضمان نجاح سير الامتحانات الإشهادية.
كما أن تكليف السادة الأساتذة والأستاذات الذين يعانون من أمراض مزمنة، وإلزامهم بما لا يحتملونه، يمثل في نظري صورة من صور الإجحاف الإداري، والذي لا يليق بمؤسسة تربوية مواطنة وإنسانية، وتجاهل صريح للكرامة الإنسانية.
خليل البخاري ، باحث تربوي