محمد عزيز الوكيلي: عندما يترك نظامٌ للحكم مشاكل وطنه ويُجنّد كل وسائله للتباكي على أبواب الجيران!!

محمد عزيز الوكيلي: عندما يترك نظامٌ للحكم مشاكل وطنه ويُجنّد كل وسائله للتباكي على أبواب الجيران!! محمد عزيز الوكيلي
ماذا يمكن أن ننتظر من هكذا نظام، وضع مقدرات مواطنيه، التي لا تقل عن ثلاثمائة، وربما أربعمائة مليار دولار سنوياً، من عائدات الغاز والنفط، في أيدي سفهائه من الجنرالات المتصابين وأبنائهم وأسرهم، وجَعَل لها قنوات تهريب وتبييض باتجاه ماما فرنسا خاصةً، وأوروبا عامةً، مع بعض بلدان أخرى تعتبر جنّاتٍ عند عصابات غسل الأموال، وأغلبها في أمريكا اللاتينية، حيث لا أحد يسألك من أين أتيتَ بأطنان الرزم من العملات الصعبة، تَستقبِلها مؤسسات تلك البلدان وتُكدّسها في مصارفها، وتمنحك كل فرص الاستثمار الصوري من أجل غسيل تام وشامل مقابل عمولات خيالية يناسب حجمُها مقاديرَ المليارات المنهوبة والمهرَّبة، وهكذا دواليك!!
 
كل ذلك، بينما الشعب الذي سُرِقَتْ تلك الأموال من مُقدراته يعيش على إيقاع الخوف والقلق والرهبة من عدو خارجي يتربص به الدوائر، وبذلك يبتلع لسانه ولا يسأل عن ثرواته المنفلتة من تحت أنفه على مدار السنين!!
 
ولأن ذاك النظام لا يعرف من أين تؤكل الكتف، فقد تحول داخل المنطقة المغاربية، والإفريقية، والمتوسطية، إلى ما يشبه الفيل الهائج عند دخوله عنوةً إلى أحد المحلات المختصة بعرض أواني وتحف الزجاج والسيراميك، وهلمّ تكسيراً وتخريباً!! 
 
هذا بالفعل، عينُ ما حدث في الجوار الجزائري الغربي والجنوبي والشرقي والشمالي، إزاء كل من المغرب؛ وبلدان الساحل الإفريقي؛ وليبيا، والجارة الإيبيرية إسبانيا، وفي نهاية هذا المطاف، يأتي حكام الجزائر ليتباكوا على ما يصفونه بجهود المخزن المغربي لعزل الجزائر عن محيطها، وكأن المغرب هو الذي سرق آبار الغاز الليبية منتحلاً هُوِيّة الجزائر، أو كأنه هو الذي ضرب مسيَّرة الدرون المالية، فوق التراب المالي، انحيازاً ونُصرةً لإرهابيي شمال مالي؛ أو كأن المغرب هو الذي استعدَى فرنسا وإسبانيا بمناسبة اعترافهما بمغربية صحرائه المسترجعة والمحررة؛ أو كأنه هو الذي اتخذ قرار الطرد المستمر والممنهج لأفارقة الساحل والصحراء المهاجرين، من خلال رميهم كما تُرمى الجِيَف في فيافي الجنوب، دون ماء ولا زاد ولا مؤونة... ثم يأتي ذلك النظام وإعلامُه المراحيضي للحديث عن العزل المغربي للجزائر عن محيطها المباشر، بعد أن أشعل من تلقاء نفسه فتائل حروب مؤجّلة وموقوتةٍ مع كل جيرانه سالِفِي الذكر!!
 
ما الذي يمكن أن ننتظره من نظام، كهذا، غير البكاء والنحيب والعويل، وغير لطم الوجه وتَزْويقِه بالخدوش والندوب ثم توجيه أصبع الاتهام بعد ذلك إلى أول جار يوجد على مرمى حجر من ذلك الوجه البشع، وهل هناك غير المغرب أكثر ملاءمةً لِجعلِه يتقمص هذا الدور بكل تفاصيله؟!!
 
مناسبة العودة إلى هذه الجارة/الظاهرة، التي صار العالم برمته على بيّنة من ألاعيبها وافتراءاتها وبُهتانها المَرَضِيّ، أن عجزة الموراديا لم يستفيدوا من دروسِ وعِبَرِ تجاربهم مع الولايات المتحدة الأمريكية، وإسبانيا، ثم مع فرنسا، حينما مارسوا كل أصناف الكذب على مواطنيهم، فأوهموهم في كل مرة بأن حكومات هذه الدول تراجعت عن دعمها للطرح المغربي، ليتضح بعد ذلك بأن أي أنملةٍ من ذلك الوهم لم تتحقق في ساحة الواقع، ولا في الأحلام، وها هم الآن كرّةً أخرى، يُرَوّجون أخباراً زائفةً عن تراجع بريطانيا العظمى عن قرارها الداعم للمشروع المغربي للحكم الذاتي، لعلمهم بأن الشعب في وطنهم مسطول بكل معنى الكلمة، و"مقلوبة عليه القفة" بكل دلالات هذا التعبير الشعبي اللاذع، مما اضطر معه وزير خارجية المملكة المتحدة إلى إلقاء كلمة ضافية، من فوق منبر مجلس العموم البريطاني، أكّد فيها ما أعلن عنه في الرباط خلال زيارته الأخيرة لبلادنا، وزاد على ذلك بتأكيده على مستقبل العلاقات المغربية البريطانية الواعد، والذي سيشهد استقبال المغرب لاستثمارات بريطانية من الآن فصاعدا، وفي أفق سنة 2030 التي سيحتضن المغرب فيها الجزء الأوفى من منافسات نهائيات كأس العالم لكرة القدم، وهي الاستثمارات التي قيل رسميا إن مظروفها المالي يقدر بعشرات المليارات من الجنيه الإسترليني، وأنّ هذا التوجه سينطلق منذ الآن بمشاريع فورية، كبداية، في اقاليمنا الجنوبية تحديداً، يبلغ حجمها المالي خمسة مليارات جنيه إسترليني، وهذه العملة البريطانية تساوي أكثر من اليورو بزيادة تفوق 18%، وترقَى بأكثر من هذه النسبة مقارنة مع الدولار الأمريكي!!
 
  النظام الجزائري لا يُنتظَر منه والحالة هذه سوى الكذب، والكذب، والمزيد من الكذب والبكاء، وهذه هي الرياضة التي يستطيح الرئيس الصوري لذلك النظام، عبد المجيد تبون، أن يحطم فيها أرقاماً قياسية... ولو كان الأمر بيدي، لجعلت مؤسسة غينيس للأرقام القياسية تفتح مجلداً خاصاً باسم هذا الرجل، حتى يتسنى له وحده أن يستمر في تحطيم أرقامه الذاتية في الكذب بين كل حدث سياسيٍّ أو دبلوماسيٍّ وآخر!!
 
تُرى، مالذي سيفعله ذلك النظام بعد أن ينتهي مطاف هذا الخَبَل بإقفال ملف هذا النزاع المفتعل، وبعد أن يُقفَل معه ملف ما يسمونه بالصحراء الغربية، وتُطوى بعد ذلك صحف هذا الملف، وتُركَنُ أوراقُه ومستنداتُه في مكانٍ قصيٍّ من خزانة أرشيف الأمم المتحدة؟!
 
 ترى ما الذي يمكن أن ننتظره بعد كل ذلك، نحن والعالم من حولنا، من هكذا نظام بَكَّاء لا يُحسِن سوى النحيب والعويل وتعليق أسمال فشله وأطمار خيباته على مشاجب الغير؟!!
مَن يستطيع أن يتوقّع شيئاً مما قد يصدر في هذه الحالة عن مثل ذلك النظام؟.. مَن؟!!
محمد عزيز الوكيلي، إطار تربوي متقاعد.