في سياق ما جاء في المقال السابق بعنوان "الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والسياسية لقانون الإضراب" والذي نشرته بتاريخ 29 أبريل 2025 حيث أشرت فيه إلى القضايا المطروحة على مائدة الحوار الاجتماعي ومنها الحماية الاجتماعية والتي تقوم بدور أساسي في تحسين الأوضاع الاجتماعية للأجراء وحماية المقاولة وتقوية الاقتصاد الوطني وتحقيق التماسك الاجتماعي وهي أمور تتطلب المواكبة المستمرة لجميع مؤسسات الحماية الاجتماعية وتعميم التصريحات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مع سلامتها من العيوب، ويمكن للحوار الاجتماعي أن يقوم بدور كبير لتحقيق هذه الاهداف فبالإضافة إلى ما يقوم به مفتشو الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ومفتشو الشغل من دور في مجال المراقبة يمكن إحداث لجنة ثلاثية على المستوى الوطني تتفرع عنها لجان على مستوى الجهات والأقاليم والقطاعات المهنية مع وضع برنامج شمولي يستهدف جميع القطاعات الانتاجية ، فعند استعراض الوضعية بجميع القطاعات نجد أنها تعرف العديد من الخروقات حول عدم التصريح بالاجراء لدى الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وعدم سلامتها من العيوب بما فيها :
1- المقاولات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة :
تعاني المقاولات الكبيرة والمتوسطة والصغيرة من صعوبات بسبب المنافسة الغير المتكافئة، ولتحقيق المنافسة الشريفة يتطلب تعميم التصريحات على جميع المقاولات مع سلامتها من العيوب وهو ما يحمي الأجراء والمقاولات.
2- قطاع البناء :
والذي يعرف فوضى عارمة أكثر من جميع القطاعات الأخرى وهو ما يتطلب وضع حد لهذه الأوضاع المأساوية وذلك من الممكن تحقيقه إذا تم ربط المساعدات التي تقدم لهذا القطاع مع مدى احترامه لقانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي بما في ذلك تعميم التصريحات وسلامتها من العيوب.
3- القطاع الفلاحي :
والذي يعرف خروقات كثيرة سواء من حيث التصريحات أو من حيث سلامتها من العيوب خاصة وأن هذا القطاع يتوفر على تنظيم مهني قوي ويحضر جلسات الحوار الثلاثي الأطراف ويمكن عقد جلسة حوار ثلاثي حول هذا الموضوع.
4- قطاع المناولة :
ويمكن تطبيق القانون بالنسبة لهذا القطاع من خلال الحرص على احترام دفاتر التحملات خاصة وأن جل التعاقدات تتم مع مؤسسات الدولة.
5- قطاع المقاهي والمطاعم :
حيث يتطلب تطبيق مقتضيات مدونة الشغل خاصة المواد (376 إلى 381) المتعلقة بتوزيع الحلوان ومراقبته ، ويمكن تعميم الحماية الاجتماعية على هذا القطاع دون صعوبة إذا تم الحرص على احترام القانون
6- قطاع النقل :
والذي عرف عدة مبادرات خلال مرحلة حكومة عباس الفاسي حيث تم عقد اجتماعات متعددة تم فيها الاتفاق على القيام بمجموعة من الإجراءات من أجل تطبيق قانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مما يمكن جميع العاملين بهذا القطاع من الاستفادة من خدماته وتعميم التصريحات في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي مع سلامتها من العيوب، كما يتطلب الأمر تطبيق مقتضيات مدونة الشغل المتعلقة بالأجراء الذين يعملون بالقطعة وبالأخص المادة 359 من مدونة الشغل
7- القطاع الخدمات :
فيما يتعلق بالوحدات الصغيرة بما فيها (الميكانيك - الترصيص الصحي - النجارة وما يماثلها) ورغم الهشاشة التي يعرفها هذا القطاع واتساعه غير أن تطبيق قانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي ممكن من خلال تنظيم الحوار مع هذه الفئات على مستوى جميع الأقاليم والجهات.
8- قطاع الصناعة التقليدية :
فيما يتعلق بعمال الصناعة التقليدية الذين يشتغلون بوسائل الإنتاج العصرية فيمكن بفتح جلسات الحوار القطاعي معهم ضمان حمايتهم أكثر وذلك بتعميم مقتضيات قانون الشغل والضمان الاجتماعي عليهم .
9- القطاع السياحي :
فيما يتعلق بالقطاع السياحي وبجميع الوحدات التابعة له ، فأمام التطور الكبير الذي يعرفه هذا القطاع فان الامر يتطلب العمل من أجل تطبيق قانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي لكي يستفيد جميع العاملين من خدماته.
10- قطاع الحراسة ونقل الاموال :
رغم الدور الكبير الذي يقوم به هذا القطاع فانه يعرف خروقات كبيرة خاصة فيما يتعلق بتعميم التصريحات لدى صندوق الضمان الاجتماعي وكذا بسلامتها اضافة الى عدم احتساب ساعات العمل الحقيقية عند اداء الاجور.
وبشكل عام فإن جميع القطاعات المهنية تعرف خروقات حول قانون الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي وقانون الشغل بشكل متفاوت فيما بينها.
ومن أجل تعميم الحماية الاجتماعية على الأجراء مع سلامتها من العيوب يتطلب ذلك القيام بالخطوات التالية :
1- تنظيم ندوة وطنية تحسيسية وتوعوية بمشاركة الأطراف الثلاث وندوات على مستوى الجهات والأقاليم وعلى مستوى القطاعات المهنية التي أشرنا إليها.
2- إصدار مذكرات توضيحية بالنسبة لكل قطاع من القطاعات حسب طبيعته .
3- عقد دورات لمجلس المفاوضة الجماعية تخصص لتقوية دور الحماية الاجتماعية والبحث عن حلول لتطبيق قانون الشغل والضمان الاجتماعي وهي اسباب تحول دون توسيع ابرام اتفاقيات شغل جماعية .
4- عقد دورات لمجلس طب الشغل والوقاية من المخاطر المهنية لما للموضوع من علاقة بين الحماية الاجتماعية والتغطية الصحية وتوفير شروط الصحة والسلامة في أماكن العمل والوقاية من المخاطر المهنية.
5- برمجة مناقشة الحماية الاجتماعية ضمن جلسات الحوار الاجتماعي الوطني.
كل ذلك سيؤدي إلى :
1- تقوية الوضع المالي للصندوق الوطني للضمان الاجتماعي للقيام بمهامه على احسن وجه.
2- حماية المقاولة ومحاربة الاقتصاد غير المهيكل من خلال تحقيق وحدة التكلفة مما يؤدي إلى تقوية الاقتصاد الوطني.
3- حماية حقوق الأجراء فيما يتعلق بتوفير التغطية الاجتماعية والصحية.
4- تقوية التماسك الاجتماعي
5- المساهمة في تنقية المناخ الاجتماعي.
عبدالرحيم الرماح، رئيس منتدى التنمية الاجتماعية