عبد العالي بلقايد: مسناوة ظاهرة فنية متفردة

عبد العالي بلقايد: مسناوة ظاهرة فنية متفردة عبد العالي بلقايد
لم تكن ظاهرة مسناوة بالظاهرة التي تكرر ما تم إنتاجه من طرف الفرق التي شكلت معمار الغناء الغيواني الذي امتاح من التراث الفني الشعبي وجعله يحيى في صيغة جديدة تبعث الروح في التراث الموسيقي المغربي، الشيء الذي جعله موائما وخلق الألفة بينه وبين الذائقة الفنية للشباب في فترة كانت صيحات فنية هي المهيمنة مثل موجة "البوب موليرية والجاز...."

لكن العمق الفني للمنتوج الغيواني وصياغته من ناس موسيقيين وكتاب كلمات كبار، ورجال الإيقاع الشعبي بتنوعاته الأحواشي والحوزي (نسبة للعيطة بشكل عام) والهواري (نسبة لعبيدات الرما). جعلنا أمام ظاهرة فنية جديدة تنبثق من الإعتماد على فنون الذات.

رغم قوة الغواية التي كانت تمثلها بعض الألوان الموسيقية العالمية فقد وجد الشباب المغربي ظالته في هذا المنتوج المغربي الصرف الذي أبدعه شباب جاؤوا من المسرح الإحتفالي الذي يحتفي بالتراث بكل أشكاله سواء الحلقة اوسلطان الطلبة....

لقد كان الغيوانيون مهووسون بالمسرح، سواء بالجمعيات التي كانت تشتغل بدور الشباب والتي شكلت الدعامة لمسرح الهواة الذي كان مختبر للمسرح التجريبي الساعي إلى خلق تجربة فنية متفردة وهو ما عكس رغبة في التأسيس لنهضة فنية وجمالية كمقدمة، وفرش لأي نهضة محتملة على جميع المستويات.

إن مسناوة كانت قطعة ضمن هذا المدماك الجمالي الغيواني الذي حاول بعث نمط العيطة ولكن من خلال نفسها العرفاني المتعالق مع السَاكَنْ الذي يمتد في الإيقاعات الغناوية والحمدوشية وهي إيقاعات نشأت في كنف الزوايا حيث العرفان يجعل الذات تمتزج مع الكائن ومع المتعالي بالجدب والرقص الصوفي الذي هو لحظات تجعل الأنا تفيض شوقا للإمتزاج مع ما يفوق المنظور والعبور إلى ما يجعل الذات تتجاوز هشاشتها.

إن الموسيقى التقليدية المغربية لم تكن فقط نغما، بل كانت عبورا إلى عوالم من خلال اقتحام النار والجرح وهي كلها رموزا تؤكد البنية الإبراهيمية وترسخها، ما جعل موسيقيي الغيوان ليسوا كذلك إلا بتجسيد الحال الذي لا يعني إلا الإنخطاف ليكون الجسد توأم روحه في عالم تتكسر الحدود بين الغناء والإبتهال والرقص والجدب والمغني والجمهور والذات وما يؤلمها.

إن الفنان الغيواني قد تفاعل مع العالم الخارجي بفنه وتراثه وأوصله للعالمية لأنه كان مبدعا ومجددا.
 
يتبع