فوزي بوزيان : حرارة الامتحان المدرسي الإقليمي في الأقاليم الداخلية.. وحرارة القرارات المركزية

فوزي بوزيان : حرارة الامتحان المدرسي الإقليمي في الأقاليم الداخلية.. وحرارة القرارات المركزية وزير التربية برادة وفوزي بوزيان ( يسارا)
في وقت كان فيه أمل أمهات وآباء التلميذات والتلاميذ المرشحين لاجتياز الامتحان الإقليمي الموحد لنيل شهادة الدروس الابتدائية، أن تراعى الظروف المناخية القاسية بالأقاليم الجنوبية والشرقية والداخلية، جاءت مراسلة وزارة التربية الوطنية ليوم 18 يونيو 2025 لتعلن عن تعديل جديد في مواعيد الامتحان، يمتد على يومين: 23 و24 يونيو، في عز حرارة الصيف القاسية، دون مراعاة الواقع المجالي والمناخي لهذه المناطق.

وقد كانت برمجة هذا الامتحان محط نقاش نقابي وجمعيات الآباء على المستويين المحلي والجهوي، حيث تمت المطالبة بتدبير مواعيده إقليميا، مراعاة للخصوصيات الجغرافية والمناخية، ومقترحا أن يتم الاكتفاء بيوم واحد للاختبارات بالنسبة للممدرسين، تفاديا للإرهاق والتنقل المتكرر من دواوير بعيدة عن مركز الامتحان وما يصاحب ذلك من مخاطر، خاصة في ظل ما تعرفه هذه المناطق من ارتفاع درجات الحرارة وانتشار الزواحف السامة والكلاب الضالة في هذه الفترة من السنة.لكن وزارة التربية الوطنية اختارت، مرة أخرى، نهج المقاربة المركزية، وأصدرت قرارا بتعديل المواعيد على المستوى الوطني، ضاربة عرض الحائط مبادئ اللامركزية واللاتمركز التي كرسها دستور 2011، خاصة الفصل 145 الذي يقر بضرورة تنسيق المصالح المركزية مع الادارة الجهوية والإقليمية، ومنح صلاحيات اتخاذ القرار ميدانيا حسب الخصوصيات.

لقد أعدت المؤسسات التعليمية تدابيرها لتنظيم الامتحان وفق مواعيدها المقررة سلفا، وحددت الإجراءات التدبيرية والتربوية في هذا الاتجاه، ما يجعل التعديل الوزاري في آخر لحظة غير مبرر تدبيريا، وغير منصف تربويا، ويثقل كاهل الأسر والتلميذات والتلاميذ بأعباء مضاعفة.

إن هذا القرار يسائل مجددا مدى التزام الوزارة فعليا بخيار اللامركزية، ويطرح علامات استفهام حول مدى جاهزيتها لتفويض الصلاحيات بما ينسجم مع مقتضيات الدستور، ويدعو إلى إعادة التفكير في صياغة سياسة امتحانات أكثر عدالة، وأكثر احتراما لخصوصية الجهات والأقاليم.

إن المطلوب اليوم هو ترجمة الخطاب الإصلاحي إلى ممارسات تدبيرية حقيقية، تضع التلميذ في صلب العملية، وتحترم بيئته ومجاله، وتشرك الفاعلين المحليين، بدل إغراق الحقل التربوي بقرارات فوقية لا تراعي الواقع.