فاق عدد المسيرين للشأن الرياضي عشرة رؤساء غالبيتهم يدبرون شؤون كرة القدم، لكن لا أحد منهم أدين بجرم رياضي، لأن غالبية صكوك الإدانة تتعلق بقضايا بعيدة عن التدبير المالي للفرق.
"الوطن الآن" تعيد قراءة هذه الظاهرة وتسلط الضوء على سجناء ليسوا كالآخرين.
ثلاثة رؤساء للرجاء خلف قضبان سجن عكاشة
تسارعت في السنتين الأخيرتين حملة متابعة رؤساء أندية كرة قدم متورطين في قضايا مختلفة، وهو الأمر الذي لا يعتبر توجها جديدا في المغرب وتنزيلا لعدالة لا فرق فيها بين الرئيس والمرؤوس، بل إن الظاهرة مألوفة أيضا في أوساط الكرة الأوروبية والعربية والإفريقية، مع اختلاف في الأسباب وطبيعة القضايا.
مساء الخميس 24 أبريل 2025، حطت الطائرة التي تقل على متنها محمد بودريقة، الرئيس السابق لنادي الرجاء البيضاوي والعضو الجامعي والنائب البرلماني السابق، بمطار محمد الخامس الدولي بالدار البيضاء، بعد أن كان موقوفا لدى السلطات الألمانية بناء على مذكرة بحث دولية، وبعد استكمال الإجراءات القانونية اللازمة تم نقله صوب سجن عكاشة. وكان المدعي العام الألماني قد وافق على طلب تسليم البرلماني السابق ورئيس فريق الرجاء الرياضي الأسبق للسلطات المغربية، بعد أن كان في الاحتجاز منذ شهر يوليوز 2024، حين حل بمدينة هامبورغ الألمانية قادما من دبي لمجالسة المدرب الألماني زينباو، حيث تم احتجازه بناء على إشعار صادر عن الشرطة الأوروبية "يوروبول"، وتنفيذا لمذكرة بحث دولية صادرة في حقه.
بدأت معاناة محمد بودريقة حين تم عزله من منصبه كرئيس لمقاطعة مرس السلطان، بسبب غيابه عن مهامه لأشهر، وكانت سلطات عمالة الفداء مرس السلطان بالدار البيضاء قد أحالت قضية العزل على المحكمة الإدارية التي أيدت قرارها في موضوع الرئيس.
وفي يناير 2025، أقدم مجلس النواب على شطب اسم النائب البرلماني محمد بودريقة من لوائح أعضائه، استنادا إلى مقتضيات القانون التنظيمي رقم 27/11، وجاء هذا القرار إثر تأكد رئاسة مجلس النواب من غياب بودريقة عن الحضور إلى قبة البرلمان لمدة فاقت السنة، مما استوجب إحالة ملفه على المحكمة الدستورية للبت في وضعيته، وأكدت إجراء العزل.
أوزال والبدراوي.. لقاء في الملاعب والمحاكم
في 26 نونبر 2024، تم اعتقال امحمد أوزال، الرئيس السابق للرجاء الرياضي، والذي شغل مهام قيادية في الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم كنائب للرئيس ثم رئيسا للمجموعة الوطنية لكرة القدم، بتهم ثقيلة على غرار خيانة الأمانة، والاحتيال وإصدار شيكات بدون رصيد، بناء على الشكاية التي تقدمت بها إحدى شركات التأمين. وفي نهاية شهر دجنبر من نفس السنة قضت المحكمة الزجرية الابتدائية بعين السبع بالدار البيضاء، بإدانة أوزال بثلاث سنوات ونصف حبسا نافذا، كما أصدرت النيابة العامة أمرا بإلقاء القبض على نجله خالد أوزال، الذي يوجد خارج الوطن.
قبل هذا التاريخ وتحديدا في 9/2/2024، أمر قاضي التحقيق بالمحكمة الزجرية بالدار البيضاء بوضع عزيز البدراوي الرئيس السابق للرجاء، رهن الاعتقال الاحتياطي بسبب شبهات تبديد واختلاس أموال عمومية.
اليوم وبعد استقبال عكاشة لمحمد بودريقة وأوزال ثم البدراوي، يدور جدل بين أنصار الرجاء والوداد حول عدد المعتقلين من كل فريق، وهو النقاش الساخر الذي تشهده منصات التواصل الاجتماعي.
الناصري رئيس الوداد الرياضي في عكاشة
فجرت صحيفة «جون أفريك» الفرنسية، مفاجئات عديدة في قضية تتعلق بمواطن مالي يدعى أحمد بن إبراهيم، المعروف بـ «إسكوبار الصحراء»، بعد أن كشفت عن تورط مجموعة من الأسماء من بينها سعيد الناصري رئيس مجلس عمالة الدار البيضاء ورئيس نادي الوداد الرياضي، وعبد النبي بعيوي، رئيس مجلس جهة الشرق، وهما معا ينتميان لحزب الأصالة والمعاصرة، و23 متهما متابعين في نفس الملف.
في 22/12/2023، قرر قاضي التحقيق إحالة سعيد الناصري ومن معه على سجن عكاشة، والشروع في محاكمتهم وسط متابعة إعلامية مكثفة، ومع مرور الأيام تبين أن الرئيس السابق للوداد يتابع بجناية تسهيل تهريب المخدرات واستغلال النفوذ، وتبييض أموال، بينما يسعى محامي هذا الأخير لتبرئة موكله، بينما تواصل المحكمة استكمال الاستماع إلى باقي المتهمين والشهود لتحديد مآل هذه القضية التي يتابعها الرأي العام الوطني بكثير من الاهتمام.
مسيرون عابرون في سجون المملكة
بعيدا عن قطبي مدينة الدار البيضاء، فقد سبق للنائب البرلماني السابق محمد الحيداوي، رئيس نادي أولمبيك آسفي، أن أقام في سجن عكاشة والسجن المحلي بالجديدة، قبل أن يغادر هذا الأخير يوم 26 مارس 2024، وذلك بعد انتهاء عقوبته على خلفية ما سمي بـ "فضيحة تذاكر مونديال" قطر التي أثارت جدلا واسعا.
وكان الحيداوي، الذي اعتقل بتاريخ 26 يوليوز 2023، قد أدين ابتدائيا بالحبس 18 شهرا قبل أن تقرر محكمة الاستئناف بالدار البيضاء تخفيف الحكم الابتدائي، والحكم عليه بالحبس ثمانية أشهر نافذة.
رؤساء آخرون في شباك القضاء
لم تكن الحالات المذكورة سلفا هي الأولى في علاقة رؤساء الفرق المغربية بالسجون، إذ جرى اعتقال عدد من رؤساء الأندية الأخرى في السنوات الأخيرة، أبرزهم الرئيس السابق لشباب الحسيمة والعضو الجامعي السابق محمد بوشحاتي، والرئيس السابق لاتحاد الفقيه بن صالح محمد مبديع والرئيس السابق للمغرب التطواني وعضو الجامعة الملكية المغربية لألعاب القوى رشيد التمسماني، وسعيد شعو، الرئيس السابق للرجاء الرياضي الحسيمي، ومحمد فكان الرئيس السابق لفريق الدفاع الحسني الجديدي، ومحمد عدال الرئيس السابق لفريق شباب مريرت والعضو الجامعي الأسبق وغيرهم من الرؤساء الذين تعددت انتماءاتهم وتعددت طبيعة التهم التي لاحقتهم.