محمد الغيث ماء العينين: إدراج البوليساريو على لائحة التنظيمات الإرهابية سيجعل الجزائر «دولة راعية للإرهاب»

محمد الغيث ماء العينين: إدراج البوليساريو على لائحة التنظيمات الإرهابية سيجعل الجزائر «دولة راعية للإرهاب» محمد الغيث ماء العينين، باحث في قضايا الصحراء المغربية والعلاقات الدولية
‏في‭ ‬أبريل 2025،‭ ‬أعلن‭ ‬النائب‭ ‬الجمهوري،‭ ‬عضو‭ ‬لجنة‭ ‬العلاقات‭ ‬الخارجية‭ ‬بالكونغرس‭ ‬الأمريكي،‭ ‬"جون‭ ‬ويلسون"،‭ ‬أنه‭ ‬سيقدم‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬لتصنيف‭  ‬البوليساريو‭ ‬"منظمة‭ ‬إرهابية"، متهما‭ ‬روسيا‭ ‬وإيران‭ ‬باستغلال‭ ‬الجبهة‭ ‬لإيجاد‭ ‬موطئ‭ ‬قدم‭ ‬بأفريقيا‭.‬
محمد الغيث ماء العينين، باحث في قضايا الصحراء المغربية والعلاقات الدولية، يدلي برأيه في هذا التصنيف:

 
 
إعلان‭ ‬النائب‭ ‬الجمهوري‭ ‬«جو‭ ‬ويلسون»‭ ‬عن‭ ‬عزمه‭ ‬تقديم‭ ‬مشروع‭ ‬قانون‭ ‬لتصنيف‭ ‬جبهة‭ ‬البوليساريو‭ ‬كمنظمة‭ ‬إرهابية،‭ ‬يشكّل‭ ‬تحولًا‭ ‬عميقًا‭ ‬في‭ ‬مقاربة‭ ‬الولايات‭ ‬المتحدة‭ ‬لهذا‭ ‬النزاع‭ ‬الإقليمي‭ ‬المزمن،‭ ‬ويندرج‭ ‬في‭ ‬إطار‭ ‬رؤية‭ ‬جديدة‭ ‬تعتبر‭ ‬الأمن‭ ‬والاستقرار‭ ‬في‭ ‬شمال‭ ‬إفريقيا‭ ‬أولوية‭ ‬إستراتيجية‭.‬

هذا‭ ‬التحول‭ ‬ليس‭ ‬معزولًا،‭ ‬بل‭ ‬يأتي‭ ‬في‭ ‬سياق‭ ‬تراكم‭ ‬معطيات‭ ‬ميدانية‭ ‬ومخابراتية‭ ‬تؤكد‭ ‬وجود‭ ‬علاقات‭ ‬مشبوهة‭ ‬ومتشعبة‭ ‬بين‭ ‬تنظيم‭ ‬البوليساريو‭ ‬وجماعات‭ ‬مسلحة‭ ‬تنشط‭ ‬في‭ ‬منطقة‭ ‬الساحل،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬مالي‭ ‬والنيجر،‭ ‬سواء‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تجارة‭ ‬السلاح‭ ‬أو‭ ‬التهريب‭ ‬أو‭ ‬توفير‭ ‬الملاذات‭. ‬كما‭ ‬أن‭ ‬معطيات‭ ‬موثقة‭ ‬قدمها‭ ‬المغرب‭ ‬سنة‭ ‬2018‭ ‬أكدت‭ ‬بشكل‭ ‬لا‭ ‬لبس‭ ‬فيه‭ ‬تورط‭ ‬إيران‭ ‬وحزب‭ ‬لله‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬البوليساريو‭ ‬بالسلاح‭ ‬والتدريب‭ ‬عبر‭ ‬الأراضي‭ ‬الجزائرية‭.‬

من‭ ‬المؤكد‭ ‬أن‭ ‬الجزائر‭ ‬ستكون‭ ‬المعنية‭ ‬الأولى‭ ‬بهذا‭ ‬التصنيف‭ ‬الأميركي‭ ‬إذا‭ ‬تم‭ ‬إقراره‭ ‬رسميًا،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬لأنها‭ ‬الدولة‭ ‬الحاضنة‭ ‬للجبهة‭ ‬منذ‭ ‬نشأتها،‭ ‬بل‭ ‬لأنها‭ ‬الطرف‭ ‬الممول‭ ‬والمسلح‭ ‬والمدافع‭ ‬عنها‭ ‬في‭ ‬المحافل‭ ‬الدولية،‭ ‬ولأن‭ ‬مقرات‭ ‬تنظيم‭ ‬البوليساريو‭ ‬العسكرية‭ ‬والسياسية‭ ‬توجد‭ ‬على‭ ‬ترابها‭ ‬وتحت‭ ‬إشراف‭ ‬مخابراتها‭.‬

إن‭ ‬إدراج‭ ‬البوليساريو‭ ‬على‭ ‬لائحة‭ ‬التنظيمات‭ ‬الإرهابية‭ ‬قد‭ ‬يفتح‭ ‬الباب‭ ‬أمام‭ ‬نقاش‭ ‬واسع‭ ‬داخل‭ ‬المؤسسات‭ ‬الأميركية‭ ‬حول‭ ‬تصنيف‭ ‬الجزائر‭ ‬نفسها‭ ‬كـ‭ ‬«دولة‭ ‬راعية‭ ‬للإرهاب»،‭ ‬أو‭ ‬على‭ ‬الأقل‭ ‬إخضاع‭ ‬مسؤولين‭ ‬جزائريين‭ ‬ـ‭ ‬عسكريين‭ ‬ومدنيين‭ ‬ـ‭ ‬لعقوبات‭ ‬فردية‭ ‬تشمل‭ ‬تجميد‭ ‬الأصول‭ ‬وحظر‭ ‬السفر،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬حال‭ ‬إثبات‭ ‬تورطهم‭ ‬المباشر‭ ‬في‭ ‬دعم‭ ‬عمليات‭ ‬ذات‭ ‬طابع‭ ‬إرهابي،‭ ‬أو‭ ‬في‭ ‬تسهيل‭ ‬أنشطة‭ ‬غير‭ ‬مشروعة‭ ‬عبر‭ ‬الساحل‭ ‬والصحراء‭.‬

هذا‭ ‬السيناريو‭ ‬ليس‭ ‬مبالغًا‭ ‬فيه‭. ‬فالسوابق‭ ‬الأمريكية‭ ‬في‭ ‬التعاطي‭ ‬مع‭ ‬حالات‭ ‬مشابهة‭ ‬كثيرة،‭ ‬وتبدأ‭ ‬عادة‭ ‬بتصنيف‭ ‬كيان‭ ‬تابع‭ ‬ثم‭ ‬تنتقل‭ ‬إلى‭ ‬الدولة‭ ‬الحاضنة،‭ ‬إذا‭ ‬لم‭ ‬تتخذ‭ ‬الإجراءات‭ ‬التصحيحية‭ ‬المطلوبة‭. ‬والجزائر،‭ ‬إذا‭ ‬أصرت‭ ‬على‭ ‬اعتبار‭ ‬البوليساريو‭ ‬«حركة‭ ‬تحرير»‭ ‬رغم‭ ‬تصنيفها‭ ‬الإرهابي‭ ‬المحتمل،‭ ‬فإنها‭ ‬قد‭ ‬تجد‭ ‬نفسها‭ ‬في‭ ‬مواجهة‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬مع‭ ‬المنظومة‭ ‬الغربية،‭ ‬خاصة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬القلق‭ ‬المتزايد‭ ‬من‭ ‬دورها‭ ‬الغامض‭ ‬في‭ ‬الساحل،‭ ‬وذاكرة‭ ‬العشرية‭ ‬السوداء‭ ‬التي‭ ‬تورطت‭ ‬فيها‭ ‬أجهزتها‭ ‬في‭ ‬إدارة‭ ‬العنف‭ ‬بدل‭ ‬محاربته‭.‬

المطلوب‭ ‬اليوم‭ ‬من‭ ‬المغرب‭ ‬أن‭ ‬يواصل‭ ‬نهجه‭ ‬المسؤول،‭ ‬وأن‭ ‬ينسّق‭ ‬مع‭ ‬شركائه‭ ‬الدوليين‭ ‬لتسليط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬التهديد‭ ‬الأمني‭ ‬الحقيقي‭ ‬الذي‭ ‬يمثله‭ ‬تنظيم‭ ‬البوليساريو،‭ ‬ليس‭ ‬فقط‭ ‬على‭ ‬وحدة‭ ‬المملكة،‭ ‬بل‭ ‬على‭ ‬استقرار‭ ‬المنطقة‭ ‬ككل‭. ‬لقد‭ ‬أكدت‭ ‬الوقائع‭ ‬أن‭ ‬الحكم‭ ‬الذاتي‭ ‬هو‭ ‬الحل‭ ‬الواقعي‭ ‬والسياسي،‭ ‬فيما‭ ‬يزداد‭ ‬تأكد‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬من‭ ‬أن‭ ‬دعم‭ ‬كيان‭ ‬انفصالي‭ ‬مسلح‭ ‬خارج‭ ‬القانون‭ ‬لم‭ ‬يعد‭ ‬مقبولًا،‭ ‬لا‭ ‬أخلاقيًا‭ ‬ولا‭ ‬أمنيا‭.‬