الجامعي هشام كزوط  يدعو إلى إعادة النظر في أركان المسؤولية الاجتماعية للاتصال الجماهيري

الجامعي هشام كزوط  يدعو إلى إعادة النظر في أركان المسؤولية الاجتماعية للاتصال الجماهيري هشام كزوط منسق ماستر الصحافة والاعلام الرقمي بجامعة محمد الأول وجدة

أكد هشام كزوط منسق ماستر الصحافة والاعلام الرقمي بجامعة محمد الأول وجدة، ندوة دولية نظمها مسلك التميز في الصحافة والإعلام بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ببني ملال، ما بين 2و3 ماي 2025، بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أنه بات من الضروري اليوم إعادة النظر في أركان المسؤولية الاجتماعية للاتصال الجماهيري، بالاهتمام أكثر بتجديد الفلسفة الأخلاقية لمهنة الصحافة ومستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي.

 

كما دعا كزوط الذي كان يتحدث أمام هذه الندوة في نسختها الرابعة المنظمة في موضوع " الإعلام والقانون.. التحديات والفرص في العصر الرقمي" بتعاون مع اللجنة المؤقتة لتسيير شؤون قطاع الصحافة وشركاء آخرين، وبتنسيق مع مكاتب ابن خلدون ، إلى العمل على تحيين جزاءاتها التأديبية، بالاستفادة من الرؤى الفلسفية المعاصرة، والاجتهادات القضائية المصاحبة للتجاوزات التي  أضحت تشهدها مهنة الصحافة، وذلك بتبيان دقيق للقواعد السلوكية والأخلاقية، وتحديد مفصلي لكل الالتزامات الأساسية التي يجب أن يتحلى بها كل صحافي وصحافية أو القائم بعملية الاتصال في البيئة الرقمية.

 

وتحت عنوان " حرية التعبير في الحقل الإعلامي بين فلسفة الأخلاقيات والضوابط القانونية : من العنف الرمزي إلى الضبط الاجتماعي" أوضح الأستاذ هشام كزوط، في مداخلته، أن المنظور الفلسفي للحرية يتحدد باعتبارها ضرورية للوصول إلى الحقيقة وتطور الفكر البشري حسب جون ستيوارت ميل"، وأن الحُرية معيار لتقييم الفعل الأخلاقي،. وفقاً للتحديد الاجتماعي والتاريخي والسياسي للمجتمع، ومن جهة أخرى اعتبر أن الإعلامي ليس مجرد ناقل للمعلومات، بل هو فاعل اجتماعي يتحمل مسؤولية أخلاقية كبرى.

 

ويرى أن الإعلامي بمثابة المثقف العضوي، الذي يجعل من الإعلام فضاء عموميا بالمفهوم الغرامشي، يسهم في النقاش العمومي العلني الحر، القادر على بناء الصرح الديمقراطي، لذا تأخذ العلاقة القائمة بين الإعلام والحقل المجتمعي في الأدبيات النظرية أبعادا عدة، تجعل من حضور الإعلام ضرورة تنموية وحتمية اتصالية.

 

وارتباطا بالواقع الإعلامي المغربي لاحظ كزوط أن الثورة التكنولوجية المتسارعة، ومع ظهور التقنيات الرقمية الجديدة، برزت العديد من الانزياحات الأخلاقية والتجاوزات القانونية في الممارسة الإعلامية، شكلت نوعا من العنف الرمزي في الرسالة الإعلامية موضحا أن تجليات أولى صورها، تمثل في التضليل الاعلامي لعقول الجماهير على حد قول باولو فرير Paulo Freire فهو أداة القهر الجديدة لتطويع الراي العام واحتواء المجتمع ومن ثمة تحقيق الضبط الاجتماعي.

 

ومن جهة ثانية تتجلى في إضعاف الحساسية ضد الممنوعات الثقافية والثوابت المجتمعية عبر الاستهتار بالقيم الانسانية والمجتمعية بتتبع عورات المشاهير وانتهاك الحياة الخاصة للأفراد، إلى جانب التشكيك في الحقائق والقضايا التاريخية بين التهويل والتهوين، تبعا لسياسات الخط التحريري للوسيلة الإعلامية، وتستجيب للإملاءات الخارجية التي تكون وراءها الدوائر السياسية المتحكمة، والمؤسسات المالية الداعمة.

 

أما من جهة ثالثة، فعبر الأستاذ كزوط أن صور الانزياحات الأخلاقية في الممارسة الإعلامية، تتضح في التهافت وهوس تتبع عورات المشاهير والفنانين والانسياق وراء التفاهات في كل المجالات في ظل انتشار ثقافات سطحية وهجينة

 

نتيجة السلوكيات العنيفة المتخفية أو ما يسميه (جون بودريار) “شفافية الشر و العنف” في مواقع التواصل الاجتماعي، مؤكدا على أن وفرة المحتويات الرقمية فرضت الإذعان والرضوخ لعنف التقنية والحتمية التكنولوجية. في مقابل التمرد على الذات والواقع الاجتماعي تماشيا مع فلسفة مجتمع ما بعد الحداثة .

 

وشكلت هذه الندوة، التي عرفت مشاركة، نخبة من الأساتذة الجامعيين والصحفيين وممثلي مؤسسات تكوين الصحافيين من المغرب ودول عربية وإفريقية، منصة للحوار بهدف تعزيز البحث وتبادل المعارف حول التحديات الراهنة التي تواجهها وسائل الإعلام في العصر الرقمي، وتتوخى هذه التظاهرة الدولية. كما سلطت الضوء على دور البحث والتبادل المعرفي في تعزيز واحترام وحماية الحقوق، في سياق يشهد تغيرات متسارعة على الصعيدين الوطني والدولي.

 

وقاربت الندوة العلاقة بين الإعلام والقانون، من زوايا متعددة تشمل حرية التعبير والأطر القانونية الوطنية، والتفاعلات بين الصحافة الرقمية والأنظمة القانونية، وانتشار الأخبار الزائفة والمعلومات المضللة، وحقوق المؤلف في العصر الرقمي، والقوانين المتعلقة بحماية المعطيات الشخصية، وتخلل هذه التظاهرة الدولية، ورشات علمية من تأطير خبراء مغاربة وأجانب، تناولت التحديات القانونية المرتبطة بالإعلام، مع تقديم تشخيص لحالة التكوين الصحفي بالجامعات المغربية وآفاق تطوره.