في مقال سابق خلال سنة 2024، تحت عنوان: "بشرى لـ "الشُّجْعَانْ" فرسان سنابك خيل بلادي...هذه حصيلة عقد برنامج التبوريدة المغربية"، كانت جريدة "أنفاس بريس" سباقة إلى تعميم المعلومات الواردة في شأنها، وتناول وتوضيح أغلب مضامين محتوى عقد الشراكة الموسومة بـ "عقد برنامج التبوريدة ـ رؤية 2030 ". هذه الشراكة التي جاءت في وقتها المناسب، والتي تم توقيعها بين الجامعة الملكية المغربية للفروسية، ووزارة الفلاحة والصيد البحري والتنمية القروية والمياه والغابات، إلى جانب الشركة الملكية لتشجيع الفرس، ثم الجمعية الوطنية لفن التبوريدة.
ونظرا لقيمة الحدث وما تلاه من برامج وأنشطة ذات الصلة بين مختلف الأطراف، فقد وصفنا هذه الشراكة غير المسبوقة بـ "الواعدة"، على اعتبار أنها حسمت ـ ولو على الورق ـ في عدة مشاريع مستقبلية سيكون لها ما بعدها على أرض الواقع. خصوصا أن من أوليات إشراقاتها تلك الإجراءات الهادفة إلى تطوير القطاع والاهتمام بالفارس والفرس وكل مستلزمات منظومة "التّْبَوْرِيدَةْ".
في هذا السياق أكدنا في حينه، على ضرورة الإنفتاح وإشراك بعض الوزارات والقطاعات وإدماجها في ذات الشراكة "الواعدة". من بينها مثلا وزارة الثقافة والشباب والتواصل، ووزارة السياحة، ووزارة الاقتصاد والصناعة التقليدية نظرا للجسور العديدة التي تربط بينها وبين قطاع الفروسية التقليدية والممارسين وعشاق تراث "التّْبَوْرِيدَةْ".
وقد تم مؤخرا تدارك الأمر، وتوقيع شراكة بين الجامعة الملكية المغربية للفروسية وكتابة الدولة في الصناعة والاقتصاد الاجتماعي والتضامني، باعتبار أن هذا القطاع يُعدُّ ممرا وجسرا قويا لضمان العبور نحو تثمين وتحصين وتجويد وتطوير مختلف الحرف والصناعات التقليدية ذات الصلة بمجال التبوريدة.
في اعتقادي الشخصي، فإن توسيع هذه الشراكة مع الجامعة الملكية المغربية للفروسية، إلى نطاق يشمل أيضا وزارة السياحة كرافد من روافد التنمية المجالية، يعتبر مدخلا أساسيا للإستثمار في مجموع منظومة حقل الفروسية التقليدية، والاستثمار في إمكانيات ومقدرات تاريخ حضارتنا وهويات جغرافيا الفروسية التقليدية، وكل ما يتصل بعلامات وعناوين هذا التراث العريق من روافد مجالية وبشرية ومادية ولوجستيكية وفنية وتقنية.
أين وصل تنفيذ إجراءات تشجيع ومواكبة هيكلة "الْمَوَاسِمْ" المغربية؟
من المعلوم أن الْمَوَاسِمْ الصيفية المرتبطة بتراث عروض التبوريدة، تعرف تصاعدا ملحوظا على المستوى الوطني، تمددا وتوسعا وانتشارا، على اعتبار أنها تُعَدُّ فترة تواصلية خلال الصيف ـ اقتصاديا واجتماعيا وسياحيا وثقافيا وبيئيا ـ وفي هذا السياق تمت برمجة تواريخ وأمكنة وفضاءات متنوعة لاستقبال الجمهور الغفير الوافد من كل حدب وصوب لـ "الْمُوسَمْ" المفترض، تزامنا مع انطلاق اشتغال الجهات المعنية للإعداد وتوفير الوسائل الأساسية التي أضحت جد مكلفة.
أسئلة جوهرية حول مآل الإجراءات الواردة ضمن محتوى ومضمون الشراكة الموقع بين الأطراف المذكورة أعلاه، والمرتبط بمؤسسة "الْمُوسَمْ" تحديدا:
1 ـ هل تم إنشاء وإحداث دفتر تحملات من طرف الشركاء الموقعين على شراكة "عقد برنامج رؤية 2030" تنص بموجبها بنوده على إلزامية العمل بمواصفات هندسية مضبوطة لـ "مَحْارِكْ" الفروسية التقليدية، وتظاهرات التبوريدة، ضمانا للسلامة والأمن ومتابعة العروض التراثية بطريقة ضامنة لكرامة الجمهور والفرسان ومواقع مرابط الخيول.
2 ـ هل تم وضع خريطة جغرافية تمكن من إحصاء وضبط وتصنيف الْمَوَاسِمْ المتواجدة عبر مجالات ربوع التراب الوطني، حتى يتسنى للجهات المعنية، التتبع والمواكبة والإنخراط والتفاعل مع تنظيم تلك الْمَوَاسِمْ في الزمان والمكان وتوفير متطلباتها لوجيستيكيا وماديا وأمنيا.
3 ـ هل تم الحسم في وضع تصور عملي لإجراءات تعزيز عَلْفَاتْ الْخَيْلْ "السَّرْبَاتْ" وطريقة الإهتمام بالفرسان والخيول، وكيفية رعاية الْمَوَاسِمْ في إطار تنظيمي وتحفيزي محكم ومشجع؟
نطرح هذه الأسئلة الثلاث، باعتبارها مفتاحا للولوج لقراءة الشراكة الموقعة بين الأطراف السالفة الذكر، وتمحيص أهدافها النبيلة، من باب الاهتمام بمؤسسة "الْمُوسَمْ" التي تُعَدُّ رافدا من روافد التنمية المحلية والإقليمية والجهوية، وتحتاج فعلا إلى رؤية جديدة في التخطيط والدعم والتنظيم والمواكبة والحرص على جودة صورتها أمام الجمهور والسياح بمختلف اهتماماتهم وعشقهم للموروث الثقافي الشعبي والحضارة المغربية.