السفير عبد القادر زاوي: تنظيم الـ CAN في خبر كان

السفير عبد القادر زاوي: تنظيم الـ CAN في خبر كان

انفض السامر، "مول المليح باع وراح"، كما يقول المثل في المغرب الشرقي.. كأس إفريقيا للأمم 2015 لن تنظم في المغرب، وإنما في غينيا الاستوائية، والمنتخب المغربي لن يشارك فيها، تاركا مكانه لنظيره الغيني الاستوائي. ولا شك أن الحبل لا يزال على الجرار، فالمزيد من العقوبات والعزلة الرياضية في الانتظار، كما توعد ويتوعد رئيس الاتحاد الإفريقي عيسى حياتو.

ولذلك فعلى باعة الوهم أن يتوقفوا عن ترويج أطروحات لا تسمن ولا تغني من جوع، واستخدام أسطوانات مشروخة لا تقدم ولا تؤخر، وضررها أكبر من نفعها إن كان لها نفع من الأصل.

فلا شعارات التشبث بالتنظيم والتمسك بالتأجيل، ولا المزايدات على الاتحاد الإفريقي بطلب التعويض منه، التي يحاول تسويقها من يدعون أنهم أكثر "تمغربيت" من الآخرين بقادرة على تغيير ما حصل أو إعادة عقارب الساعة إلى الوراء.

رغم أن المغرب سعى إلى تحييد الجانب الرياضي عن الجانب السياسي في خلافه مع الكاف، فإن المعركة الحقيقية الآن لم تعد رياضية صرفة، وإنما باتت سياسية ودبلوماسية بامتياز مرتدية أسمالا قانونية.

والواجب أن يتم الاستعداد لها، بل والمبادرة إليها من هذا المنطلق لتخفيف أثر العقوبات المنتظرة إن لم نتمكن من تفاديها خشية دخول كرة القدم المغربية متاهة الدوران في حلقة مفرغة قاتمة، وخدمة لفرقنا ومنتخباتنا المختلفة الأعمار التي ستفقد حتما حماستها إذا ما رأت نفسها دون تحديات قارية تقيس من خلالها تطورها وقوتها وجهود عملها، خاصة وأن الإطار الإفريقي شاء البعض أم أبى هو بوابة ولوج العالمية التي نرنو إليها منذ زمن بعيد.

- إن الاتحاد الإفريقي سيندم فهو الذي يحتاج المغرب، بينما الحقيقة هي العكس. فالمكانة الرياضية للمغرب عالميا جاءت من خلال إنجازاته الإفريقية التي تحققت من خلال المسابقات التي ينظمها الاتحاد الإفريقي.

- ترويج التفسير الأحادي الجانب لمفهوم القوة القاهرة، الذي أسبغناه من طرف واحد على وباء إيبولا ورتبنا عليه تبعا ذلك قرار المطالبة بالتأجيل من دون أن نشفع تفسيرنا برأي قانوني أو علمي محايد ومعترف به دوليا، بل ورفضنا أن يعتبره الاتحاد الإفريقي عكس ذلك. وقد سقنا لذلك حججا وسوابق في هذا المجال إذا دققنا النظر فيها بموضوعية فستكون حجة علينا وليست لنا.

فكيف ذلك؟

- لقد طلبنا التأجيل لستة أشهر أو لسنة على أبعد تقدير على أمل أن دواء ناجعا أو مصلا فعالا واقيا سيمكن اكتشافه خلال تلك المدة مستندين في ذلك على تصريحات صادرة من هنا وهناك تفيد بإمكانية اقتراب موعد ايجاد الدواء أو المصل الموعود. فما العمل إذا لم يتوصل العلم خلال هذه المدة لهذا العلاج هل سنطلب التأجيل ثانية؟

- أثار البعض سابقة تخلي مصر عن استضافة التصفيات الإفريقية المؤهلة لأولمبياد لندن سنة 2011 بحجة تدهور الأوضاع الأمنية في أرض الكنانة وقيام المغرب بتنظيم تلك التصفيات بدلا عنها وبمشاركتها. والحقيقة أن التسرع في البحث عن الذرائع والحجج مهما كانت واهية جعل هذا البعض ينسى أن الاتحاد الإفريقي آنذاك هو الذي كيف الأوضاع الأمنية كقوة قاهرة وليست مصر على العكس تماما مما يحصل الآن مع المغرب.

فهذه المرة لا ينبغي الاستعداد للقضاء الرياضي فقط، وإنما لابد من استباق العقوبات، على عكس ما فعلنا عند طلب التأجيل حيث لم نستشر أحدا ولم نبحث عن دعم أحد، واعتبرنا تقديم الطلب في حد ذاته شكلية ستنفذ من تلقاء ذاتها، خصوصا وقد انخدعنا بردود أولية كانت فضفاضة وتبين أنها كانت حمالة أوجه أيضا.

ومرد هذه الخطوة ليس فقط ما يروج عن عقوبات قاسية تنتظر المغرب، وإنما في الحقيقة ما تفوه به رئيس الاتحاد عيسى حياتو من كلام لا يمكن السكوت عنه؛ وذلك عندما أكد أنه لن يسمح لأحد بهدم ما بناه الأفارقة على مدى 57 سنة. فإذا ما تم تحليل هذه الكلمات سيتضح أن السيد عيسى حياتو لا يتهم المغرب بذلك الهدم كما أولت بعض وسائل الإعلام كلامه، وليته فعل، لأن ما قصده أخطر من ذلك بكثير. فالمغرب من وجهة نظره لم يتحرك بوازع أخلاقي من تلقاء ذاته، وإنما هو مجرد أداة لتنفيذ مخطط أكبر حسب ما أسر حياتو نفسه لبعض المقربين منه.

ومثل هذا الكلام وما يخفيه من ضغينة قد يوحي للبعض بالبحث عن مواقف سياسية لتوظيف هذا الحادث في السعي إلى عزل المغرب عن انتمائه وامتداده الإفريقي حيث يستثمر الكثير من الإمكانيات. فهل نكسب معركة التشبث بعمقنا الإفريقي والتمسك بروابطنا مع إخوتنا الأفارقة بعد الإخفاق في التشبث بالتنظيم والتمسك بالتأجيل؟