دعم حكومي لبرلماني سابق من حزب الأمل يُفجّر جدلًا حول "الأحرار" ووزيرة الصيد البحري

دعم حكومي لبرلماني سابق من حزب الأمل يُفجّر جدلًا حول "الأحرار" ووزيرة الصيد البحري الوزيرة زكية الدريوش
في خضم الجدل الذي أثاره إعلان كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري، زكية الدريوش، عن مشروع مدعوم لتربية الرخويات استفاد منه النائب امبارك حمية، انطلقت سهام الانتقادات من بعض الأصوات المعارضة باتهامات بالمحاباة الحزبية، رغم أن المعني بالأمر كان حينها عضواً في حزب الأمل، لا في حزب الوزيرة.

إذ كشفت مصادر لجريدة "أنفاس بريس"، فضّلت عدم ذكر اسمها، أن النائب امبارك حمية لم يكن ينتمي لحزب التجمع الوطني للأحرار عند حصوله على الدعم، بل كان حينها عضوًا بحزب الأمل، مؤكدة أن الدعم تم وفق دفتر تحملات واضح.

هذا التباين بين الوقائع وسياق الهجوم السياسي، أعاد طرح أسئلة أعمق حول طبيعة تدبير الدعم العمومي في قطاع الصيد البحري، وحدود التداخل بين العمل السياسي والحزبي، خاصة حين تُستعمل قضايا تنموية ذات طابع تقني كوقود لصراعات سياسية.
أثار تصريح لزكية الدريوش، كاتبة الدولة المكلفة بالصيد البحري وعضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار، جدلًا واسعًا في الأوساط السياسية وفي صفوف المهنيين بقطاع الصيد البحري، وذلك عقب إعلانها عن دعم حكومي استفاد منه أحد البرلمانيين الذي ينتمي حاليا لحزبها لإنجاز مشروع لتربية الرخويات البحرية بمدينة الداخلة.

جاء التصريح خلال لقاء حزبي نظّمه حزب الأحرار بمدينة الداخلة في 3 ماي 2025، بحضور رئيس الحكومة عزيز أخنوش، حيث كشفت الدريوش عن استفادة النائب امبارك حمية، الذي يشغل منصب أمين مجلس النواب، من دعم بقيمة 11 مليون درهم لإنشاء مشروع لتفريخ الرخويات، في إطار استراتيجية "أليوتيس" لتطوير قطاع الصيد البحري.

تصريح كاتبة الدولة لم يمر دون ردود فعل سياسية حادة، إذ وجّه النائب البرلماني مصطفى إبراهيمي عن مجموعة العدالة والتنمية سؤالًا كتابيًا إلى الحكومة، طالب فيه بتوضيحات حول الإطار القانوني ومعايير الاستفادة من هذا الدعم. وتساءل ما إذا كان المشروع قد خضع فعلًا للمسطرة المعتمدة ودفتر التحملات، أم أن الانتماء الحزبي لعب دورًا في تسهيل الحصول على التمويل.

كما دعا إبراهيمي إلى الكشف عن القيمة الإجمالية للدعم العمومي الموجّه لمشاريع مماثلة خلال السنوات الأخيرة وعدد المستفيدين منها، مسجلًا "استغرابًا واسعًا في صفوف المهنيين"، خاصة وأن الإعلان عن الدعم تم في سياق حزبي، أمام أعضاء حزب بعينه، ما يطرح على الأقل إشكالًا أخلاقيًا، حسب تعبيره.

من جهته، أكد حميد حليم، رئيس مؤسسة "المغرب الأزرق" المتخصصة في شؤون الصيد البحري، أن الموضوع بعيد عن المزايدات و"الصيد في المياه العكرة"، مشيرًا إلى أن المغرب، بفضل جهود كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، يُعد من الدول الرائدة في مكافحة الصيد غير القانوني.

وأشار إلى أن مشاريع تربية الأحياء البحرية بخليج الداخلة أُطلقت خلال عهد حكومة سعد الدين العثماني، إن لم تخنه الذاكرة، وكانت تمر أمام أعين رئيس الحكومة السابق عبد الإله بنكيران.

واعتبر حليم أن تصريح كاتبة الدولة بشأن دعم الاستثمارات في تربية الأحياء البحرية هو تصريح صادر عن مسؤولة شجاعة وتكنوقراطية، تدرك جيدًا أن الشفافية جزء لا يتجزأ من المسؤولية.

وبخصوص الدعم، أكد المتحدث في تصريح لـ"أنفاس بريس" أن الأمر يتعلق بدعم عمومي يُمنح عبر آليات مراقبة دقيقة، وفي إطار طلبات إبداء الاهتمام، ومن حق أي مواطن مغربي الاستفادة منه، سواء كان اسمه امبارك حمية أو عبد الإله بنكيران. وأضاف أن هناك العديد من المنتمين لحزب العدالة والتنمية، ومنهم رفاق إبراهيمي، يستفيدون من برامج تنمية الصيد البحري وتربية الأحياء البحرية.

وتابع أن تركيز الجدل على شخص واحد فقط لمجرد انتمائه لحزب الأحرار وفي مناسبة حزبية، يعد نوعًا من "الصيد العشوائي"، معتبرًا أن كاتبة الدولة لم تتستر على زميلها في الحزب، بل تعاملت بمنطق الشفافية والوضوح، وهو ما يُحسب لها بدلًا من مهاجمتها أو تحوير كلامها لأغراض إعلامية وسياسية ضيقة.

وكشف المتحدث أن معظم الفاعلين في قطاع الصيد البحري، تاريخيًا، ينتمون إلى حزب التجمع الوطني للأحرار، وهم مستثمرون وفاعلون اقتصاديون على الأرض، مشيرًا إلى أن المؤسسات الكبرى في القطاع يشغلها أعضاء بالحزب، مثل: جامعة غرف الصيد البحري، غرفة الصيد البحري المتوسطية بطنجة، غرفة الصيد الأطلسية الوسطى بأكادير، غرفة الصيد الأطلسية الشمالية بالدار البيضاء، والفدرالية الوطنية للصيد البحري التابعة للاتحاد العام لمقاولات المغرب.

وفي سياق متصل، أوضحت كتابة الدولة المكلفة بالصيد البحري، بشكل غير رسمي، أن الدعم لا يُمنح للأشخاص بناءً على انتمائهم السياسي، بل في إطار برنامج دولي ممول من البنك الإسلامي للتنمية، البنك الدولي، والاتحاد الأوروبي.

وأكد مصدر من الوزارة، في تصريح لجريدة "صوت المغرب"، أن الاستفادة تخضع لدفتر تحملات دقيق يتضمن شروطًا تقنية ومالية، من بينها التوفر على البنية العقارية والاستدامة المالية. كما أوضح أن الدعم لا يُقدَّم في شكل مالي مباشر، بل عبارة عن تجهيزات ومعدات ضرورية لإطلاق المشاريع.

وأشار إلى أن البرنامج استفاد منه أكثر من 592 مشروعًا منذ انطلاقه، منها 570 مشروعًا يقودها شباب، إلى جانب أكثر من 12 تعاونية، مؤكدًا أن أبواب الاستفادة تبقى مفتوحة أمام جميع حاملي المشاريع خلال الفترة 2024–2026، وفق شروط موحدة.

يأتي هذا الجدل في وقت تشهد فيه جهة الداخلة وادي الذهب طفرة نوعية في مشاريع تربية الأحياء المائية، حيث تم الترخيص لأكثر من 300 مشروع، مما جعل المدينة قطبًا وطنيًا في إنتاج وتثمين الرخويات والأسماك البحرية.

وقد أكدت كاتبة الدولة في كلمتها باللقاء الحزبي أن الحفاظ على الثروة السمكية الوطنية دفع إلى إحداث "الوكالة الوطنية لتنمية الأحياء البحرية"، وأن الداخلة أصبحت القطب الأول في المغرب في هذا المجال، حيث تم الترخيص لـ300 مشروع لتربية الأحياء البحرية، إضافة إلى 136 مشروعًا قيد الإنجاز.

وأوضحت أن 100 تعاونية وشركة استفادت من دعم بلغ 172 مليون درهم، استفاد منه نحو 500 شاب، إلى جانب تكوينهم وتأطيرهم علميًا، مع إحداث شعبة أكاديمية لتربية الأحياء البحرية تحت إشراف خبراء في الميدان. كما تم بناء 80 برجة، ورُصد مبلغ 115 مليون درهم لدعم سلاسل الإنتاج، مع تخصيص 7 ملايين درهم لعشر تعاونيات، و40 مليون درهم للدفعة الثانية من طلبات العروض.

كما أشارت إلى استفادة مئات الصيادين التقليديين من الضمان الاجتماعي، بعد مصادقة الحكومة على مشروع مرسوم يأخذ بعين الاعتبار موسمية نشاط الصيد.

تُعد الرخويات من أبرز الثروات البحرية بالمنطقة، إذ يُسجَّل خليج الداخلة حوالي 45% من الإنتاج الوطني، وتُصدَّر نسبة كبيرة منه إلى الخارج، مما يفسر تركيز الدولة على تطوير هذه السلسلة الإنتاجية.

وفي حين تدافع الحكومة عن برامجها في تربية الأحياء المائية باعتبارها ركيزة للأمن الغذائي والاستدامة، تؤكد المعارضة أن الشفافية وتكافؤ الفرص يجب ألا يتأثرا بالانتماءات السياسية، خصوصًا في قطاعات تستفيد من تمويلات عمومية ودولية.